منذ أن قرر مجلس الوزراء في نهاية شهر شباط من العام 2016 الموافقة على تولي البنك المركزي الأردني الرقابة على قطاع التأمين جاء التولي الفعلي للبنك المركزي هذه المهام إعتبارا من منتصف حزيران 2021 بدلا من إدارة التأمين التي أستحدثت في عام 2014 تحت مظلة وزارة الصناعة والتجارة والتموين فماذا كان وراء هذا التحول وماذا تغير؟
البنك المركزي كجهاز رقابة وبيت خبرة ومؤسسة من مؤسسات الدولة العميقة
يتمتع البنك المركزي الأردني بخبرات متراكمة وبتاريخ صارم من الرقابة والإشراف والإدارة الحصيفة للسياسة النقدية حققت أهدافها في سلامة الإستقرار النقدي والمساهمة في تحقيق الإستقرار المصرفي والمالي بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة في المملكة وبفضل هيكليته وإستقلاليته تمتع البنك المركزي بمرونة لم تتوفر في وزارة الصناعة والتجارة ,صحيح أن كوادر إدارة التأمين إنتقلت للبنك المركزي إلا أن البيئة الإدارية والتنظيمية للبنك أعطت زخما وبعدا أكثر عمقا لعمل إدارة التأمين وأضف إلى ذلك أن طبيعة العلاقة بين حاملي البوالص وشركات التأمين تشبه تلك العلاقة بين المودع والبنك في وجود علاقة تعاقدية ترتب إلتزامات وحقوق بين أطراف العلاقة التأمينية كان البنك المركزي أكثر قدرة على فهمها .
البنك المركزي وخطة طموحة للنهوض بسوق التأمين
يسعى البنك المركزي إلى توفير المناخ الملائم لتطوير وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الأشخاص والممتلكات ضد المخاطر التأمينية لحماية الإقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية و تنميتها واستثمارها من خلال حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين من أعمال التأمين ومراقية الملاءة المالية للشركات لتوفير غطاء تاميني كاف لحماية هذه الحقوق والعمل على رفع أداء شركات التأمين وكفاءتها والزامها بقواعد ممارسة المهنة واّدابها وضمان المنافسة الإيجابية بينها والعمل على تنمية الوعي التأميني وإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بأعمال التأمين وتعميمها .
معالي الدكتور عادل شركس وفريق العمل معه جهود لتطوير للأنظمة وفهم عميق للقطاع
لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل القدرات الشخصية والإدارية لمن يقوم على هذا القطاع عن التغييرات والتطوير الذي يشهده , فشخصية وازنة بحجم الدكتور عادل شركس وبالخبرات التي تسلح بها في البنك المركزي وسجله المهني اللامع يعكس حجم الوعي في إجراء تطوير وتعديل وتحسين للأنظمة والتعليمات والإنتقال بقطاع التأمين إلى مفهوم الصناعة المتطورة والمنتجات المبتكرة التي تحاكي التغير الهائل في بيئة الأعمال والإقتصاد وما رافقها من ذكاء صناعي وتطور تكنولوجي وتحول رقمي أثر بشكل كبير على مفهوم المخاطر بشكل عام لذا كان من الطبيعي إنجاز تطوير لأنظمة وتعليمات كان من بينها نظام صندوق ضمان المؤمن لهم والمستفيدين من عقود التأمين وكذلك نظام التأمين الإلزامي للمركبات ونظام المكتب الموحد للتأمين الإلزامي للمركبات ونظام الإتحاد الأردني لشركات التأمين ونظام معدل لنظام وديعة شركات التأمين ونظام إلغاء نظام الحد الأدنى لرأسمال شركة التأمين وشركة إعادة التأمين ونظام صندوق تعويض المتضررين من حوادث المركبات وغيرها من التعليمات والإجراءات .
لقد هدفت جميع هذه التعديلات إلى إزالة التشوهات السابقة في الممارسة التأمينية ولتوفير عدالة أكثر لأطراف المعادلة التأمينية فزيادة الحد الإدنى لرؤوس أموال شركات التأمين وشركات التأمين التي تمارس تأمين الحياة وتعديل تعليمات التعويض وغيرها تصب في تمتين ملاءة هذا القطاع وضمان إستدامته .
إن إجراءات صارمة للبنك المركزي بحق محموعة من شركات التأمين التي لم تلب شروطه والتي جاءت على شكل منع شركات من إصدار بوالص تأمين إضافية وتشكيل لجان إدارة لبعضها وإحالة شركات للتصفية و دعم إندماجات الشركات لتشكيل كيانات تأمينية قابلة للعيش والإستمرار تشير إلى تصميم الدكتور عادل وشركس وفريق العمل معه على إعادة هيكلة القطاع دون الإلتفات للخلف من خلال قرارات حاسمة وجذرية طالت شركات وهي قابلة لتشمل شركات أخرى للوصول إلى حالة من التوازن في سوق التأمين .
البنك المركزي ومشروع قانون التأمين
يعمل البنك المركزي وبجهد منظم واحترافي على إعداد المشروع لتنظيم العلاقة التعاقدية بين شركات التأمين والمؤمن لهم وتوفير الأساس القانوني لإستقرار العلاقة التعاقدية بينها وذلك لتعزيز قطاع التأمين باعتباره جزء حيوي للنظام المالي ومحرك رئيسي لدفع عجلة التنمية .إن مشروع القانون سيراعي إدراك البنك المركزي لتزايد المخاطر من كوارث طبيعية وتغيير مناخ ومأسسة وتنسيق الجهود لمواجهة هذه التحديات وسيراعي القانون ويأخذ بعين الإعتبار التطور الذي حصل في الحلول التأمينية وكذلك الإستراتيجية الوطنية للتمويل الأخضر( 2023-2028) ورغبة البنك المركزي وعمله على أن يكون في طليعة البنوك المركزية الرائدة في المنطقة في هذا المجال .مشروع القانون كذلك سيراعي التحول الرقمي وضرورة وجود تشريعات وإطار قانوني يراعي ترخيص منصات التأمين الإليكتروني التجميعية .
في سوق تأميني صغير نسبيا تأتي جهود البنك المركزي وضمن خطة ومستهدفات للارتقاء بهذا القطاع الذي تشير بياناته أن إجمالي حجم أقساط التأمين كما في نهاية شهر اّب من العام 2024 بلغ 569 مليون دينار حيث بلغ حجم قطاع تأمين السيارات ما مجموعه 189 مليون دينار وبما نسيته 32% من إجمالي الأقساط فيما بلغ حجم التامين الصحي والطبي 180 مليون دينار وبما نسبته 31.6% فيما بلغت قيمة إجمالي التعويضات التي دفعتها شركات التأمين 362 مليون دينار .
تكللت جهود البنك المركزي في إدارته الحصيفة والوازنة بفوزه بالمركزالأول في جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز في الأداء الحكومي والشفافية عن فئة الإوائل وجميع الجهات الحكومية وجاء التكريم الملكي للبنك من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني وتسليم محافظ البنك المركزي هذا التكريم إستحقاق طبيعي للجهود المضنية التي يقوم بها البنك وما التطور في قطاع التأمين إلا إحداها .