أخبار البلد- بعدعام طويل من الصراعات والتجاذبات والشرخ الداخلي العميق، وضع الإسرائيليون خلافاتهم الحادة جانبا، وقرروا جميعا الاصطفاف خلف حكومة بنيامين نتنياهو وتأييد قرارها بشن حرب الإبادة والتهجير ضد الشعب الفلسطيني. جرى ذلك حتى من دون أي تحفظ من قبل قوى المعارضة على قرارات نتنياهو وجيشه باستخدام ترسانة القتل والفتك والتدمير للانتقام من الفلسطينيين، وانتهاك كل قوانين الحرب والقانون الدولي بما يشمله ذلك من ارتكاب جرائم حرب موصوفة، مثل جريمة منع وصول الماء والغذاء والكهرباء والوقود والاتصالات والمستلزمات الطبية عن الشعب الخاضع للحصار منذ أكثر من خمسة عشر عاما، وجريمة التهجير الجماعي سواء بسبب القصف الرهيب، أو بسبب دعوات جيش الاحتلال للسكان لمغادرة شمال القطاع والتوجه إلى جنوب وادي غزة ومطالبة مواطني القطاع بشكل عام بالتوجه إلى مصر، إلى جانب جريمة استهداف المدنيين بقصف العمارات السكنية والأبراج وتهديمها على رؤوس ساكنيها من دون اي تمييز بين المقاتلين والمدنيين.
لا غرابة في موقف القوى الإسرائيلية الذي تُوّج بانضمام بيني غانتس وحزبه لحكومة الطوارئ ومجلس الحرب، بل إن القوى الأخرى التي لم تنضم للحكومة لم تبخل بالإعراب عن تأييدها للجهود الحربية والانتقامية. وهي الأخرى أجلت حساباتها مع نتنياهو إلى ما بعد الحرب، مع أن ثمة إجماع في الشارع وفي أوساط القوى السياسية على تحميل رئيس الوزراء وشركائه المسؤولية الكاملة عن اللطمة التي تلقتها إسرائيل في السابع من أوكتوبر، فمرّغت سمعة جيشها في الوحل، وبددت الهالة التي تحيط بهذا الجيش الموصوف بأنه لا يقهر. كما وجهت ضربة قاسية لسمعة الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تحولت في العقد الماضي إلى مصدر قوة سياسية ودبلوماسية واقتصادية لإسرائيل وباتت، من خلال اندماجها مع صناعات التقنية الحديثة، القاطرة التي تقود النمو الاقتصادي، ففي العام الماضي فقط باعت إسرائيل أسلحة ومعدات عسكرية وبرامج تجسس بما يزيد عن ستة عشر مليار دولار، كان نصيب الدول العربية المشاركة في الاتفاقيات الإبراهيمية وحدها نحو ثلاثة مليارات دولار.
الضربة التي تلقتها إسرائيل في طوفان الأقصى مسّت مكانتها الإقليمية وهيبتها وصورتها أمام نفسها وأمام العالم، ولكنها لا تطال وجودها، في حين أن حرب الإبادة والتدمير والتهجير التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة تنذر بنكبة جديدة لا تقل كارثية وألما عن النكبة الكبرى التي لحقت بشعبنا في العام 1948. والحديث عن نكبة جديدة ليس اختراعا من محللين فلسطينيين ولا هو محض كلام إنشائي، بل هو تهديد مستمر يطلقه قادة ومسؤولون ومحللون إسرائيليون ردا على كل فعل نضالي فلسطيني، وقد سبق لهم ان أطلقوه خلال الانتفاضة الكبرى، وانتفاضة الأقصى وخلال معركة سيف القدس وصولا للأحداث التي شهدتها الضفة على امتداد العامين الماضيين.
لكل ذلك الأجدر بشعبنا وقواه وفصائله ومنظماته الأهلية وكل مكوناته السياسية والاجتماعية أن تضع كل خلافاتها جانبا ( بما في ذلك النقاش الزائد عن مبررات عملية طوفان الأقصى) وأن تتفق على سبل مواجهة الأخطار الداهمة، خطر الإبادة والتهجير في قطاع غزة، ويمكن للخطر أن ينتقل بسهولة للضفة وخاصة بعد أن أعلن قادة المستوطنين أن ميليشياتهم هي التي سوف تتولى ضبط النظام والقانون في الضفة بذريعة انشغال الجيش في غزة.
رأينا الترجمة الفورية لهذا التوجّه من خلال اعلان الضفة منطقة عسكرية، وإغلاق معظم المناطق من محافظات ومدن وقرى، بالبوابات الحديدية والحواجز العسكرية والكتل الاسمنتية، ثم في سلسلة الاعتداءات التي يشنها المستوطنون على بعض القرى والطرق الخارجية ومن بينها الاعتداء الدموي على قرية قصرة، واغتيال الشهيدة رندة عجاج من دير جرير.
الأولوية القصوى الآن هي لحماية شعبنا في غزة من مخاطر حرب الإبادة والتهجير، وهي الحرب الوحشية التي تصطف فيها أميركا والغرب الاستعماري عموما إلى جانب إسرائيل، فلا تكتفي بالانحياز السياسي بل أخذت تشارك في غرف العمليات، وترسل الجسور الجوية وحاملات الطائرات لإمداد إسرائيل بقذائف الموت والذخائر.
في هذه المعركة يحتاج شعبنا إلى كل صوت فلسطيني وعربي وإنساني لنصرته والدفاع عنه، وإلى مواقف سياسية موحدة، وفعاليات مناصرة في كل مكان. يمكن لقوى شعبنا ولأصدقائنا على امتداد العالم أن يوصلوا رسائل واضحة أن شعبنا في غزة ليس وحده، وأن المعتدين وداعميهم سيدفعون الثمن.
الأولوية المرتبطة بحماية غزة وشعبنا فيها، هي توحيد الموقف السياسي والميداني في الضفة، وإذا كان من الصعب حل الخلافات والتباينات التي فرقتنا خلال الأعوام الماضية، فمن السهل الاتفاق على برنامج عمل مؤقت وميداني لحماية القرى والبلدات المهددة من ميليشيات المستوطنين، وتنظيم فعاليات مناصرة غزة، وإيصال رسالة واضحة للمحتلين وللعالم أجمع بأننا شعب واحد، ولن نسلم إطلاقا بمحاولات الاستفراد بغزة أو باي من القوى السياسية المناضلة.
حين تعمد ماكينة الدعاية والكذب الإسرائيلية، وبكل وقاحة، إلى فبركة كل هذه الافتراءات لشيطنة فصائلنا وتجريم شعبنا كله، فذلك لا يأتي في سياق السجال الكلامي وعرض المواقف وإنما لتبرير الهجوم الوحشي الذي لا يراعي أي ضوابط أو قوانين دولية، ويستبيح ارتكاب جرائم الحرب دون وازع أو رادع، مصادقة كلية واصطفاف عملي من قبل الإدارة الأميركية التي كانت على امتداد العام الماضي تتجنب اللقاء مع نتنياهو وأركان حكومته بعد أن وصفتها بأنها أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل، ولكنها انفتحت عليه إلى حد المشاركة في قراراته بعد طوفان الأقصى، لأن اللطمة التي تلقتها إسرائيل في السابع من أوكتوبر هي ضربة لنفوذها ومكانتها الإقليمية ولأدوارها الوظيفية، كما هي ضربة لرؤوس التحالف الغربي الاستعماري.
لسنا وحدنا في ميدان المواجهة والدفاع عن قيم العدل والحق والحرية، ولكن استنهاض القوى المناصرة لشعبنا وقضيته يتطلب أولا وقبل كل شيء أداء فلسطينيا موحدا وفاعلا يستند إلى بطولات شعبنا في الميدان ويستثمر عدالة قضيتنا وما لها من مكانة في وجدان الشعوب وحركات التحرر.
لا غرابة في موقف القوى الإسرائيلية الذي تُوّج بانضمام بيني غانتس وحزبه لحكومة الطوارئ ومجلس الحرب، بل إن القوى الأخرى التي لم تنضم للحكومة لم تبخل بالإعراب عن تأييدها للجهود الحربية والانتقامية. وهي الأخرى أجلت حساباتها مع نتنياهو إلى ما بعد الحرب، مع أن ثمة إجماع في الشارع وفي أوساط القوى السياسية على تحميل رئيس الوزراء وشركائه المسؤولية الكاملة عن اللطمة التي تلقتها إسرائيل في السابع من أوكتوبر، فمرّغت سمعة جيشها في الوحل، وبددت الهالة التي تحيط بهذا الجيش الموصوف بأنه لا يقهر. كما وجهت ضربة قاسية لسمعة الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تحولت في العقد الماضي إلى مصدر قوة سياسية ودبلوماسية واقتصادية لإسرائيل وباتت، من خلال اندماجها مع صناعات التقنية الحديثة، القاطرة التي تقود النمو الاقتصادي، ففي العام الماضي فقط باعت إسرائيل أسلحة ومعدات عسكرية وبرامج تجسس بما يزيد عن ستة عشر مليار دولار، كان نصيب الدول العربية المشاركة في الاتفاقيات الإبراهيمية وحدها نحو ثلاثة مليارات دولار.
الضربة التي تلقتها إسرائيل في طوفان الأقصى مسّت مكانتها الإقليمية وهيبتها وصورتها أمام نفسها وأمام العالم، ولكنها لا تطال وجودها، في حين أن حرب الإبادة والتدمير والتهجير التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة تنذر بنكبة جديدة لا تقل كارثية وألما عن النكبة الكبرى التي لحقت بشعبنا في العام 1948. والحديث عن نكبة جديدة ليس اختراعا من محللين فلسطينيين ولا هو محض كلام إنشائي، بل هو تهديد مستمر يطلقه قادة ومسؤولون ومحللون إسرائيليون ردا على كل فعل نضالي فلسطيني، وقد سبق لهم ان أطلقوه خلال الانتفاضة الكبرى، وانتفاضة الأقصى وخلال معركة سيف القدس وصولا للأحداث التي شهدتها الضفة على امتداد العامين الماضيين.
لكل ذلك الأجدر بشعبنا وقواه وفصائله ومنظماته الأهلية وكل مكوناته السياسية والاجتماعية أن تضع كل خلافاتها جانبا ( بما في ذلك النقاش الزائد عن مبررات عملية طوفان الأقصى) وأن تتفق على سبل مواجهة الأخطار الداهمة، خطر الإبادة والتهجير في قطاع غزة، ويمكن للخطر أن ينتقل بسهولة للضفة وخاصة بعد أن أعلن قادة المستوطنين أن ميليشياتهم هي التي سوف تتولى ضبط النظام والقانون في الضفة بذريعة انشغال الجيش في غزة.
رأينا الترجمة الفورية لهذا التوجّه من خلال اعلان الضفة منطقة عسكرية، وإغلاق معظم المناطق من محافظات ومدن وقرى، بالبوابات الحديدية والحواجز العسكرية والكتل الاسمنتية، ثم في سلسلة الاعتداءات التي يشنها المستوطنون على بعض القرى والطرق الخارجية ومن بينها الاعتداء الدموي على قرية قصرة، واغتيال الشهيدة رندة عجاج من دير جرير.
الأولوية القصوى الآن هي لحماية شعبنا في غزة من مخاطر حرب الإبادة والتهجير، وهي الحرب الوحشية التي تصطف فيها أميركا والغرب الاستعماري عموما إلى جانب إسرائيل، فلا تكتفي بالانحياز السياسي بل أخذت تشارك في غرف العمليات، وترسل الجسور الجوية وحاملات الطائرات لإمداد إسرائيل بقذائف الموت والذخائر.
في هذه المعركة يحتاج شعبنا إلى كل صوت فلسطيني وعربي وإنساني لنصرته والدفاع عنه، وإلى مواقف سياسية موحدة، وفعاليات مناصرة في كل مكان. يمكن لقوى شعبنا ولأصدقائنا على امتداد العالم أن يوصلوا رسائل واضحة أن شعبنا في غزة ليس وحده، وأن المعتدين وداعميهم سيدفعون الثمن.
الأولوية المرتبطة بحماية غزة وشعبنا فيها، هي توحيد الموقف السياسي والميداني في الضفة، وإذا كان من الصعب حل الخلافات والتباينات التي فرقتنا خلال الأعوام الماضية، فمن السهل الاتفاق على برنامج عمل مؤقت وميداني لحماية القرى والبلدات المهددة من ميليشيات المستوطنين، وتنظيم فعاليات مناصرة غزة، وإيصال رسالة واضحة للمحتلين وللعالم أجمع بأننا شعب واحد، ولن نسلم إطلاقا بمحاولات الاستفراد بغزة أو باي من القوى السياسية المناضلة.
حين تعمد ماكينة الدعاية والكذب الإسرائيلية، وبكل وقاحة، إلى فبركة كل هذه الافتراءات لشيطنة فصائلنا وتجريم شعبنا كله، فذلك لا يأتي في سياق السجال الكلامي وعرض المواقف وإنما لتبرير الهجوم الوحشي الذي لا يراعي أي ضوابط أو قوانين دولية، ويستبيح ارتكاب جرائم الحرب دون وازع أو رادع، مصادقة كلية واصطفاف عملي من قبل الإدارة الأميركية التي كانت على امتداد العام الماضي تتجنب اللقاء مع نتنياهو وأركان حكومته بعد أن وصفتها بأنها أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل، ولكنها انفتحت عليه إلى حد المشاركة في قراراته بعد طوفان الأقصى، لأن اللطمة التي تلقتها إسرائيل في السابع من أوكتوبر هي ضربة لنفوذها ومكانتها الإقليمية ولأدوارها الوظيفية، كما هي ضربة لرؤوس التحالف الغربي الاستعماري.
لسنا وحدنا في ميدان المواجهة والدفاع عن قيم العدل والحق والحرية، ولكن استنهاض القوى المناصرة لشعبنا وقضيته يتطلب أولا وقبل كل شيء أداء فلسطينيا موحدا وفاعلا يستند إلى بطولات شعبنا في الميدان ويستثمر عدالة قضيتنا وما لها من مكانة في وجدان الشعوب وحركات التحرر.