إن سلوك الانتباه، كغيره من المهارات النمائية، لا يمكن تحسينه بشكل مجرد، لذلك فإن جميع الإجراءات التعليمية والتربوية المقصود منها تحسين عملية الانتباه يلزم أن يتم تطويرها بشكل يرتبط بمهارة محددة، ولذلك فإننا لا نستطيع أن ندرب الانتباه بحد ذاته، ولكننا ندرب الانتباه ونوجهه نحو شيء محدد.
علاج اضطراب الانتباه
العلاج التربوي: إن الأطفال ذوي اضطراب الانتباه يوجد لدى بعضهم صعوبات تعلم تلازم هذا الاضطراب والتي إما أنها تكون سببا أو نتيجة لهذا الاضطراب، كما يوجد لدى بعضهم الآخر هذا الاضطراب من دون صعوبات التعلم، فإذا كان الطفل يعاني من اضطراب الانتباه ولديه أيضا صعوبات تعلم، فإنه في هذه الحالة يحتاج إلى خطة تعليمية خاصة، حيث يجب أن تكون حجرة الدراسة العادية التي يدرس فيها مع أقرانه السليمين مجهزة بطريقة خاصة، بحيث يكون موقعها بعيداً عن الضوضاء والمؤثرات الخارجية التي تشتت الانتباه السمعي لدى الطفل الذي لديه هذا الاضطراب، كما يجب أيضاً أن تكون جيدة الإضاءة والتهوية مناسبة، ومؤثثة بأثاث سليم يريح الطفل في جلسته، حيث إن الكرسي المكسور، أو صغير الحجم يؤدي إلى زيادة تململه وكثرة حركته الجسمية والتي توجد أساساً لدى الطفل، كما يجب أيضاً أن تخلو حجرة الدراسة من اللوائح واللوحات التي تعلق على الجدران وغيرها من الأشياء التي تؤدي إلى تشتيت الانتباه البصري لدى هذا الطفل.
كما يجب أن يكون هناك حجرة مجهزة بالطريقة السابقة نفسها، كي يتم فيها التدريس للطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب بطريقة فردية، وأن يقوم بهذا التدريس معلم آخر غير الذي يدرس هذا الطفل في اليوم الدراسي العادي، والهدف من ذلك هو تنوع الموقف التعليمي ومصدر المعلومات، لأن الطفل الذي يعاني من اضطراب الانتباه سريع الملل من النمط المتكرر، ولذلك فإن تغير حجرة الدراسة والاستعانة بمدرس آخر تختلف شخصيته وطريقة أدائه عن المعلم الأساسي للطفل، يجعل الموقف التعليمي شيقا، ويساعد الطفل على التركيز مما يؤدي إلى رفع مستوى تحصيله الدراسي.
أما إذا كان الطفل يعاني من اضطراب الانتباه غير مصاحب لصعوبات التعلم، فإنه في هذه الحالة يحتاج إلى بعض العناية والاهتمام الخاص في حجرة الدراسة العادية مع أقرانه، حيث إن تشتيت انتباهه، وضعف قدرته على الإنصات، وعدم قدرته على متابعة التعليمات، وما يعانيه من الاندفاع وفرط في النشاط الحركي، يؤثر بطريقة مباشرة على تلقيه المعلومات، ومدى فهمه لها، ولذلك إذا استطاع المعلم السيطرة في حجرة الدراسة العادية على هذه الأعراض لدى هذا الطفل، ويخفف مستوى حدتها من خلال استخدام المعلم لبعض الاستراتيجيات التربوية التي تعتمد على جذب انتباه هذا الطفل والسيطرة على سلوكه غير المرغوب في موقف تعليمي يتسم بالإثارة والتشويق، فإن مستوى التحصيل الدراسي سوف يرتفع لدى الطفل.
كما يجب على المعلم أن يعرف كيف يتعامل ويتفاعل مع الطفل أو الطالب الذي يعاني من اضطراب الانتباه، حيث إن النقد الذي يوجهه المعلم يقابله الطالب بالعناد والسلوك العدواني.
أما التفاعل الإيجابي بينهم والذي يمكن أن يشارك فيه أقران هذا الطفل من الأسوياء، فإنه يساعده على تكوين مفهوم إيجابي عن ذاته. كما يساعده أيضاً على التخلص من سلوكه المشكل، وينمي لديه القدرة على تركيز انتباهه على العملية التعليمية، وبذلك يرتفع مستوى تحصيل الدارسين وهذا ما أكدته بعض الدراسات العلمية الحديثة.
الشروط الواجب توافرها في العلاج التربوي
* يجب أن يحسن اختيار المعلم الذي سيقوم بتدريس الأطفال المصابين باضطراب الانتباه، ويتمتع بالصبر ولديه الاستعداد النفسي والبدني للعمل مع هؤلاء الأطفال، بحيث يحتاج هذا العمل إلى جهد وصبر أكثر مما يحتاجه مع أقرانهم الأسوياء.
* يجب أن يتم تكوين فريق عمل في المدرسة من مدير المدرسة والمعلم والاختصاصيين النفسي والاجتماعي، ويجب تزويدهم بالمعلومات الكافية عن اضطراب الانتباه لدى الأطفال، من حيث أسبابه وأعراضه ومظاهره السلوكية، والاضطرابات السلوكية والانفعالية والتعليمية المصاحبة له.
* يجب أن يقوم فريق العمل بوضع خطة علاجية شاملة يشترك فيها أعضاء هذا الفريق كل حسب اختصاصه، كما يجب أن يقوم كل عضو بمتابعة الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب ويقوم بتسجيل أي ملاحظات لمناقشتها مع فريق العمل.
* يجب أن يكون هناك اتصال مستمر بين فريق العمل وأسرة الطفل كي يحصلوا من الوالدين على بعض المعلومات أن الطفل يعاني من هذا الاضطراب، ولكنهم يخبرون الوالدين أن المعلم لاحظ على الطفل عدم الانتباه، وكثرة نشاطه الحركي وغيرها من الأعراض التي يلاحظها المعلم على الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب في حجرة الدراسة، وبعد مرور فترة زمنية من التعاون بين فريق العمل والوالدين يمكن تبلغيهما تدريجيا أن طفلهما يعاني من هذا الاضطراب.
وكي نقوم بتحسين سلوك الانتباه هناك إجراءات عدة، من شأنها أن تحسن قدرة المتعلم على الانتباه.
استراتيجيات علاج العجز عن الانتباه
1 - التدريب على تركيز الانتباه.
* العمل على توجيه الانتباه نحو المثيرات ذات العلاقة بالموضوع وترك باقي المثيرات على هامش شعوره، ويتمثل هذا في:
* لفت نظر المتعلم إلى المثيرات المهمة حتى يركز عليها ويعزف عن غيرها، أن يقول المعلم: "انتبهوا إلى النقاط الرئيسة الآتية"، ومن ثم يكتبها على السبورة ويكمل شرحها.
* تبسيط المثيرات المقدمة وتقليل عددها وإزالة تعقيداتها، حتى يستطيع الطالب أن ينتبه إليها ويلم بها ويستوعبها.
* استخدام المثيرات والخبرات الجديدة وغير المألوفة، حتى نلفت انتباه المتعلم، لأن التعود على المثيرات يجعله يملها فلا تثير اهتمامه وينتبه إلى غيرها.
* توظيف أكثر من حاسة ونشاط في الانتباه مثل، الاستعانة بالبصر والسمع في تعلم القراءة والكتابة، وإضافة اللمس في الدروس العلمية والفنية.
* عرض المواد العلمية في شكل مجموعات متجانسة تكون لها دلالاتها ومغزاها، فيسهل على الطالب فهمها واستيعابها بالتركيز عليها.
* الاستعانة بالخبرات السابقة للطالب والانطلاق منها لتقديم خبرات تربوية جديدة ترتبط بها، فلا يجد المتعلم صعوبة في الانتباه إليها وفهمها والإلمام بها.
2 - زيادة مدة الانتباه
تتم بطريقة تدريجية بالاستعانة بالإجراءات الآتية:
* إخبار المتعلم بالمثيرات المهمة.
* التقليل من عدد المثيرات وكذلك التقليل من تعقيدها.
* استخدام المثيرات والخبرات الجديدة غير المألوفة.
* توظيف أسلوب اللمس.
* عرض المواد في شكل مجموعات متجانسة.
* استخدام الخبرات السابقة والمعاني.
* زيادة الوقت المطلوب لأداء المهمة بشكل تدريجي.