أكد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن هنالك أولويات رئيسة تواجه الاقتصاد الوطني خلال العام المقبل يجب أن يعمل عليها صناع السياسات الاقتصادية في الأردن.
وبين البنك، ضمن أحدث تقرير أصدره حول الأردن واطلعت عليه "الغد"، أن من ضمن هذه الأولويات معالجة ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانخفاض معدلات مشاركة العمالة بين النساء لتعزيز النمو الشامل.
وعرج التقرير على ما وصفه بـ"التقدم" الذي أحرزته الحكومة في خفض المياه غير المدرة للدخل بنسبة تزيد على 5 % منذ منتصف العام 2022، وهي ملتزمة بخفض سنوي بنسبة 2 %، إذ إنها في أواخر العام الماضي، قدمت تعديلات على هيكل تعريفة المياه والصرف الصحي للاستهلاك المنزلي، مع رفع التعريفات تدريجياً حتى العام 2028.
ويضاف إلى ذلك تنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تعزيز الاستثمار الخاص، وخاصة في القطاعات ذات الإمكانات العالية، والتي تعد مفتاحا لتوفير فرص العمل، إذ إن إصلاحات سوق العمل ومعالجة عدم التوافق بين المهارات أمر حيوي للتخفيف من جمود السوق وينبغي استكمالها بتدابير لتعزيز ريادة الأعمال والابتكار.
كما دعا التقرير، صناع السياسات، إلى أهمية إصلاح بيئة الأعمال باعتبارها أمرا بالغ الأهمية لجذب الاستثمار الأجنبي والاستفادة من مشاركة القطاع الخاص وتقدم الإصلاحات في إطار مبادرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلا أن الحكومة ما تزال بحاجة إلى الاستفادة بسرعة من الإنجازات، مع التركيز بشكل أكبر على جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مشاريع البنية الأساسية الحيوية.
وأكد التقرير أن الاقتصاد الأردني بحاجة إلى إصلاحات مالية وبنيوية أعمق لدعم استدامة الدين فضلا عن تنشيط النمو وتعزيز الإيرادات، إذ يجب على السلطات معالجة نقاط الضعف المالية طويلة الأمد في قطاعي المياه والطاقة لحماية الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي وتحسين وصول القطاع الخاص إلى الخدمات المالية.
ومن ناحية الإصلاحات، أكد البنك أن الأردن تقدم "بصورة ملموسة" في مسار الإصلاحات الاقتصادية خلال العام الحالي، كما أشار إلى أنه "يسير بثبات" في تحسين بيئة الأعمال والارتقاء بها.
ولفت البنك إلى أن الاقتصاد الأردني استطاع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي على الرغم من الصدمات المتتالية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر في المنطقة إذ إن العدوان أدى إلى تباطؤ النمو في العام 2024 فقد تأثر الاقتصاد بتأثير التوترات الجيوسياسية الإقليمية، لا سيما الاستهلاك الخاص والاستثمار وتدفقات السياحة في الأشهر الأولى من العام.
وأوضح البنك أن الأردن حقق تقدما في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في إطار رؤية الحكومة للتحديث الاقتصادي.
وتشمل هذه الإصلاحات تنفيذ التعديلات التنظيمية لتحسين بيئة الأعمال، ورقمنة الخدمات الحكومية، إضافة إلى إعادة هيكلة الخدمة المدنية بما يتماشى مع خريطة طريق تحديث القطاع العام.
وأشار البنك في تقرير "استطلاع السياسات الاقتصادية للأردن 2024-2025" الذي ترجمته "الغد"، إلى أن الحكومة الأردنية التزمت خلال الأشهر الماضية من العام الحالي بتعزيز الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو وتوفير فرص العمل من خلال عدد من إصلاحات الحوكمة وبيئة الأعمال وسوق العمل التي تهدف إلى تعزيز المنافسة وجذب الاستثمار وتشجيع التوظيف الرسمي.
وأكد التقرير أن الحكومة واصلت جهودها لتعزيز ضبط المالية العامة، والحفاظ على الاستقرار المالي والوصول إلى التمويل، وتحسين كفاءة واستدامة قطاعي المياه والكهرباء ماليا، وذلك في إطار التزاماتها بالإصلاحات المتفق عليها بموجب برنامجها الجديد مع صندوق النقد الدولي الذي تم التوصل إليه في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي.
وبحسب التقرير، تتقدم الحكومة بخطى ثابتة في إصلاحات "رؤية التحديث الاقتصادي"، إذ يستمر العمل في إطار خطة الأردن الاقتصادية الشاملة التي تمتد لعشر سنوات وتستهدف مضاعفة معدلات النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تحفيز خلق فرص العمل، مدفوعة بشكل أساسي بالاستثمار الخاص، وخاصة الاستثمار الأجنبي المباشر.
كما تعمل السلطات على تنفيذ عدد من التعديلات التنظيمية التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال، بما في ذلك الشركات والاستثمار والشراكات بين القطاعين العام والخاص والمنافسة والعمل والضمان الاجتماعي وحقوق الملكية وقوانين حماية البيانات الشخصية.
ويأتي هذا بالتزامن مع التنفيذ الجاري لخريطة طريق تحديث القطاع العام 2025-2022، التي تستهدف رقمنة الخدمات الحكومية، وتحسين الحوكمة والشفافية، وتعزيز التخطيط الإستراتيجي وصنع السياسات، والتحرك نحو التوظيف القائم على الكفاءة ونظام المكافآت والترقية القائم على الأداء.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة اتخذت خطوات لإصلاح قطاع المياه، وتشمل هذه الخطوات العمل على زيادة الكفاءة وتعزيز الاستدامة المالية من خلال تجديد البنية التحتية وممارسات الإدارة للمساعدة في حل التسربات وتحسين تحصيل الإيرادات، إلى جانب زيادة الاستثمارات في مشاريع تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي.
كما أحرزت الحكومة تقدماً في خفض المياه غير المدرة للدخل بنسبة تزيد على 5 % منذ منتصف العام 2022، وهي ملتزمة بخفض سنوي بنسبة 2 %، إذ إنها في أواخر العام الماضي، قدمت تعديلات على هيكل تعريفة المياه والصرف الصحي للاستهلاك المنزلي، مع رفع التعريفات تدريجياً حتى العام 2028.
وأوضح التقرير أن الحكومة تواصل العمل على تعزيز كفاءة قطاع الطاقة وقدرته على الصمود، حيث إنه في نيسان (أبريل) الماضي، وافق البرلمان على تعديلات قانون الطاقة وكفاءة الطاقة، التي تسهل تطوير الطاقة المتجددة وتقدم حلولا لكفاءة الطاقة.
وبموجب هذا القانون، وافق مجلس الوزراء في آب (أغسطس) من العام الحالي، على إعفاءات جمركية وضريبة مبيعات جديدة لمعدات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، فضلا عن التحول من نظام القياس الصافي إلى نظام جديد للفوترة الصافية للمساعدة في تغطية تكاليف تشغيل الشبكة وتخزين الطاقة.
وأعقب ذلك قرار حكومي في أيلول (سبتمبر) باستئناف الموافقات على مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق، والتي كانت متوقفة منذ العام 2019.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة تمضي في استكشاف الامكانات في مجال الهيدروجين الأخضر في العام 2024، وقعت وزارة الطاقة والثروة المعدنية 12 مذكرة تفاهم واتفاقية إطارية واحدة بشأن تطوير اكتشاف الهيدروجين الاخضر، حيث إن مشاريعه في الأردن تعكس إمكانات هذا القطاع بالنظر إلى إمكانات الطاقة المتجددة محليا والوصول إلى ميناء العقبة.
وأوضح التقرير أنه مع وجود إمكانات التطوير في مجال الهيدروجين الأخضر في وقت لاحق، ستحتاج الصناعة إلى دعم إستراتيجي للوصول إلى القدرة على التنبؤ بالأسعار والقدرة التنافسية من حيث التكلفة، بما في ذلك من خلال الجهود الحكومية للحد من الحواجز الناشئة عن الفجوات التنظيمية، وتوافر الأراضي والمياه، والبنية التحتية.
ولفت التقرير إلى أن البنك المركزي الأردني بادر في تخضير القطاع المالي إذ أطلق العام الماضي، أول إستراتيجية للتمويل الأخضر للفترة 2023-2028، والتي بموجبها سيجري تقييما شاملا للمخاطر المناخية للقطاع المالي.
وتهدف الإستراتيجية إلى إدخال ممارسات تستجيب للمناخ على المستوى التنظيمي (الاستقرار المالي والأطر الاحترازية الكلية)، والمستوى المؤسسي (حوكمة الشركات وإدارة المخاطر والضوابط الداخلية) ومستوى المنتج (التمويل الأخضر الشامل والتمويل الإسلامي المستدام) لتعزيز تعبئة التمويل الأخضر، يهدف البنك المركزي الأردني إلى معالجة فجوات المعلومات، وإدخال إطار للقروض الخضراء (التعريف، والعمليات، والحوكمة، وتدابير حماية المستهلك) وتعزيز تطوير منتجات التأمين المتعلقة بالمناخ وأدوات الحد من المخاطر.