نستكمل هنا ما قد بدأناه في المقالات الثلاث السابقة الملاحظات المتعلقة بقانون الشركات الخاص بالشركات المساهمة العامة وهذه الملاحظات ووجهة النظر لا تكتمل إلا من خلال التعقيب عليها من المشتغلين بأمور الشركات المساهمة العامة من مستثمرين وأعضاء مجالس وقانونيين ومشرعيين وجهات رقابية من دائرة مراقبة شركات وهيئة أوراق مالية نحو نقاش هادف وموضوعي يصب في المصلحة العامة .
سجل المساهمين
البند (د) من المادة (98) يتيح للمساهم الإطلاع على سجل المساهمين فيما يخص مساهمته لأي سبب كان وعلى كامل السجل لأي سبب معقول .
إن تحديد حق المساهم اصطلاحا بالإطلاع فيه انتقاص من حق المساهم بالحصول على كشف بأسماء المساهمين والإنتقاص متأتي من أن مجلس إدارة الشركة ومديرها العام والمدير المالي بحكم عملهم وإطلاعهم على بيانات المساهمين لهم ميزة وسيطرة على إدارة قرارات الهيئات العامة من خلال تجميع التفاويض فيما يفقد المساهمون الأخرون قدرتهم على تكوين رأي مخالف يمكن فرضه على الهيئة العامة لعدم توفر النصاب اللازم كمجموع أسهم . إن العدالة تقتضي أن يكون سجل المساهمين متاح من خلال الوسائل الأليكترونية قبل إنعقاد الهيئات العامة العادية وغير العادية .لقد أتاح القانون المعدل لقانون الشركات رقم (20) لعام 2023 من خلال البند (ب) في المادة (160) نص صريح :(تتمتع أقلية المساهمين بحقوق وضمانات في الشركة على أن تحدد نسبتهم وحقوقهم بموجب تعليمات تصدرها الهيئة ) إن مضمون هذا البند يمكن المساهمين من حقوقهم التي لاتتعارض مع جوهر قانون الشركات ويمكن الإحتجاج بهذه المادة لمنع التغول على صغار المساهمين في حالات كثيرة منها حق الحصول على الكشوفات اللازمة لتكوين رأي وأيضا الإستفادة من مضمون هذه البند في إيجاد اّليات تضمن حق المساهمين في الحصول على القيمة العادلة لأسهمهم في حالات تحول صفة الشركة من مساهمة عامة إلى ذات مسؤولية محدودة وإجبار الشركة على دفع بدل القيمة العادلة للمساهمين الذين لا يرغبون بالتحويل وسنبحث هذا الموضوع في مقالنا هذا عند مناقشة ملاحظاتنا على تحول الشركات .
وجوب تبليغ المراقب عند تعرض الشركة لخسارة جسيمة وحق الوزير في حل المجلس
المادة 168 من قانون الشركات تنص على :
أ- اذا تعرضت الشركة لأوضاع مالية أو إدارية سيئة أو تعرضت لخسائر جسيمة تؤثر في حقوق المساهمين أو في حقوق لدائنيها أو قيام مجلس إدارتها أو أي من أعضاء المجلس أو مديرها العام باستغلال صلاحياته ومركزه باي صورة كانت لتحقق له أو لغيره أي منفعة بطريقة غير مشروعة ويسري هذا الحكم في حال امتناع اي منهم عن عمل يستوجب القانون القيام به أو قيامه باي عمل ينطوي على تلاعب أو يعتبر اختلاسا أو احتيالا أو تزويرا أو إساءة ائتمان وبشكل يؤدي الى المساس بحقوق الشركة أو مساهميها أو الغير فعلى رئيس مجلس إدارتها أو احد أعضائها أو مديرها العام أو مدقق حساباتها تبليغ المراقب بذلك وذلك تحت طائلة المسؤولية التقصيرية في حالة عدم التبليغ عن ذلك.
ب- يقوم الوزير في اي من هذه الحالات بناء على تنسيب المراقب بعد التحقق من صحة ما ورد في التبليغ بحل مجلس إدارة الشركة وتشكيل لجنة من ذوي الخبرة والاختصاص لإدارة الشركة بالعدد الذي يراه مناسباً لمدة ستة شهور قابلة للتمديد لمرتين على الأكثر ويعين رئيساً لها ونائباً للرئيس من بين أعضائها وعليها في هذه الحالة دعوة الهيئة العامة خلال تلك المدة لانتخاب مجلس إدارة جديد للشركة ويمنح رئيس اللجنة وأعضائها مكافأة على حساب الشركة وفقاً لما يقرره الوزير.
أغفلت المادة تحديد مفهوم واضح للاوضاع المالية والإدارية السيئة كما لم تحدد مفهوم الخسائر الجسيمة وكيفية تصنيفها كجسيمة .كما أن المادة أعفت مراقب الشركات بصفته المسؤول عن تطبيق أحكام هذا القانون عن قيامه بحل المجلس أو تشكيل لجنة لإدارة الشركة إلا إذا تم تبليغه من قبل الرئيس أو أحد الأعضاء أو المدير العام او مدقق الحسابات عن تلك الأوضاع ؟1 هل يحتاج المراقب إلى تبليغه حتى يقوم بعمله ؟! أليس من واجب المراقب بحكم إطلاعه على البيانات المالية في حال لاحظ أوضاع سيئة قيامه باتخاذ أجراءات من تلقاء نفسه وذاته ؟! إن جميع أعضاء مجالس الإدارة والمديرين العامين في الشركات التي تم تصفيتها بسبب الأوضاع المالية السيئة يمكن مقاضاتهم لإخلالهم لعدم التبيلغ دون إغفال مسؤولية المراقب التقصيرية وماذا عن تقصير هيئة الأوراق المالية و بورصة عمان كجهات رقابيةعلى الشركات المساهمة العامة وما يصدر عنها من بيانات مالية وإفصاحات قد تشير للاوضاع المالية والإدارية السيئة ولماذا لم تقم الهيئة والبورصة بتحليل البيانات المالية لهذه الشركات ولماذا لم تقم أصلا بواجبها في الرقابة الحقيقية وضمان تقديم بيانات مالية عادلة وافصاحات ذات معنى للمساهمين ؟ الا تعتبر التحفظات من مدقق الحسابات تنبيه من المدقق وتبليغ تستوجب تحرك المراقب ؟! أليس هناك مسؤولية تقصيرية على المراقب لعدم قيامه بتطبيق أحكام هذه المادة بعد اطلاعه على التحفظات ؟
مشاركة المساهم بالمناقشة .
المادة (178) أعطت الحق لكل مساهم مسجل في سجلات الشركة قبل يوم واحد من إجتماع الهيئة العامة الإشتراك في مناقشة الأمور المعروضة عليها والتصويت على قراراتها بشأنها بعدد الأصوات يساوي عدد الأسهم التي يملكها أصالة ووكالة في الإجتماع .
تعليمات دائرة مراقبة الشركات وبعد جائحة كورونا خالفت هذه المادة وبشكل صريح وسلبت حق المساهم في مناقشة الأمور المعروضة على الهيئة العامة لإشتراطها على أن المساهم الذي يملك 10% من مجموع الأسهم الممثلة بالإجتماع يستطيع توجيه الأسئلة خلال الإجتماع والمناقشة أما المساهم الذي لا يمتلك تلك النسبة فيستطيع توجيه أسئلة بشكل مسبق للمجلس للاجابة عليها خلال الإجتماع دون أن يتمكن من حق المناقشة المنصوص عليه صراحة في هذه المادة ! والسؤال المهم كيف يتمكن المساهم من معرفة نسبة أسهمه من الحضور بشكل مسبق و هو لايملك إمكانية الإطلاع على كشف الحضور بسبب اّلية عقد الإجتماعات عن بعد ومن خلال الإجراءات الإليكترونية ؟! من الواجب تمكين جميع المساهمين ومن خلال الإجتماع نفسه من المناقشة وتوجيه الأسئلة لأن الإجراءات الحالية المتبعة في مراقبة الشركات مخالفة للقانون ولا معنى ولا مبرر أصلا لوجودها بهذه الكيفية ويجب الرجوع عنها لآنها أضعفت ولاية صغار المساهمين والتي يجب حمايتهم كما هو وارد في البند (ب ) من المادة (160) وفي نص المادة (178) ذات العلاقة المباشرة بحق المساهمفلماذا الإجتهاد خارج نص القانون بل ومخالفته ؟!
الإشراف على تنظيم الإجراءات
المادة (180) والمتعلقة بالإشراف على عقد الهيئة العامة للشركة تولي المراقب أو من ينتدبه خطيا من موظفي الدائرة الإشراف على تنفيذ الإجراءات الخاصة بعقد الهيئة العامة للشركة المساهمة العامة وفقا للتعليمات التي يصدرها الوزير لهذه الغاية .
مرة أخرى جاءت تعليمات مراقبة الشركات بعد جائحة كورونا مخالفة بشكل صريح لنص المادة إذ أن التعليمات نقلت المسؤولية لرئيس المجلس فهل يحق لمراقبة الشركات نقل مسؤولياتها المنصوص عليها بالقانون ؟ إذا لم يكن الإشراف على إجراءات عقد الهيئة العامة من صلب عمل و مهام دائرة مراقبة الشركات فما هي الإجراءات الأخرى الأولى ان تقوم بها مراقبة الشركات لحماية حقوق المساهمين في إنفاذ ولايتهم من خلال سلامة إجراءات إنعقاد الإجتماع ؟ّ
توزيع العوائد ( الإحتياطي الإجباري).
ينظم قانون الشركات الأردني في المادة 186 آلية اقتطاع ما نسبته 10% من أرباح الشركة السنوية الصافية لحساب الاحتياطي الإجباري ولا يجوز توزيع اي أرباح على المساهمين إلا بعد هذا الإجراء وحددت الفقرات المختلفة من المادة 186 كذلك إمكانية إطفاء خسائر الشركة في الإحتياطي ضمن شروط وكذلك عدم جواز توزيعه على المساهمين كأرباح .
إن الهدف الرئيسي لتكوين احتياطي قانوني أو في بعض التسميات هو في تكوين اقتطاع من صافي الأرباح لتشكيل خط دفاع لمجابهة حالات نقص السيولة ومواجهة حالات الطوارئ المالية . والأصل أن يتم استثمار الاحتياطي الإجباري في استثمارات منخفضة المخاطرة والعوائد مثل الودائع البنكية واذونات الخزينة الصادرة عن الحكومة او في شراء معادن ثمينة كالذهب وغيرها ..
عند استعراض الاحتياطيات القانونية في الشركات الأردنية باستثناء البنوك وشركات التأمين يتضح تماما ان معظم الشركات الأردنية لا تعِ او تدرك ماهية الاحتياطي الإجباري والهدف الأساس منه وذلك لعدم وجود أصول ذات سيولة عالية توازي هذا الاحتياطي الإجباري . حيث اصبح الاحتياطي الإجباري في الشركات الأردنية عبارة عن قيد محاسبي لا معنى له .لقد عالجت التشريعات في شركات التأمين والبنوك مفهوم الاحتياطيات وربطتها بمؤشرات مالية ونسب سيولة وحجم النقد والودائع المرتبط بها . فيما أغفل قانون الشركات الأسسس والأوجه التي بموجبها يتم بناء هذا الاحتياطي شأنه شأن الاحتياطي الاختياري . واغفل القانون الاوجه التي يمكن استثمار الاحتياطي الإجباري فيها وبذلك اصبح واقع الاحتياطي الإجباري مثله مثل الأرباح المدورة التي يمكن استثمارها في استثمارات طويلة الأجل وبمخاطر مرتفعه وأمام هذه الحقائق لا بد من تعديل قانون الشركات فيما يخص الاحتياطيات الإجبارية وتحديد أوجه استثمارها.
تحول الشركات ( إجراءات التحول )
تنظم المادة (216) من قانون الشركات إجراءات التحول إلى ذات مسؤولية محدودة دون أن تلامس المشاكل الحقيقية والأثار السلبية لهذا التحول نتيجة القصور في إجراءات التحول الكفيلة بحماية حقوق المساهمين وبالذات المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (160) والمتعلقة بحماية حقوق المساهمين
إن خروج الشركات المساهمة العامة وتحولها لذات مسؤولية محدودة من شانه إضعاف الرقابة على الشركات ومخاصمة هيئة الأوراق المالية وبورصة عمان ومركز إيداع الأوراق المالية باعتبارها متضررة من هذا التحول بالإضافة إلى الأثار السلبية لجذب الإستثمارات المؤسسية والصناديق الإستثمارية التي تفضل الشركات ذات الرقابة والتشريع والإفصاح والشفافية . ومن جانب اخر فإن المستثمر الذي ساهم بالشركة ساهم وهو يعلم انها مساهمة عامة وأنه يستطيع بيع مساهمته من خلال التداولات وأن أساس الإستثمار في الشركات المساهمة العامة يقوم على سهولة تسييل الإستثمار وفي حالة التحول فإن هذا الإجراء يلغي فكرة المساهمة العامة من أساسها ويشوه العلاقة التعاقدية التي تمت مع الشركة المساهم بها ورغم أن قانون الشركات يؤشر صراحة على تقييم موجودات الشركة تقييم عادل في حالة التحول من ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة عامة فإن القانون نفسه لا يوجب التقييم في حالة التحول من مساهمة عامة إلى ذات مسؤولية محدودة ولا يعالج الاثار المترتبة على المساهم الذي قام بشراء اسهمه على الهامش قبل التحول ولا يعالج عدم قبول الوسيط المالي لملاءة الورقة المالية عند تحولها من سهم الى حصة كما لا يلزم القانون من اتخذ قرار التحويل بشراء حصة باقي المساهمين على أسس عادلة .إن المنطق والعدالة والممارسة الفضلى تقتضي في حالة اتخاذ قرار بالتحول أن يتم تقييم الشركة تقييم عادل وأن يتم تخفيض رأسمال الشركة بقيمة أسهم المستثمرين الذين لايرغبون بالتحول وإعادة قيم أسهمهم من خلال تخفيض رأس المال بهذه القيمة.
مرة أخرى نؤكد ونطلب حوار موضوعي قائم على التشاركية والإنفتاح وبما ينسجم مع الرؤية الملكية للتحديث الإقتصادي وتعديل و تطوير قانون الشركات إحداها .