لو نظرنا الى الاقتصاد الأردني وطلبنا من أي شخص أن يصفه، لسمعت عدة أجوبة يمكن أن لا تتجاوز ما سأذكره هنا: (1) الاقتصاد الأردني اقتصاد صغير الحجم متذبذب الحالة الاقتصادية واقتصاد معتمد لا يستطيع الوصول الى الاعتماد على الذات في خلق الفرص، (2) الاقتصاد الأردني فقير لا يمتلك الموارد الطبيعية ومحدود الثروات وبعيد كل البعد عن الاستقلالية
والنمو الحقيقي، (3) الاقتصاد الأردني مليء بالفرص والتحديات ونستطيع اذا وجدت النية والارادة ان نتقدم ونحقق نموا حقيقيا في الانتاج وزيادة كبيرة في الصادرات, وزيادة حقيقية في الدخول، (4) لقد حققنا مكتسبات ووضعنا أسسا قادرة أن تنقلنا من مصاف الدول متوسطة الدخول والتي تميل الى الانخفاض الى الدول متوسطة الدخل مع الميل للارتفاع والدول مرتفعة الدخل، (5) لدينا الموارد ولدينا الفرص لكنا نفتقر الى التخطيط طويل وقصير الأجل غير المتقطع والمستمر ونفتقر الى وجود اداريين وقياديين متميزين تقود معظم مؤسسات القطاع الخاص والعام. واذا تم سؤالي شخصيا ان أصف الاقتصاد الأردني لوصفته بتلك الأجوبة في (3) و(4) و(5) أعلاه؛ أي أن الاقتصاد الأردني مليء بالفرص والتحديات ولقد حققنا مكتسبات ووضعنا أسسا قادرة أن تنقلنا من مصاف الدول متوسطة الدخل «مع الميل للارتفاع» والدول مرتفعة الدخل، كما أنه لدينا الموارد ولدينا الفرص لكنا نفتقر الى التخطيط طويل وقصير الأجل غير المتقطع والمستمر ونفتقر في الكثير من الأحوال الى وجود اداريين وقياديين متميزين يقودون معظم مؤسسات القطاع الخاص والعام. ما أجبت عنه هو ما يمكن أن يضعنا على خارطة الحلول ويجيبنا على ما نطمح اليه وما نتمناه للاقتصاد والمواطن، ودعونا نلخص المجالات الواعدة في اقتصادنا ومكتسباتنا ومواردنا وفرصنا وتحدياتنا في الجدول (ادناه).
ولو قرأنا ما بين السطور, نجد أن قطاعاتنا الواعدة -باستثناء الصناعات الالكترونية- موجودة فعلا وتعتبر من ما حققه الأردن من انجازات خلال العقود السابقة وحقق أفضلية تنافسية فيه، لكن بعض هذه الانجازات وللأسف تراجعت أو بدأت بالتراجع منذ سنوات كثيرة أو أصبحت في غاية الضعف والتدهور وفقدت ميزتها التنافسية لما قد أسلفته سابقا من تحديات ومخاطر، كما نستنتج أيضاً أن العنصر البشري والاستثمار فيه من أهم المدخلات لاقتصادنا الوطني؛ فهو ينتقل بالدول الفقيرة والضعيفة الى دول غنية وقوية أو حتى عملاقة في تأثيرها الاقتصادي والاداري والفكري.
وضمن هذه المعطيات، سيكون صانع القرار في حيرة من أمره بين التطلع والبحث عن فرص جديدة والاستثمار في قطاعات واعدة أو العودة والالتفات الى انجازات الأردن السابقة والمحافظة عليها من التراجع وتنميتها وتطويرها وتوفير الدعم الكافي والاستقلالية لها لتستطيع الوقوف من جديد والسير في خطوات واثقة، فمنجزات الأردن في القطاع الصحي والتعليمي والمالي والتكنولوجي هو ما اعطى السمعة الممتازة للأردن واقتصادها وكفاءاتها، وهنا يكمن التحدي وكيفية تحديد الأولويات. لكن في ظل بيئة متغيرة وظروف اقليمية وعالمية متأرجحة لا بد أن نتمسك بالأصول لأنها هي ما يعطي الفروع الفرصة للوجود واثبات الذات ويمكن الاقتصادي الأردني التطلع الى القطاعات الواعدة وتنويع اشكال الاستثمار والانتاج.