أخبار البلد - بعد أيام قليلة من معركة طوفان الأقصى وبدء الحرب الصهيونية على قطاع غزة؛ انتشرت لقطات الفيديو الإباحية كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة "فيسبوك، إنستغرام، ومنصة إكس" والتي كانت تشعرني بالحرج الشديد خلال تصفحي لتلك المنصات، خصوصا أن مكتبي في العمل مكشوف لدى العديد من الزملاء.
حاولت جاهدا التخلص من تلك اللقطات التي ظهرت فجأة من خلال حملة حظر الصفحات التي تروج للإباحية، لكن الفيديوهات تواصلت بالظهور وبشكل أكبر، لذلك قررت هجران مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد فترة من الزمن؛ اكتشفت أن المشكلة واجهت كافة مستخدمي تلك المنصات، والكل كان يشعر بالإحراج من الفيديوهات التي تظهر بشكل ملفت وكثيف، فعلمت أن ظهور الفيديوهات الاباحية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ممنهج، في محاولة لكبح جماح ثورة الشباب الغاضبة على الأحداث الجارية في قطاع غزة.
في الحقيقة؛ الفيديوهات الاباحية التي كانت تظهر، وما زالت تظهر لكن بكثافة أقل، ليست مشكلة بحد ذاتها فالشخص الذي يبحث عن هذه الاشياء يعرف أين يجدها بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي.
المشكلة تكمن في الحسابات الصهيونية المنتشرة بكثافة عبر وسائل التواصل بأسماء وهمية وطنية عربية وإسلامية، وتبث الفتنة وتروج للعنصرية وتدعو بشكل مبطن وصريح في بعض الأحيان إلى القتل والتخريب.
هذه الحسابات الصهيونية تنتقي أسماءها بعناية شديدة، حتى تشعر المتابع أن صاحب الحساب من صلب الوطن وأكثرهم حرصا عليه، وباسم الوطنية تهاجم الآخرين وتدعو إلى طردهم وقتلهم وتعنيفهم.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، حيث يملك الصهاينة أنفسهم حسابات وهمية للطرف الآخر، ويبدأون بالرد عليهم وتخوينهم، ومقابلة تهديداتهم بتهديدات مثلها، ثم يذكّرون بعضهم بأحداث جرت قبل عشرات السنين، كما حاول أن يفعل اليهودي شاس بن قيس بين الأوس والخزرج في عهد النبوة.
وخلال متابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي؛ وجدت أن الحسابات المشبوهة نجحت أكثر من مرة في زعزعة استقرار بعض الدول؛ فعلى سبيل المثال تعرض طلاب مصريون وعرب وباكستانيون في قرغيزستان قبل عدة أسابيع لهجمات من شبان غاضبين، وتم الاعتداء عليهم بالضرب والاسلحة البيضاء، وبعد الرجوع إلى ترند الدولة الشرق آسيوية؛ وجدت أن الحسابات المشبوهة كانت نشطة بكثرة قبل أيام من الهجوم على الطلاب، وتدعو إلى إخراجهم من البلاد، مستغلة مشاجرة حصلت في مطعم بيتزا بين مجموعة من الطلبة وشبان قرغيزستانيين، حيث بثوا سمومهم بحجة الوطنية والغيرة على قرغيزستان، زاعمين أن الطلبة الأجانب تنمروا على ابن البلد الذي يبحث عن قوت يومه، وحرضوا على قتلهم وطردهم من البلاد.
وتكررت الحادثة في تركيا، حيث قامت مجموعات منظمة من الأتراك بمهاجمة اللاجئين السوريين ومحلاتهم التجارية، والاعتداء عليهم وتخريب ممتلكاتهم، وحينما تابعت الترند هناك؛ وجدت أن الحسابات المشبوهة كانت نشطة بكثرة، ووجهت خطابات "عنصرية مكثفة" ودعت إلى طرد اللاجئين والسياح العرب، قائلة إن تركيا للأتراك، وإن السياح واللاجئين سرقوا مقدرات بلادهم وخيراتها، الأمر الذي وتر الأجواء التي أشعلتها حالة تحرش بفتاة سورية من قبل لاجئ سوري، حيث استغل الصهاينة الواقعة، وادعوا بكثافة أن المعتدى عليها طفلة تركية.
لم يكتفِ الصهاينة بهذا الأمر، بل قاموا بإنشاء حسابات وهمية بأسماء ذات مدلول على أن أصحابها سوريين، ودعوا إلى الوحدة بين نسور قاسيون، لكنهم في الحقيقة كانوا يهاجمون الأتراك بأشد العبارات العنصرية، ويدعون إلى قتالهم ومواجهتهم في محاولة لتوسيع الأزمة.
ومن هنا؛ أرى أن الصهاينة ينتهجون نفس النهج في كافة الدول العربية، وأنشأوا حسابات وهمية بأسماء وطنية؛ بهدف زعزعة الأمن والاستقرار من خلال التخوين والتشكيك بالنوايا، ويدعون إلى الخروج إلى الشارع لمواجهة فئة معينة أو قتالها وحرق المقرات، من خلال نهج واضح؛ هو شق وحدة النسيج الوطني باسم الوطنية والخوف على الوطن ومقدراته.
لذلك؛ على الرغم من أنني متيقن أن وصول المقال إلى القراء سيكون محدودا وقد يقرأه بضع مئات، وإن حالفني الحظ قد يتجاوز بضع آلاف؛ إلا أنني أناشد كل من يقرأ هذه الكلمات أن يشكل نواة لفضح وحظر الحسابات الصهيونية والمشبوهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الختام؛ أسجل عتابين: الأول على وحدة الجرائم الالكترونية التي يتوجب عليها أن تكون نشطة في فضح الحسابات الصهيونية، وتحذر منها، وكان عليها مخاطبة شركات التواصل الاجتماعي لحظر تلك الحسابات، حتى إن وصل بها الأمر للتهديد بحجب الفيسبوك وإنستغرام ومنصة إكس في البلاد، كما تم حظر التيك توك سابقا.
والعتاب الثاني أسجله على نفسي أولا، وعلى الشعوب العربية ثانيا، كوننا لم نقم بمقاطعة حسابات التواصل الاجتماعي التي من الواضح أن هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، خصوصا أن هناك العديد من البدائل المتوفرة على الشبكة العنكبوتية.
توقيت المقاطع الإباحية على "فيسبوك" و"إكس"
يعقوب الحوساني