بداية، من لا يملك غذاءه لا يملك حرية قراره، وهذا هو الأمن الغذائي العربي ووفقاً للبيانات المتاحة حول الأمن الغذائي العربي، فإن الإنتاج العربي من السلع الأساسية لا يتجاوز 36% من الحبوب، و32% من الزيوت النباتية، و23% من السكر، و38% من البقوليات، و72% من اللحوم الحمراء، و65% من الدواجن، وبلغت الفجوة الغذائية حوالي 35 مليار دولار، تتصدرها الحبوب التي تشكل 47% من إجمالي الفجوة الغذائية.
ومنذ أن عصفت الأزمة الاقتصادية في لبنان الشقيق عام 2019، شهد لبنان مزيداً من ارتفاع حالات الفقر بمعدل ثلاثة أضعاف ما كان عليه، ليصل إلى 44% من عدد السكان، نظراً لفقدان الدولار من السوق وارتفاع سعر الصرف وتفشي ظاهرة احتكار السلع الغذائية الأساسية والأدوية على حدٍ سواء، إضافة إلى تداعيات أزمة المحروقات على كافة مناحي الحياة والعجلة الاقتصادية وتزايدت الشكوك في قدرة الدولة على تأمين الحد الأدنى من متطلبات الصمود أمام أي حرب قادمة، وذلك حسب تقرير صادر عن البنك الدولي، والذي أيضاً تطرق إلى محدودية المخزون الاستراتيجي، والذي لا يتجاوز ثلاثة أو أربعة شهور، والطحين لشهرين، ومخزون الفيول لعشرين يوماً في حال انتظام تدفق النفط واعتماد لبنان على استيراد 90% من احتياجاته من الخارج، ومن خلال القطاع الخاص العامل في الموانئ البحرية وعلى ضوء تداعيات الوضع الاقتصادي والأمني، فقد ارتفعت أسعار أكثر من 75 سلعة غذائية وفُقد أكثر من 300 صنف دوائي، إضافة إلى الضغط المتزايد على المنظومة الصحية التي تتوزع من خلال 118 مستشفى والتي اقتربت من حالة الشلل عن تقديم الخدمات الصحية في المناطق اللبنانية الشقيقة، نتيجة العدوان الصهيوني والقصف الوحشي وغير الأخلاقي الذي تقوم به إسرائيل، واستهدافها المتعمد لمفاصل النقل والحركة والتزويد من خلال تعطيل عمل الموانئ البحرية والجوية وقصف الطرق والجسور، وآخرها المنفذ اللبناني البري الوحيد، طريق المصنع الواصل بين سوريا ولبنان، وبذلك يكتمل فكي الحصار على الشعب اللبناني الشقيق.
وعلى ضوء ذلك، واحتمال توسع دائرة الحرب، ونتيجة الظروف التي يعيشها لبنان منذ شهرين على الأقل، فإنه يقفز إلى الواجهة افتقار لبنان الشقيق، والذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة، إلى المخزون الاستراتيجي من القمح الذي يأتي أكثر من 95% منه من أوكرانيا، والطحين، والأدوية، والمحروقات، وبقية السلع الأساسية، علماً أن الصومعة الوحيدة التي تتسع لـ 120 ألف طن من القمح كانت قد دُمرت في انفجار المرفأ عام 2020، ويتم الآن تخزين القمح في 12 مطحنة، بينما حاجة لبنان في الظروف الطبيعية تتراوح بين 600-700 ألف طن، ويستهلك اللاجئون السوريون حوالي 400 ألف ربطة خبز يومياً، مما يستدعي تحركاً عربياً ودولياً وقد كانت الدولة الأردنية وبتوجيه ملكي مباشر من قبل جلالة الملك، وانسجاماً مع الدور القومي والتاريخي، سباقة ومبادرة بالقيام بجسر جوي لتزويد القطر اللبناني الشقيق باحتياجاته الضرورية وهنا تأتي أهمية البناء وتعزيز الجهد الأردني من خلال منظومة عمل عربية طارئة وأكرر الدعوة إلى البناء على الجهد الأردني من خلال منظومة عمل عربية ودولية للحفاظ على لبنان العربي وبوجهه الشرقي، ومنعاً لانزلاق آخر وتكرار ما يحدث في غزة هاشم.