حكومتنا الموقرة تؤكد بأنها لا تسعى للشعبية وهي عبارة أعيدت على مسامعنا كثيرا من حكومات سابقة، وقد أصبح لهذه الكلمة وقع مخيف على مسامع عامة أبناء الشعب؛ لأنها باتت مرتبطة بقرارات تؤخذ بعيدا عنهم ولكنها تؤثر عليهم تأثيرا سلبيا ومباشرا، فالحكومة التي لا تبحث عن شعبية صار معناها أن الحكومة لن تراعي عند إتخاذ أي قرار أحوال المواطنين ولا احتياجاتهم ولا خصوصية بعضهم ويفهم ضمنا أن هناك قرارت قاسية بانتظارهم، ومع أن الغالبية من أبناء الشعب يدعمون القرارات السليمة والعادلة والمنطقية لأي حكومة كانت ويؤيدون فكرة عدم ترحيل المشاكل، ولكن لا يرحبون بكل تأكيد بقرارات تمس حياتهم اليومية وتعتدي على جيوبهم المفرغة أصلا وقوتهم الشحيح وهنا أتكلم عن الطبقة الإجتماعية الأوسع إنتشارا في أردننا الحبيب وهي الفقيرة مهدودة الدخل؛ لأن الدخل لم يعد محدود بل صار مهدودا لا يقوى على فعل شيء في وجه حيتان فساد وحيتان تجار وحيتان أغنياء لا تعنيهم بأي حال من أحوال لا فاتورة الكهرباء ولا الماء ولا أسعار الغاز والمحروقات والخبر لا المشروح ولا غيره.
في كل دول العالم التي تسعى لتحقيق العدالة لمواطنيها يتم مراعاة أبناء الطبقة الأقل حظا وتسعى تلك الدول لتجنيب هؤلاء آثار أي قرار سلبي قد يؤثر عليهم، وتعمل على تأمين مستلزمات الحياة الكريمة وأساسياتها اليومية لهؤلاء الناس ولكن الوضع عندنا مختلف تماما فعلى مر السنوات الطويلة السابقة شاهد الجميع وأيقن بأن الإمتيازات والإعفاءات ومكرمات الديوان الملكي والمناصب العليا بالدولة لا تذهب بالغالب إلا لأبناء الذوات كما يقولون ولأصحاب الدخول المرتفعة والباهظة والكروش المتدلية والجيوب الممتلئة بدفاتر الشيكات وأرقام الحسابات، وكان نتيجة ذلك أن الأغنياء إزدادوا غنا والفقراء بقوا على حالهم إن لم يتقهقروا للوراء.
لا أدري كيف قررت الحكومة الرشيدة زيادة أسعار الكهرباء في هذا الوقت وعلى الجميع تقريبا مع أنها أكدت أن هذه الزيادات لن تمس إلا المستهلكين الكبار ولكن النتائج أظهرت كالعادة عكس ذلك تماما فالزيادة كانت كبيرة ومبالغ بها وعلى الجميع تقريبا، وهنا أؤكد للحكومة أنها إن أصرت على قرارها هذا فإن المواطن العادي البسيط لن يتحمل مقدار الجهد والضغط العالي الذي تم تحميله إياه، لذلك أرجو مراجعة هذا القرار وتجنيب المستهلك العادي البسيط تبعات هذه الزيادة، وإن كانت الحكومة لا تبحث عن شعبية مع أن هذه العبارة مبتورة وناقصة إن قيلت مفردة ولكن يجب أن يتم إكمالها لتصبح الحكومة لا تبحث عن شعبية زائفة ومؤقتة عند الفاسدين والجشعين والمحتكرين والحيتان ولكن عند أبناء الشعب الكادحين يجب أن تنعكس الصورة تماما فإن الشرعية والشعبية الصادقة هما الداعمان الحقيقيان لأي حكومة تريد أن تعمل لأجل الصالح العام وتعمل على تلبية حاجات المواطنين قدر المستطاع، لقد شاهدنا ورأينا وسمعنا وعرف أكثرنا النتائج الكارثية لتهميش الشعب ونهب ثرواته وسلب مقدرات وطنه جهارا نهارا، فالمواطن أصبح في ظل كل هذا لا يحتمل أي زيادة ترهق كاهله المثقل وتستنزف ميزانيته المتهالكة أصلا وتقضي حتى على ثمن الدجاجة الذي كان ينتظرها البعض كل جمعة، حمى الله الأردن بلدي ووقاه من كل فتنة وشر وهيأ له من يخاف عليه من أبنائه الأحرار الشرفاء وما أكثرهم في أردن الخير، وأبعد عنه الفاسدون والمتربصون والجشعون الذين لا يحللون ولا يحرمون، وأرشد هذه الحكومة إلى عدم التسرع بأي قرار من شأنه التأثير السلبي والمباشر على حياة الفقراء والموظفين العاديين وأبناء الطبقة الوسطى التي إنصهر معظمها وتراجع إلى تحت خط الفقر، وأختم بالقول أن إعادة المليارات التي نهبت والأراضي التي سرقت وفوضت والأموال التي حولت أولى وأجدر من محاربة الفقير في أساسيات عيشه وذلك يضمن تحقيق شعبية دائمة وحقيقية للحكومة وينتج إرتياحا كبيرا لدى جميع المواطنين الأردنيين الساعين للحق والباحثين عنه والمطالبين به، فلو تم إرجاع ما نهبه البهلوان وغيره لما اضطرت الحكومة لرفع لا أسعار الكهرباء ولا غيرها.
Abomer_os@yahoo.com