يمكن اعتبار اليوم "الخميس" نقطة تحول كبرى في مسيرة التربية والتعليم الاردنية, وفاتحة عهد جديد وفجر ينتظر ان يبزغ بفارغ الصبر, ركيزتها الاساسية من معلمين ومعلمات, فهو يوم مفصلي بكل المقاييس لهذه الفئة المتنورة من ابناء المجتمع الاردني ممن طال انتظارهم وناضلوا طويلا, من اجل نيل حقهم في تأسيس نقابة ترعى شؤونهم اسوة بغيرهم من قطاعات مهنية اخرى لها دورها الطليعي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, خاصة ان هؤلاء هم من تقع عن عاتقهم اعباء تأهيل ما يصل الى الملايين من طلبة المرحلة المدرسية استعدادا لانطلاقهم الى رحاب الحياة العام.
لاكثر من ستين عاما بقيت نقابة المعلمين حلما يراود اجيالا متعاقبة منهم,
لكن العقبات والعراقيل التي وصلت الى حد عدم دستورية مطالبتهم بحق مشروع
حالت دون انشاء تنظيمهم النقابي, ومع ذلك لم يتوانوا في الاصرار عن تحقيق
هذا الهدف الوطني الكبير, على الرغم من المعاناة التي طبعت محاولاتهم
الجاهدة وتكبد بعضهم في سبيلها متاعب ومصاعب تهدد حتى ارزاقهم!
ينتظر مع صبيحة هذا اليوم ان يتم طي صفحة الماضي بكل شجونها.. حين يتوجه
اكثر من سبعين الفا من المعلمين والمعلمات في القطاعين العام والخاص الى
225 مركز اقتراع منتشرة في مختلف المحافظات والالوية, لانتخاب هيئات الفروع
لنقابة المعلمين التي ستتولى مهمة اختيار النقيب ونائب النقيب واعضاء
المجلس في الانتخابات المقررة يوم الجمعة الموافق الثالث عشر من نيسان
للعام الحالي , وبذلك تكتمل كافة المراحل التي امتدت على مدار عدة اشهر لكي
يخرج هذا التجمع النقابي الجديد الى حيز الوجود لممارسة دوره الفاعل
والمؤثر على كافة الاصعدة.
حسنا فعلت وزارة التربية والتعليم حينما اتخذت قرارها بان يكون دوام اليوم
الخميس لجميع المدارس الحكومية والخاصة لغاية الساعة العاشرة صباحا لاتاحة
الفرصة امام المعلمات والمعلمين لاداء واجبهم في انتخاب ممثليهم, وفقا
للنظام الانتخابي المختلط الذي يجمع بين الاغلبية على مستوى المديرية
والقائمة المغلقة على مستوى المحافظة, مع تأكيدها على انجاز هذا الاستحقاق
التاريخي بالصورة المثلى والعمل بكل نزاهة وحيادية وشفافية كاملة وضمان
تسهيل مهمة مندوبي وسائل الاعلام الراغبة بمتابعة التغطية الاعلامية
للعملية الانتخابية من خلال الدخول الى قاعات الاقتراع والفرز دون الحصول
على تصاريح مسبقة والاكتفاء بابراز الهوية الصحافية.
هناك تطلعات لان تكون انتخابات نقابة المعلمين نموذجا يحتذى لهذا العام الحاسم في المسيرة الديمقراطية الاردنية حيث تتلوها الانتخابات البلدية وانتخاب مجلس نيابي جديد بموجب البرنامج الاصلاحي الذي تم اعتماده استجابة لمطالب الحراك الشعبي. وربما يكون التنافس الهادئ بين المرشحين وتوافقهم على برامج تخدم قطاع التعليم المدرسي وتعمل على تطوير مسيرة التربية والتعليم نحو آفاق جديدة, افضل مؤشر على ان المعلمين والمعلمات في طريقهم الى التقاط اللحظة التاريخية التي تصنع نقابتهم الوليدة على مسارها القويم في خدمة العمل الوطني!