تتويج ترمب وبزوغ عصر الإمبراطوريات

تتويج ترمب وبزوغ عصر الإمبراطوريات
احمد عجاج
أخبار البلد -  

أمس الاثنين 20 يناير (كانون الثاني) 2025 تُوِّج دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة... وبوصوله تبرز أسئلة مصيرية: كيف ستكون سياسة الولايات المتحدة: تبشيرية أم انعزالية؟ وهل يستطيع ترمب تحقيق وعوده، وهل سيكون رئيساً أم إمبراطوراً؟ الإجابة تحتاج إلى مراجعات تاريخية وجيوسياسية، لكن تصريحات ترمب وأفعاله تدل على أنه سيكون إمبراطوراً. فأميركا قبله كانت تتأرجح دائماً في سياستها الخارجية بين الانعزال والتبشير؛ الانعزال يدعو أنصاره إلى تجميل الديمقراطية أكثر داخل أميركا لتكون منارة للعالم؛ والتبشير يدعو لفرض قيم الديمقراطية على الخارج لتزداد قوة أميركا. ويبدو أن ترمب يرغب في كليهما معاً، ليحقق مثاله الإمبراطوري الروماني؛ فالرومان كانوا يرون أن نظامهم هو الأفضل، ونشروه بحماسة في العالم، فأصبحت عاصمتهم مضرب المثل: «كل الطرق تؤدي إلى روما» وتوازيه اليوم مقولة: «كل الطرق تؤدي إلى واشنطن».

 

يدرك المراقب لترمب أنه ليس أمام رئيس استثنائي؛ بل أمام إمبراطور كامل الأوصاف: تُحركه رؤيته، ومزاجيته، ولا يتورع عن التهديد، ويصادق من يحبهم، ولا يبالي بالانقلاب على تحالفات إذا أصبحت مرهقة له، ويبني بسرعة غيرها؛ البوصلة التي تحركه هي: الحفاظ على هيبته، وسطوته، وتوسيع الإمبراطورية قدر المستطاع. وكحال الأباطرة، لا يعير ترمب النظام العالمي الحالي اهتمامه، ولا يلقي بالاً للشكليات إذا كانت تعوق أهدافه؛ ففي الشرق الأوسط، كمثال، هدد «حماس» بأن جهنم ستُفتح إذا لم توافق على وقف إطلاق النار قبل موعد تنصيبه؛ وكان له ما أراد! ثم أرسل مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ليبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأوامره؛ وعندما تمنع عن لقائه متذرعاً بـ«السبت اليهودي» رد المبعوث على رئيس مكتب نتنياهو: «دَعْ عنك هذا الهراء وأبلغه ليأتي فوراً إلى المكتب للقائي»؛ انصاع نتنياهو مكرهاً! وعندما تعرضت إسرائيل لضربة من إيران، ومن حلف المقاومة، انتقد ترمب بايدن لتكبيله يد إسرائيل، وقال إنه سيعطيها كامل الحرية لتدمير أعدائها، ولم يبالِ بتبعات قتله قاسم سليماني مُروِّع الشرق الأوسط. وبهذا السلوك أوصل الرسالة إلى الشرق الأوسط ولأوروبا بأنه لا يمزح مطلقاً. وفعلاً قال للقادة الأوروبيين علانية: لن أحميكم إذا لم تدفعوا وسأترككم لقمة سائغة لبوتين؛ فرفع الأوروبيون ميزانياتهم لشراء أسلحة أميركية وامتدحوا حكمته علانية؛ كذلك تفعل كوريا الجنوبية واليابان المحاطتان بمخاطر التوسع الصيني، والتعاون الدفاعي الجديد بين كوريا الشمالية وروسيا.

الإمبراطور لا يُعير النظام العالمي القائم اهتماماً؛ لأنه يصنع النظام الذي يناسبه؛ لهذا دعا ترمب، دونما اعتبار للقانون الدولي، الدنمارك إلى أن تتخلي عن جزيرة غرينلاند الغنية بالمعادن، والمهمة استراتيجياً له (مساحتها مليونا كيلومتر مربع)، وإلا فسيأخذها عنوة؛ الدنمارك ستضطر إلى أن تُقطِعه المناطق الشرقية من الأرض الخضراء بوصف ذلك أهون الشَّرَّين. وطالب ترمب رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، بضم كندا لتكون ولاية أميركية، متحججاً بأنها تكلف الأميركيين مبالغ ضخمة لدعمها اقتصادياً وحمايتها أمنياً؛ هذه المطالبة أعقبتها حملة إعلامية من حلقته الضيقة؛ وأبرزهم مالك منصة «إكس»، إيلون ماسك، الذي استهدف ترودو بتغريدات قوية ساهمت في دفعه إلى الاستقالة بعدما أصبح واضحاً أنه لا ينسجم مع ترمب. هذا الأسلوب من الطعن أصاب بريطانيا؛ الحليف التاريخي لأميركا، عندما استهدف إيلون ماسك رئيس وزرائها، كير ستارمر، بتغريدات تصفه بمغتصب بريطانيا، قاصداً فشله في حماية القاصرات البيض من متحرشين آسيويين، ودعاه إلى الاستقالة، ولم يستطع ستارمر الرد، رغم أنه هو الذي حمى القاصرات، لخوفه من تبعات غضب ترمب! وتمادى ماسك في التدخل بالشؤون الداخلية بدعمه زعيم حزب الإصلاح البريطاني المتشدد والتبرع له بمائة مليون دولار، ودعم حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتشدد، وأحزاب يمينية أخرى، لتكون جميعاً رأس حربة في عالم ترمب.

اختار ترمب في حكومته مَن يُجِلّونه، ويخافونه، ويعملون لإرضائه، وخطط لإخضاع المؤسسات التي أعاقته في الولاية الأولى، وإذا ما استطاع التغلب عليها، فإنه سيكون هادم النظام العالمي القيمي المتأسس بعد الحرب العالمية الثانية، والباني الجديد لنظام الإمبراطوريات. وللأمانة؛ هذا النظام بدأته الصين ثم روسيا؛ فالصين تمددت في جنوب بحر الصين وشرقه على حساب دول الجوار، وعززت قدراتها العسكرية، وتوسعت تجارياً وعسكرياً ولا تزال، وعمل الروس على إحياء إمبراطورتيهم، فبدأوا حربهم في أوكرانيا باسم «الحق التاريخي»، وطوّعوا الشيشان ودولاً آسيوية، وعقدوا معاهدات ترسخ حلمهم الإمبراطوري. وبينما عارض رؤساء أميركا السابقون الرئيسَين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ لخرقهما النظام العالمي القائم على القانون الدولي، يتباهى ترمب بأنه سيسترجع قناة بنما، وغرينلاند، ويضم كندا. ففي عالم ترمب المُنتظرة ولادته، ثمة مخاطر وأمل: المخاطر أن القوي سيأكل الضعيف، وستتدنى مرتبة حقوق الإنسان؛ والأمل أن تصمد المؤسسات الأميركية، وألا يُجدَّد له لولاية ثالثة، ولا يُعيِّن خليفة. وإذا لم يتحقق الأمل، فعلينا نحن العرب أن نستعد جيداً لكيلا نصبح ضحايا احتراب الأباطرة.


شريط الأخبار حماس تعلق... مغربي بجواز أمريكي ينفذ عملية طعن في تل أبيب ويوقع إصابات خطرة المقاومة: قصف القدس المحتلة بصاروخين من نوع "M75" ودك تحشدات ومواقع قيادة وسيطرة العدو الكشف عن عدد الموظفين الذين يتقاضون أكثر من 2000 دينار شهريًا في وزارة الاستثمار العيسوي ينقل تعازي الملك وولي العهد بوفاة وزير الإغاثة الفلسطيني "الأوقاف" تدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الجمعة منح تعرفة كهربائية محفّزة خارج أوقات الذروة لعدد من القطاعات الإنتاجية الحيوية مقتل شاب طعناً في مشاجرة بمنطقة الجبيهة.. والأمن يضبط الجاني 3 استقالات ثقيلة تضرب الكيان الصهيوني... تعرفوا عليها إطلاق قناة رسمية خاصة بأخبار ونشاطات ولي العهد على منصة واتساب الحكومة: لا يوجد في تاريخ الأردن نقطة دم سياسية واحدة تحضيرات لدفن نصرالله أين حُدّد المكان؟ المومني: نعتز بمواقفنا الثابتة تجاه غزة والضفة وجميع القضايا العربية حالة من عدم الاستقرار الجوي تؤثر على المملكة اليومين القادمين الدكتور بينو يدعو المؤسسات المالية لتمويل مستقبلي اكثر استدامة لتعزيز الأثر الاجتماعي والتمويل الأخضر على المجتمع والاقتصاد الاحتلال يشنّ عملية عسكرية في جنين: 6 شهداء و35 مصابا وتوغّل بالمدينة ومخيّمها من هو "اسامه كريم" المتورط بجريمة قتل الشهيد "معاذ الكساسبة"..!! التأمين الإسلامية تعين أيمن عبدالرحمن بمنصب المدير التنفيذي لدائرة التأمين الصحي النائب الحميدي: تشكيل اللجنة النيابية للتحقيق في ملف الفوسفات اليوم بعد إحالة طلب تسمية الأعضاء للكتل النيابية هيئة النقل البري: شركة الوالي مُنحت إنذارًا لتصويب أوضاعها وشركة عمان-مادبا لم يُجدد عقدها لعدم الوفاء بالالتزامات مجلس الأعيان يُقر "موازنة 2025"