يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الاتصالات رفيعة المستويات بين الوسطاء وحكومة الاحتلال اليمينية وحركة "حماس" لمنع التصعيد في قطاع غزة.
وفي السياق قررت سلطات الاحتلال أمس إعادة فتح معبر بيت حانون شمالي قطاع غزة لمغادرة العمال الفلسطينيين اعتبارا من أمس بعد إغلاقه على مدى أسبوعين.
وأغلقت إسرائيل المعبر المخصص لحركة الأفراد أمام أكثر من 18 ألف عامل فلسطيني، بدعوى استمرار المظاهرات في عدد من نقاط التماس مع قوات الاحتلال شرقي القطاع.
وبشأن القدس المحتلة تخيم أجواء التوتر والاحتقان الشديدين على المدينة المحتلة، على وقع مخطط المستوطنين تنفيذ اقتحام جماعي للمسجد الأقصى خلال ما يسمى "عيد العرش" المزعوم المقبل، تلبية لمطالب الجماعات المتطرفة، في ظل كثافة الدعوات الفلسطينية للحشد الواسع والرباط "بالأقصى" والتصدي للمستوطنين المتطرفين بانتهاك باحاته، مما ينذر بزيادة الصدام مع الفلسطينيين.
وتواصل عدوان الاحتلال بحق المسجد الأقصى أمس عبر تأمين الحماية الأمنية المشددة لاقتحام المستوطنين المتطرفين لباحات المسجد، من جهة "باب المغاربة"، واستباحة حرمته.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بأن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية في باحاته، بينما واصلت شرطة الاحتلال التضييق على دخول المصلين "للأقصى"، ودققت في هوياتهم واحتجزت بعضها عند بواباته الخارجية.
وفي الأثناء؛ تجري محادثات نشطة بين الوسطاء، الأمم المتحدة ومصر وقطر، مع كل من حكومة الاحتلال وحركة "حماس" في محاولة لتهدئة التصعيد المتجدد عند الحدود المحاذية لقطاع غزة، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
وأدركت سلطات الاحتلال، طبقا للصحيفة الإسرائيلية نفسها، خطأ تقديراتها حينما ظنت أن التسهيلات الاقتصادية في قطاع غزة ستؤدي إلى هدوء طويل الأمد، في ظل استمرار جرائمها وعدوانها ضد الشعب الفلسطيني والتصعيد في الضفة الغربية وبحق القدس والمسجد الأقصى المبارك.
ولمدة أسبوعين تقريبا؛ تشهد المنطقة المحاذية لقطاع غزة مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، كما تم تنظيم التظاهرات الشعبية الغاضبة والمنددة بجرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
ومن خلال وسم "الشباب الثائر – قطاع غزة" على شبكة التواصل الاجتماعي، يحشد الفلسطينيون لصد عدوان الاحتلال، عبر الفعاليات والأنشطة والاحتجاجات الشعبية على طول الحدود للقطاع للتنديد بجرائم الاحتلال والمطالبة بالرد عليها.
وما يزال الجدل مستمرا داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية حيال الجدوى من تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، في ظل الوضع السياسي المنهك في الكيان المحتل بما يجعل حكومة الاحتلال اليمينية قد تجد صعوبة في حشد دعم لتنفيذها، ولكن قد يصب الهجوم العسكري الإسرائيلي في خدمة حكومة "بنيامين نتنياهو" في ظل أزماته الداخلية العميقة.
ويبدو أن بعض الأوساط السياسية الإسرائيلية تدفع باتجاه تشجيع حكومة الاحتلال لإعادة النظر في سياستها تجاه غزة، وتقديم تسهيلات اقتصادية جديدة، من أجل تهدئة الأوضاع في القطاع بالوقت الحالي، في ظل المخاطر الموجودة في جبهات أخرى، مثل الضفة الغربية، وتفاقم الأزمة الداخلية للكيان المحتل، وفق مزاعم "هآرتس" الإسرائيلية.
وليس معروفا ما إذا كانت حكومة الاحتلال، وجهازها الأمني، جادة بالأخذ بتلك التوصية، إزاء التصعيد المستمر في الضفة الغربية حد وقوع الانفجار، والإغلاق المرتقب لأنحائها، لا سيما القدس المحتلة، عند حلول عيدهم المزعوم، بالتزامن مع إغلاق معابر قطاع غزة المحاصر إسرائيليا، وكلها مؤشرات تنذَر بتفاقم الأوضاع بعيدا عن التهدئة.
من جانبها، أكدت حركة "حماس"، أن "المقاومة الفلسطينية الشاملة الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني في انتزاع الحقوق وتحرير الأرض والمقدسات، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك".
وقالت "حماس"، في تصريح لها أمس بمناسبة الذكرى الـ 23 لانتفاضة الأقصى الثانية، إن "الشعب الفلسطيني سيمضي موحدا، حاضنا لمقاومته ملتحما معها، متمسكا بثوابته وهويته، حتى تحرير الأرض والمسرى والأسرى".
وأضافت: إن "المسجد الأقصى المبارك كان وسيبقى وقفا إسلاميا خالصا، لا شرعية ولا سيادة للاحتلال وحكومته اليمينية على شبر منه، وإنَ أسباب اندلاع شرارة انتفاضة الأقصى عام 2000، قائمة اليوم وبقوة، بفعل التغول والعدوان الصهيوني ومحاولاته الاستفزازية في اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى".
وأضافت، إن "انتفاضة الأقصى عام 2000، كانت معلما بارزا من معالم وحدة الشعب الفلسطيني وصموده على الأرض، ودفاعا عن القدس و"الأقصى"، ومثالا صادقا يكشف مكامن القوة والنضال لدى الجماهير الفلسطينية بكل أطيافها، بما يؤكد القدرة بالوحدة الوطنية والمقاومة الشاملة على مواجهة الاحتلال ودحره عن أرض فلسطين"، بحسب قولها.
ودعت "حماس"، الجماهير الفلسطينية لمواصلة الرباط وشد الرحال إلى المسجد الأقصى وإفشال مخططات الاحتلال، داعية الأمة العربية والإسلامية للتحرك العاجل والجاد في وضع برامج وخطط مستدامة لدعم صمود المقدسيين.
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إقدام المستوطنين على اقتلاع وتكسير 35 شجرة زيتون في بلدة حارس غرب سلفيت بالضفة الغربية، وتنفيذ جولات استفزازية بحماية جيش الاحتلال في مسافر يطا والترويج لخرائط استيطانية تهدف للاستيلاء على 400 دونم من أراضي الفلسطينيين لتوسيع المستوطنات المحاذية.
كما نددت "الخارجية الفلسطينية" بعمليات تعميق الاستيطان المتواصلة لتوسيع مستوطنة (بروخين) الإسرائيلية، واقتحام قوات الاحتلال لبلدة كفر الديك غرب سلفيت وتجريف 40 دونما من أراضيها واقتلاع نحو 300 شجرة معمرة ومثمرة من الأراضي الفلسطينية فيها.
كما أغلقت قوات الاحتلال المنطقة الغربية في البلدة الفلسطينية وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة، تمهيدا للاستيلاء عليها وتحويلها لاحقا لصالح مشاريع استيطانية، في إطار سياسة توسيع الاستيطان وبناء المزيد من البؤر العشوائية كما هو حاصل في الأغوار ومنطقة جنوب نابلس والطريق الواصل بين بيت لحم والخليل.
وحملت "الخارجية الفلسطينية" حكومة الاحتلال اليمينية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جرائم الاستيطان، وتعتبرها الرد الإسرائيلي الرسمي على المطالبات الأميركية والدولية والأممية التي شهدتها جلسة مجلس الأمن بشأن الاستيطان.