بمشاركة العشرات من نشطاء وناشطات مدينة الرصيفة ومخيم حطين، نظم مركز القدس للدراسات السياسية حواريةً بعنوان: "انتخابات 2024: حفز المشاركة السياسية ومغادرة العزوف"، في قاعة لجنة تحسين خدمات مخيم حطين، حيث تحدث فيها كل من النائب الأسبق الدكتور مصطفى ياغي، ومدير مركز القدس للدراسات السياسية الأستاذ عريب الرنتاوي.
ياغي في مداخلته أشار إلى دخول الأردن مرحلة جديدة عنوانها قانون انتخاب يمنح المواطن الحق في انتخاب الحزب الذي يريد على المستوى الوطني، والقائمة التي يريد على مستوى الدوائر المحلية، موضحاً أهمية الإقبال على صناديق الاقتراع، مشدداً على ضرورة مواجهة الاثار السلبية التي خلفتها حالة الإحباط التي تسببت بها المرحلة السابقة، والتي عزاها إلى ضعف المجالس النيابية وحالات التدخل التي أفضت إلى انخفاض معدلات المشاركة وخلق صورة سلبية عن مؤسسة البرلمان، وأردف قائلاً بإن عضو مجلس النواب ونتيجة بحثه عن الدور الخدمي بات يتنقل من وزارةٍ لأخرى لتأدية منافع فردية للناخبين، الأمر الذي أثر سلباً على دوره الرئيس وهو الرقابة والتشريع.
وحول المرحلة لقادمة أكد ياغي على ضرورة تقوية مؤسسة البرلمان عبر المشاركة بكثافة وتعزيز الشرعية التمثيلية للمجلس ومكافحة مظاهر شراء الأصوات أو ما أسماه الذمم، مؤكداً أن الإقبال الكثيف على الاقتراع، كفيل بالحدّ من نتائج أية تدخلات في العملية الانتخابية، وتقليص أثر "المال الأسود"، كما شدد ياغي على وجوب معالجة التحديات التي تواجه الأردنيين كالبطالة على سبيل المثال بشكلٍ جذري عبر تناولها ككلٍ متكامل من جانب الحكومات والكتل الحزبية والبرلمانية وليس من خلال البحث عن حلول لحالاتٍ فردية، واختتم ياغي حديثه بالتشديد على الحفاظ على الوحدة الوطنية وتقويتها من خلال المشاركة الفاعلة لمواجهة المشروع الصهيوني الساعي لتسوية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
الرنتاوي من جانبه أشار إلى أن الحملة الوطنية لحفز المشاركة ومغادرة العزوف والتي كان المركز قد أطلقها منذ حوالي عام، قد جاءت بناءً على دراسة دقيقة لمعدلات الاقتراع والتي ظهر انخفاضها بشكلٍ لافت في ستة مناطق ودوائر انتخابية، منوهاً إلى أن النسبة الإجمالية لمعدلات الاقتراع في الانتخابات النيابية والمحلية الأخيرة والتي لم تتجاوز 30% تعد من النسب الأقل على مستوى العالم، مُشيراً إلى أن الوقت قد حان لأن يقوم الناخب والناخبة في هذه المناطق باختيار وترشيح من يمثلهم ويعكس أولوياتهم من بينهم خاصة وأن المناطق الأقل اقتراعاً تعد من الأكثر من حيث أعداد من يحق لهم الاقتراع.
وعرّج الرنتاوي على أساب العزوف عن المشاركة والتي تتمثل في غياب الثقة بالعملية الانتخابية وعدم وجود قناعة بنزاهة وشفافية الانتخابات وذلك بسبب الموروث التاريخي وما شهدته العقود السابقة من تصريحاتٍ لمسؤولين سابقين أضرت بسمعة العملية الانتخابية، إضافة إلى ضعف أداء المجالس النيابية وتهميش دورها من جانب الحكومات، واستمرار ثقافة الخوف من العمل الحزبي والسياسي من جانب الأجيال الناشئة بفعل تأثير فترة الأحكام العرفية. لافتاً إلى الفرصة التي وفرتها مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وإقرار تشريعات جديدة للأحزاب والانتخاب، والحاجة لاغتنامها لإعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والعملية الانتخابية والسياسية، واختتم الرنتاوي حديثه بالتأكيد على أهمية مواجهة مظاهر شراء الأصوات من خلال الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لأن ذلك سيفوت الفرصة على المُعولين على شراء أصوات الناخبين، منوهاً إلى أن هذه الظاهرة يصعب القضاء عليها كلياً فهي منتشرة في مختلف دول العالم وانتخاباتها.
تركزت مداخلات المشاركين وتساؤلاتهم حول أسباب غاب الثقة بالمجالس النيابية والعمليات الانتخابية والأليات الواجب العمل عليها لاستعادة وتعزيز هذه الثقة، كذلك أشار المشاركون إلى ضرورة العمل على خلق حالة من الوعي لدى الناخب بمعايير الاختيار الأنسب وعدم الالتفات للشعارات غير الواقعية التي يطلقها بعض المرشحين، وأظهرت مداخلات الحضور استمرار تأثير حالة الإحباط بجدوى المشاركة، إذ حمل كثيرون منهم على اهتمام المرشحين بتحقيق مصالح ومكتسبات شخصية على حساب مصالح الناخبين وأولوياتهم.
وعن المشاركة الحزبية تساءل مشاركون عن فرص الأحزاب السياسية في تجاوز عتبة الحسم على مستوى الدائرة العامة والتي حددها القانون بـ 2,5% من مجموع أصوات المقترعين.
وكان رئيس لجنة خدمات مخيم حطين الأستاذ صالح النحاليني قد افتتح أعمال الحوارية وتولى إدارتها حيث رحب بالمشاركين والمشاركات وهنأهم بمناسبة عيد الاستقلال واليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية وأكد النحاليني على أهمية الاستمرار في الجهد التوعوي بأهمية المشاركة ودور هذه المشاركة في انتخاب مجلس نيابي يمثل المواطنين وينهض بمستويات حياتهم في المجالات كافة داعياً إلى عدم الجلوس في المنازل يوم الاقتراع والركون للوضع القائم وإنما السعي نحو التغيير واختيار الأفضل واختتم كلمته بالدعوة لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء في الأردن وفلسطين.