إن التشبه بالكرام فلاحُ
حكاية من التاريخ الاسلامي المشرق تعظ وتعلم أضعها أمام حكامنا وولاة أمورنا.
الكثيرون يعرفون الحكاية، لكنني أعيد ذكرها هنا للاتعاظ والاعتبار؛ فذكّر إن نفعت الذكرى.
طلب الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أهل حمص ان يكتبوا له أسماء الفقراء والمساكين بحمص ليعطيهم نصيبهم من بيت مال المسلمين. فوجئ الخليفة بوجود اسم حاكم حمص (سعيد بن عامر) ضمن أسماء الفقراء! تعجب الخليفة فسأل اهل حمص عن سبب فقره، فأجابوه انه ينفق راتبه على الفقراء والمساكين ويقول: ماذا أفعل وقد أصبحت مسؤولاً عنهم أمام الله تعالى، وهنا سألهم: هل تعيبون عليه شيئاً؟ أجابوا نعيب عليه ثلاثاً: هو لا يخرج إلينا إلا وقت الضحى، ولا نراه ليلاً ابداً، ويحتجب علينا يوماً في الأسبوع. ولما مثل هذا الوالي بين يدي الخليفة عمر سأله عن هذه العيوب، هل هي صحيحة؟ قال: نعم. أما الأسباب فهي: أما أني لا أخرج إلا وقت الضحى فلأني لا أخرج إلا بعد أن أفرغ من حاجة أهلي وخدمتهم، فأنا لا خادم لي وامرأتي مريضة. وأما احتجابي يوماً في الأسبوع لأني أغسل فيه ثوبي وأنتظره ليجف لأني لا أملك ثوباً غيره. عندها بكى عمر أمير المؤمنين لدى سماعه هذه العيوب!
ذات مرة قيل لأحد المسؤولين السياسيين الكبار: هناك "مسخمين” بحاجة الى رعاية، فكان رده: لا يوجد عندنا "مسخمين”. بالطبع لو قام هذا المسؤول بزيارة تفقدية لأحوال "الغلابى” لاكتشف أن ثمة الكثيرين منهم يعانون الجوع إنهم "مسخمون” فعلاً.
وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تروى هذه الحكاية التاريخية، ذات مرة جلب له والي بلاد فارس نوعاً من الحلوى كهدية. فسأله عمر -رضي الله عنه- هل هذه الحلوى في تناول جميع المسلمين في فارس، أجابه: لا، انها للخاصة. عندها ردّها عمر قائلاً: حين تصبح في متناول جميع المسلمين هناك سأقبلها.
رحم الله عمر بن الخطاب ما أعدله وأبرَّه!
ترى متى تعمر الرحمة قلوبنا؟ متى تسكنها "الرأفة” فلا تقسو على من قست عليه الحياة؟ متى ندرك ان هناك يوم حساب حيث "لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم” صدق الله العظيم.