أخبار البلد - اندلعت معارك عنيفة في شوارع مدينة غزة حيث استخدم مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنفاقاً لنصب كمائن للقوّات الإسرائيلية، بالتزامن مع القصف المتواصل اليوم الخميس على مواقع مختلفة شمال ووسط وجنوب قطاع غزة وإطلاق قنابل مضيئة في سماء القطاع
استهدفت طائرات الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم الخميس، محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة بغارات عدّة
وأفادت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن "طائرات الاحتلال الحربية أطلقت صواريخ عدّة على فترات متواصلة محيط مجمع الشفاء الطبي، ما أدى لسقوط شظايا الصواريخ في ساحة المستشفى، بالتزامن مع إطلاق قنابل مضيئة في سماء مدينة غزة وتحديداً مخيم الشاطئ"
وأضافت أن "طائرات الاحتلال قصفت أيضاً محيط مستشفى النصر غرب غزة، ما أدّى لاستشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة العشرات"
بالموازاة، لفت الجيش الإسرائيلي إلى أنّ قوّاته تقدّمت إلى وسط مدينة غزة، المعقل الرئيسي لـ"حماس" وأكبر مدينة في القطاع الساحلي، في حين ذكرت الحركة أن مقاتليها كبّدوا القوّات الإسرائيلية خسائر فادحة
وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم مقتل ضابط وإصابة 5 آخرين بينهم ضابطان بجروح خطيرة خلال معارك غزة، لترتفع حصيلة قتلى الجيش إلى 35
وذكر أنّه سيطر على موقع تابع لـ"حماس" غرب جباليا شمال قطاع غزة
وقال المتحدّث باسم وزارة الصحّة الفلسطينية أشرق القدرة: "لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي لم يدع شبراً من دون استهداف ما أوقع المئات من الشهداء والجرحى خلال الساعات الماضية"
من جهّته، كشف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عن أن كل 10 دقائق يقتل طفل في القطاع"، مضيفاً: "255 ألف نازح في مدارس الأونروا في غزة والشمال والوكالة تتركهم منذ شهر بلا مأوى"
أما مفوّض وكالة الأونروا فيليب لازاريني فقال: "يجب أن ينتهي الحصار على غزة والسماح بتدفّق المساعدات بلا قيود"، وقال: "وقف إطلاق النار الفوري في غزة سيحول دون وقوع كارثة"
وذكر أن "700 ألف شخص في غزة يعيشون الآن في 150 مبنى تابعاً للوكالة"، متابعا أن "المساعدات التي تصل إلى غزة عبر معبر رفح أقل بكثير مما هو مطلوب"
ونشرت "كتائب القسّام"، الجناح العسكري لـ"حماس"، أمس الأربعاء مقطع فيديو يظهر على ما يبدو معارك ضارية في الشوارع وسط المباني التي قُصفت في مدينة غزة
وأظهرت لقطات من مقطع نشرته "حماس" أمس مقاتلين في غزة يركضون وسط أكوام من الحطام ويتوقفون لإطلاق صواريخ من مدافع محمولة على الكتف نحو الدبابات الإسرائيلية
وأظهرت لقطات أخرى إطلاقهم النار من بنادق من خلف المباني. ولم تتمكّن "رويترز" من التحقّق من صحة اللقطات
وأفادت مصادر من "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي" بأنّ الدبّابات الإسرائيلية واجهت مقاومة شرسة من مقاتلي "حماس" الذين يستخدمون الأنفاق لنصب الكمائن
وتدك إسرائيل غزة ردّاً على هجوم شنّه مقاتلو "حماس" عبر الحدود على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وقتلوا خلاله 1400 شخص معظمهم مدنيون واحتجزوا نحو 240 أسيراً وفقاً للإحصاء الإسرائيلي
وأشار مسؤولون فلسطينيون إلى أنّ 10569 شخصاً قتلوا جراء القصف الإسرائيلي حتى أمس الأربعاء، 40 بالمئة منهم أطفال
إلى ذلك، أفاد المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري أمس الأربعاء بأن "حماس فقدت السيطرة على شمال" قطاع غزة
وأضاف أن جنوداً من سلاح المهندسين يستخدمون عبوات ناسفة لتدمير شبكة الأنفاق التي بنتها "حماس" وتمتد لمئات الكيلومترات تحت القطاع. وذكر الجيش أنه دمر 130 فتحة نفق حتى الآن
وتتّهم إسرائيل "حماس" بالمسؤولية عن مقتل مدنيين في غزة، معتبرة أنّها تستخدم سكّان القطاع دروعاً بشرية وتخفي مراكز الأسلحة والعمليات في المناطق السكنية
واصطحبت القوّات الإسرائيلية صحافيين أجانب إلى أطراف مدينة غزة أمس. ورأى الصحافيون دماراً واسع النطاق حيث شوهت المعارك كل مبنى على مرمى البصر إذ سقطت الجدران وانتشرت ثقوب الرصاص والشظايا على الواجهات وانكسرت سيقان أشجار النخيل
وقال نائب قائد اللواء 401 اللفتنانت كولونيل إيدو، مكتفياً بذكر اسمه الأول، إنّه عندما وصل الجنود إلى هذه المباني كانت جميع الأسر قد غادرت
وأضاف، بينما يقف في غرفة نوم أطفال مطلية باللون الوردي لحقت بها أضرار بالغة، "لذلك نحن نعلم أن الجميع هنا هم أعداؤنا. لم نرَ هنا أي مدنيين، فقط حماس"
وذكر جنود في الجولة الصحافية أنّه تحت شقة العائلة طابقان من الورش التي كانت تستخدم لتصنيع الأسلحة، ومنها طائرات مسيّرة عثروا عليها في خمسة صناديق خشبية. ولم يتسنَ التحقّق من هذه الرواية
50 ألف فلسطيني يتّجهون جنوباً
في السياق، ذكر هاغاري أن نحو 50 ألف مدني فلسطيني غادروا شمال القطاع أمس الأربعاء خلال مهلة أعلنتها إسرائيل لمدّة أربع ساعات
وطلب الجيش الإسرائيلي مراراً من السكان إخلاء الشمال أو المخاطرة بالحصار في دائرة العنف. لكن الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع تعرّضت أيضاً لإطلاق النار
بدورها، حذّرت منظّمة الصحّة العالمية من خطر متزايد لانتشار الأمراض في قطاع غزة بسبب القصف الجوي الإسرائيلي الذي أدّى لتعطّل النظّام الصحّي وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وتكدّس الناس في الملاجئ
وأضافت المنظّمة "مع استمرار ارتفاع عدد الوفيات والإصابات في غزة بسبب تصاعد الأعمال العدائية، فإنّ الزحام الشديد في الملاجئ وتعطّل النظام الصحّي وشبكات المياه والصرف الصحّي يضيف خطراً آخر هو الانتشار السريع للأمراض المعدية. وقد بدأت بعض الاتّجاهات المقلقة في الظهور فعلاً"
ولفتت إلى أن نقص الوقود في القطاع المكتّظ بالسكّان أدّى لإغلاق محطّات تحلية المياه، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية مثل الإصابة بالإسهال
وفي حين أنّ إمدادات الغذاء والمياه والأدوية التي تدخل إلى غزة قليلة للغاية، ترفض إسرائيل السماح بدخول الوقود عازية ذلك إلى مخاوف من تحويل حركة "حماس" لمساره، على الرغم من مناشدات من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية
وذكرت منظّمة الصحّة العالمية أنّه تم الإبلاغ عن أكثر من 33551 إصابة بالإسهال منذ منتصف تشرين الأول، معظمها بين الأطفال دون سن الخامسة
وأردفت أن عدد الأطفال المتأثّرين يمثل زيادة كبيرة مقارنة بألفي حالة شهرياً في المتوسط في تلك الفئة العمرية خلال عامي 2021 و2022
وأدّى نقص الوقود إلى تعطيل عملية جمع النفايات الصلبة، وهو ما قالت منظمة الصحة إنّه "هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض أو تكون وسيطاً لها"
وقالت إن المرافق الصحّية تعاني "استحالة الالتزام بالتدابير الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها"، ما يزيد من خطر العدوى الناجمة عن الإصابات البالغة والجراحات ورعاية الجروح والولادة
وحذّرت من أنّه "مع توقف أعمال التطعيم الروتيني ونقص الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض السارية يزداد خطر انتشار الأمراض بسرعة"
ومع دخول الحرب بين إسرائيل و"حماس" شهرها الثاني، بدأت واشنطن تناقش مع القادة الإسرائيليين والعرب مستقبل قطاع غزة بدون حكم "حماس"
وبينما لم تظهر خطة بعد، حدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن توقذعات واشنطن بشأن المنطقة الساحلية المحاصرة. وقال في مؤتمر صحافي في طوكيو "لا إعادة احتلال لغزة بعد انتهاء الصراع. لا محاولة للتضييق على غزة أو حصارها. لا تقليص لأراضي غزة"
وأضاف بلينكن أنه قد تكون هناك حاجة إلى "فترة انتقالية ما" في نهاية الصراع، لكن الحكم بعد انتهاء الأزمة في غزة يجب أن يشمل "حكماً بقيادة فلسطينية واتحاداً لغزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية"
وشدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الإثنين لقناة "أيه بي سي نيوز" على أن إسرائيل ستتولّى مسؤولية الأمن في غزة بعد الحرب "إلى أجل غير مسمّى"
وحاول مسؤولون إسرائيليون منذ ذلك الحين توضيح أنّهم لا يعتزمون احتلال غزة بعد الحرب، لكنّهم لم يوضحوا بعد كيف يمكنهم ضمان الأمن من دون الحفاظ على وجود عسكري هناك. وسحبت إسرائيل قوّاتها من غزة عام 2005
وقال خليل الحيّة، وهو أحد قادة حماس، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن هجوم الحركة على إسرائيل كان يهدف للقضاء على الوضع الراهن وفتح فصل جديد في حربها مع إسرائيل
ونقلت عنه الصحيفة قوله أمس الأربعاء "لقد نجحنا في إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة، والآن لا أحد في المنطقة يشعر بالهدوء"