للعام الثاني أتابع انعقاد منتدى تواصل الذي تنظمه مؤسسة ولي العهد، ويشرف عليه سمو الأمير الحسين، وبكل وضوح نحتاج إلى منصات للحوار حول قضايانا الداخلية، وحول كل ما يحيط بنا، ولهذا فإن منتدى تواصل خطوة على الطريق الصحيح، ومدماكا يقوي، ويعزز الانسجام في بنية الدولة، ويرسم طريقا للتفاهمات المجتمعية.
قبل أقل من شهر عقد منتدى الأردن للإعلام والاتصال الرقمي بتنظيم من وزارة الاتصال الحكومي، وقلت للوزير الدكتور مهند مبيضين أي حراك مهم، وخطوة مقدرة، وأرسلت له قائمة بملاحظاتي الكثيرة.
الأردن كان وما زال لديه فرصة ليكون مركزا إقليميا ودوليا للمؤتمرات، والملتقيات، ونحن لم نستثمر بما يكفي لنحقق ذلك، وهناك تعقيدات بيروقراطية تحول دون سلاسة تنفيذ الأنشطة، أضف إلى ذلك ارتفاع الأسعار في الفنادق، بدءا من عمان، مرورا بالعقبة، والبحر الميت، وفي الشمال جرش وعجلون لا توجد بنية، أو فنادق يمكن أن تستوعب عقد مؤتمر على سوية عالية.
هناك تجارب في دول حولنا تستحق الدراسة والتمحيص، شاهدوا الأنشطة في دبي مثلا، الدولة تصنع كل يوم اسما لمؤتمر دولي يسهم في تسويقها إعلاميا وسياحيا، وهكذا الأمر في شرم الشيخ، وأيضا نفذت أنشطة قبل سنوات في إسطنبول دون أي قيود، وما عليك إلا أن تتفق مع الفندق، وأفعل ما شئت، طبعا في حدود القانون.
رئيس سلطة إقليم البتراء التنموي السياحي الدكتور فارس بريزات عقلية نيرة، وجدته في مقدمة الحضور في منتدى الأردن، ووجه الدعوة إلى الإعلاميين من خارج الأردن ليكونوا ضيوفا على البتراء، ويعيشوا تجربة مثيرة في المدينة الوردية، ويروا سحر وادي رم، فيستفيد من وجودهم ليعزز حضور هذه المناطق المذهلة في الصحافة، ومنصات التواصل الاجتماعي، ولكن ما يستحق السؤال منذ إعلان البتراء من عجائب الدنيا، وعلى قائمة التراث الإنساني، كم مؤتمرا ، او فعالية عالمية استضافت؟
أقول هذا الكلام وأشعر بالفخر والأردن بقيادة الملك يتحرك للدعوة لمؤتمر دولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة، بالشراكة مع مصر والأمم المتحدة، فهذا الأمر على رأس أجندة الدولة، ولا يمكن إلا أن تكون في قيادة المبادرات الدولية.
أعود إلى منتدى تواصل حيث تزدحم أجندة العمل، وتحضر الحكومة لتقدم جردة حساب بما قدمت، وفعلت، ويحتضن الملتقى أصواتا متعددة، ويعلو صوت ولي العهد داعيا إلى تحديث المناهج المدرسية، وضرورة موائمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل.
شارك في منتدى تواصل أكثر من 800 شخصية من الحكومة، والقطاع الخاص، والمؤسسات الأهلية، وتضمنت أجندة المنتدى 60 جلسة تضيء على محاور، ومشاغل متعددة.
بالتأكيد منتدى تواصل وغيره من الملتقيات تسلط الضوء على تحديات كثيرة تمر بها الدولة، وهنا حتى لا يصبح كل هذا الكلام «ضجيجا دون طحين» من الضروري أن تكون هناك إرادة حاسمة تلتقط الأفكار التي تطرح، وتدقق في المعلومات التي تكشف خللا، وتبدأ بوضع مسارات للحلول، والمساءلة.
يبذل ولي العهد جهدا في عصرنة الأردن، وولوجه العصر الرقمي، مدركا أن طاقات الشباب والشابات في بلادنا قادرة على إحداث التغيير، وكسب التحدي، والقصة عنده متابعة حثيثة، لا تترك الأمر للصدف، بل المطلوب خريطة طريق، ومؤشرات إنجاز قابلة للقياس لتحقيق الهدف، وهو ما يفعله على سبيل المثال في ملف منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
تحرك ولي العهد الممنهج لا يمكن أن ننظر له، أو نقرأه بمعزل عن حديثه الأول على قناة العربية، حيث بدى شجاعا، ومتماسكا، يمتلك مقاربة في التعامل مع الأحداث، ويملك تصورا عن مستقبل الأردن.
لمراكمة الإنجاز أعتقد أن مؤسسة ولي العهد مطالبة أن ترصد كل ما يقال في منتدى تواصل، وترسل للحكومة، والجهات المعنية ما يسجل من تحديات، وقصص نجاح، واقتراحات، وليت في منتدى تواصل 2025 تخصص جلسة في مستهل أعماله لنرى ماذا أخذ من ملاحظات المنتدى، وكيف اشتغلت الحكومة على مواجهة التحديات التي طرحت، أو البناء على نجاحات أثيرت؟