كابوس في ...: عندما يصبح الفساد فضيلة!

كابوس في ...: عندما يصبح الفساد فضيلة!
د.عزام عنانزة
أخبار البلد -  

رأيتني في حلمٍ غريب، أو ربما كابوسٍ مريع، أضعت فيه كل مفاهيمي عن الصواب والخطأ. كنت أسير في دهاليز مؤسسةٍ وطنية عظيمة، كانت يومًا ما منارةً للعلم والفكر، لكنها تحوّلت إلى أنقاضٍ يسكنها أشباح الفساد، ويخيم عليها صمتٌ ثقيلٌ كصمت المقابر. كانت الجدران متصدعة، والمكاتب مكدسة بالملفات المتعفنة، وعند المدخل الكبير، وقف تمثالٌ ذهبيٌ لرجلٍ ببدلة رسمية، يحمل في يده ميزان العدالة، لكنه كان مائلًا بشدة نحو كومةٍ من "الواسطات" والمحسوبيات.

تقدّمتُ بخطواتٍ مرتعشة، ورأيت رئيس المؤسسة جالسًا على عرشٍ فاخر، محاطًا بحاشيته التي تتنافس في التصفيق والتطبيل. كان الرجل منهمكًا في قراءة قائمة طويلة من الأسماء، يوزع بعنايةٍ فائقة بعثاتٍ ومنحًا ووظائفَ هنا وهناك، لكن العجيب أن الأسماء جميعها كانت متشابهة! أبناء العم، أبناء الخال، أولاد المسؤول الفلاني، أقارب نائب الرئيس، صهر رئيس الدائرة الفلانية. أما أصحاب الكفاءة، فقد كانوا مكبلين بالسلاسل، جالسون في زاويةٍ معتمة، يحدقون في المشهد بحزنٍ وذهول.

اقتربتُ أكثر، فوجدتُ دفترًا ضخمًا مكتوبًا عليه "ديون المؤسسة"، فتحته فإذا بالأرقام تقفز من الصفحات كوحوشٍ جائعة، 39 مليون، 50 مليون، 70 مليون، ثم فجأة 87.5 مليون دينار! همستُ متسائلًا: "كيف تراكمت هذه الديون؟" فجاءني صوتٌ ساخرٌ من أحد الموظفين وهو يمضغ ورقة نقدية قائلاً: "هذه هي المعجزة الاقتصادية الكبرى! ننفق ولا نعرف على ماذا، نعين ولا نعرف من نعيّن، نبتعث ولا نعرف لماذا، المهم أن الجميع سعيدٌ... عدا المؤسسة التي دخلت غرفة الإنعاش!"

حاولت الهروب من هذا المكان المخيف، لكنني وجدتُ نفسي في غرفةٍ أخرى أكثر ظلمة، حيث جلس مسؤولون يعقدون اجتماعًا طارئًا. كنت أظن أنهم يناقشون كارثة الفساد، أو ربما يحاولون إنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسة العريقة، لكن المفاجأة كانت أنهم كانوا يناقشون شيئًا مختلفًا تمامًا: "هل نكرّم الفاسدين هذا العام بأوسمة الشرف؟ أم ننتظر حتى نضاعف الديون أكثر؟!"

أحدهم اقترح أن يتم منح كل متورطٍ وسام النزاهة والشفافية! وآخر قال: "لمَ لا نرفع صورهم في مداخل المؤسسة؟ فهم قدوةٌ في كيفية تحويل مؤسساتنا إلى تركاتٍ عائلية!" أما الثالث، فقد اقترح بجدية أن يتم إنشاء تمثالٍ ضخمٍ يحمل شعار: "المؤسسة ملكٌ خاص.. لا تُدخل الغرباء!"

لم أعد أحتمل، ركضتُ إلى الخارج، وأنا أبحث عن أحدٍ يوقف هذه المهزلة. رأيت رجال الدولة يجلسون في مقاعدهم الوثيرة، يشاهدون العرض بأعينٍ نصف مغلقة، وكأن الأمر لا يعنيهم. صرخت: "أين الدولة؟ أين القانون؟ أين المساءلة؟" لكن أحد المسؤولين نظر إليّ شزرًا وقال: "أنت مثاليٌ أكثر من اللازم، هذه هي قواعد اللعبة الجديدة! إما أن تقبل وتطبل، أو تسكت وتصمت!"

فجأةً، دوى صوتٌ ضخم، كأن الجدران تتهاوى، وكأن المؤسسة تبتلع نفسها. استيقظتُ فزعًا، ألهثُ وأمسح العرق عن جبيني. نظرتُ حولي، وجدتُ الصحف تتحدث عن الفضيحة، عن المحسوبيات، عن الديون، عن الانهيار، وعن الصمت الرهيب. أدركتُ أن ما رأيته لم يكن كابوسًا... بل كان الواقع نفسه، بألوانه القاتمة وسخريته السوداء.

والسؤال الآن: هل ستبقى هذه القصة مجرد حلمٍ مزعج، أم أن هناك من سيستيقظ ليوقف هذا الجنون قبل فوات الأوان؟
شريط الأخبار 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا