البورصة تشهد ضعف ثقة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008
إعادة النظر بكلف التداول في بورصة عمان لجذب الاستثمارات
تحفيز الاستثمار المؤسسي من خلال تشجيع البنوك بحوافز ضريبية
إعادة النظر بكلف التداول في بورصة عمان لجذب الاستثمارات
تحفيز الاستثمار المؤسسي من خلال تشجيع البنوك بحوافز ضريبية
عقب تصريحات رئيس الوزراء بشر الخصاونة غير الراضية عن أداء بورصة عمان أثناء حديثه في الكلمة الافتتاحية بملتقى "عام على التحديث"، يوجد على أرض الواقع العديد من الحلول لتنشيط السوق والتي تمثل روافع رئيسية لكنها تحتاج الى السرعة والجرأة لينعكس إيجابا على البورصة في حال انتهاجها.
الخصاونة خاطب الحضور خلال الملتقى قائلا: "أنا غير راض عن وضع بورصة عمان، وأعتقد أن جميع الموجودين غير راضين، السوق يحتاج الى مقاربة سريعة والى أفكار خلاقة لتعود له الحيوية الضرورية لغاية تنمية الاقتصاد، وهناك مراجعات تتعلق بقانون الإعسار والعقود التجارية وغيرها".
وتعاني بورصة عمان من فقدان الثقة منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008 عندما أطلق شرارتها انهيار بنك ليمان برذر الأميركي وتبعه الكثير من الشركات والتي أطلق عليها (أزمة الرهون العقاري)، ومحليا تحويل عدد من الشركات الى هيئة مكافحة الفساد والتي حققت فيها واكتشفت مخالفات وحولتها الى القضاء، وكذلك أزمات المنطقة المتعددة، ما يؤكد الحاجة الى جملة من القرارات التحفيزية من منظور شمولي حتى يتم تحقيق فوائد على مستوى الاقتصاد الكلي.
وستبقى بورصة عمان رهينة تواضع أحجام التداول، دون 10 ملايين دينار، في حال لم تتخذ الحكومة قرارات تحفيزية وسريعة.
الحلول ستحقق مكاسب جيدة للاقتصاد الوطني من ناحية رفع الاستثمار الأجنبي الذي نسبته 47.5 % من إجمالي قيمة الشركات السوقية كما في نهاية حزيران الماضي، والذي يعد هدفا رئيسيا من ناحية جلب الاستثمار للحكومة ما ينعكس على حجم الاحتياطيات الأجنبية رغم كونها مريحة.
والحلول ليست صعبة في حال أرادت الحكومة انعكاسا إيجابيا وسريعا لمعالجة ضعف التداول اليومي للبورصة وبالتالي تحسن إيراداتها من مؤسسات سوق رأس المال (هيئة الأوراق المالية، بورصة عمان، ومركز إيداع الأوراق المالية)، ويقر الجميع بأن تلك المؤسسات وحدها لا تملك "عصا سحرية" لتحقيق ما تصبوا اليه الحكومة وهي قادرة في حال اتخذ جملة من القرارات، في ضوء نظرة اقتصادية بحتة بعيدا عن المخاوف من تناقص الإيرادات، لأن ازدياد التداولات سيعوض فقدان بعض الإيرادات والاستثمار الأجنبي.
ولجذب المستثمرين المحليين أولا والخارجيين ثانيا، لابد من إعادة النظر بكلف التداول في بورصة عمان التي تعد من الأعلى بالمنطقة من خلال خفض العمولات لمؤسسات سوق رأس المال الثلاثة والوسطاء، وثانيا وهو الأهم إلغاء الضريبة التي فرضتها الحكومة في بداية العام 2018، والتي فرضت عمولة مقطوعة بمقدار 8 لكل عشرة آلاف دينار على المتداول في بورصة عمان بيعا وشراء، بمعنى بالاتجاهين سواء أكان المستثمر فردا أو مؤسسة وقد حقق ربحا أو خسارة.
ويشار إلى أن الصين أعلنت أمس تخفيض الضريبة على تداولات الأسهم لأول مرة منذ عام 2008، في محاولة لاستعادة الثقة في ثاني أكبر سوق للأسهم في العالم. ومن المتوقع أن يؤدي تخفيض الضريبة إلى صعود تلقائي في سوق الأسهم الصينية التي تبلغ قيمتها 9.6 تريليونات دولار.
وحتى نكون واقعيين ليس من السهولة بل من المستحيل عودت بورصة عمان لأدائها الذهبي من عام 2005-2008، عندما كان حجم التداول يصل قرابة 150 مليون دينار يوميا، وحينها كان نمو الناتج المحلي الإجمالي قد وصل قرابة 8 %.
ولا بد من تحفيز الاستثمار المؤسسي من خلال إيجاد وسائل لتشجيع البنوك بحوافز ضريبية للاستثمار في بورصة عمان بما يعوض المخاطر المحتملة. وكذلك قيام عدد من الشركات الكبرى بزيادة رأسمالها، ما يسهم برفع تصنيف بورصة عمان من سوق مبتدئ الى ناشئ.
وحتى يتحقق انتقال بورصة عمان من سوق مبتدئ الى ناشئ، يجب الارتقاء إلى مستوى يتيح للسوق الدخول في مؤشرMorgan stanely MSCI ما يستدعي وجود عدد من الشركات قيمتها السوقية بمقدار ملياري دولار ويكون نصف هذه القيمة متاحة للتداول من خلال أسهم حرة إضافة لتطبيق معايير الحوكمة وبمقدمتها الاستدامة البيئية والمسؤولية الاجتماعية.
يشار إلى أن سلطنة عمان خطت أخيرا خطوة شبيهة بطرح شركات الحكومية للاكتتاب العام تشمل نحو 35 شركة.
دخول بورصة عمان بمؤشر Morgan stanely MSCI يضع السوق على خريطة الصناديق العالمية التي تقوم بتوزيع محافظها الاستثمارية وفقا لأوزان هذه الأسواق.
ويوجود 3 شركات كبرى في بورصة عمان قيمتها السوقية تبلغ قرابة الملياري دولار، لكن لا تنطبق عليها جميع الشروط سابقة الذكر، ما يستدعي إدراج شركات حكومية كبرى مطابقة لتلك المعايير التي يتطلبها مؤشر Morgan stanely MSCI.
كذلك لا بد من تعزيز دور صندوق استثمار أموال الضمان في ضوء تحقيقه الأرباح الجيدة التي تقارب 150 مليون دينار، فهو مستثمر طويل الأجل، ويجب إعادة محفظته للمتاجرة والتي سبق أن تعاملات بها إدارات سابقة للصندوق.
ومع أن قانون صكوك التمويل الإسلامي صدر في العام 2012، فلم يستثمر بشكل جيد للأفراد والمؤسسات بإصدارات تسهم بتمويل مشاريع للحكومة أو الشركات، والصكوك تمثل أداة إضافية تمويلية للحكومة خصوصا أن العديد من المستثمرين يرغبون بالتعامل بها.
ورغم الظروف الصعبة التي مرت على اقتصادات وأسواق العالم، فقد استمرت بورصة عمان في مسارها الإيجابي وفي التحسن الملحوظ الذي شهدته مؤشرات أدائها على مستوى كافة القطاعات للشركات المدرجة في البورصة وفي نتائج أعمال هذه الشركات بدءا من الربع الثالث من عام 2020 مع إعادة فتح القطاعات الاقتصادية في تلك الفترة. حيث استمر هذا الأداء الإيجابي خلال الأعوام 2021 و2022 وبداية العام 2023 والذي جاء مدعوما بتحسن أداء الشركات المدرجة من حيث تحقيق أرباح صافية تعتبر الأعلى تاريخيا حيث بلغت حوالي 2422 مليون دينار بارتفاع وصل إلى 85.5 % حسب البيانات المالية لعام 2022، مقارنة مع عام 2021، إضافة إلى الاستقرار المالي والنقدي وتحسن مؤشرات تعافي الاقتصاد الوطني ومن أهمها ارتفاع الصادرات الوطنية بنسبة 33.8 % لعام 2022 وتسجيل معدلات نمو إيجابية وصلت إلى 2.5 لعام 2022، وارتفاع الدخل السياحي بنسبة %110.5 لعام 2022 وارتفاع حوالات الأردنيين في الخارج، إضافة إلى وجود رصيد مريح لإجمالي احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية بلغ حوالي 17 مليار دولار في نهاية عام 2022، وتحسن التصنيف للاقتصاد الأردني الذي أعلنته مؤسسات التصنيف العالمية مؤخرا.
وقد استمر الارتفاع في بورصة عمان حتى الربع الأول من هذا العام الحالي ليصل إلى أكثر من 4 %، ليبدأ بالانخفاض بشكل تدريجي في ظل بدء موسم التوزيعات النقدية للشركات المساهة العامة حيث تنخفض أسعار الأسهم عادة في أسواق رأس المال في العالم بنفس نسبة التوزيع النقدي لأرباح هذه الشركات، لتبدأ بعدها الأسعار بالارتفاع في ضوء التوقعات لتحقيق نتائج إيجابية للشركات للمرحلة القادمة ونهاية العام كما يحدث حاليا في البورصة.
وبالنظر الى مؤشرات الأداء خلال 2021 و 2022 و2023، فإن بورصة عمان حققت مؤشرات إيجابية خلال عام 2021 وأعلى مكاسب سنوية منذ عام 2005 حيث سجل الرقم القياسي ارتفاعا بنسبة 27.8 %.
كما أن الرقم القياسي العام ASE100 في تموز 2021 وصل لأعلى مستوياته منذ عام 2010، وارتفع مؤشر ASE20 بنسبة 33.2 %.
وبلغت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة عمان لأعلى مستوياتها في تموز 2022 منذ عام 2014، علما بأن نسبة ارتفاع حجم التداول %87.2 خلال عام 2021 مقارنة مع عام 2020، أما القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة عمان فارتفعت 20 %، في نهاية العام 2021 مقارنة مع عام 2020.
وارتفعت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة لعام 2022 بنسبة 16.2 % مقارنة مع عام 2021 لتسجل قيمة مقدارها 18 مليار دينار، وهي أعلى قيمة تسجل منذ العام 2014، وجاءت بورصة عمان بالمرتبة الثالثة في ارتفاع المؤشر العام بين البورصات العربية الرئيسية في نهاية 2022.
كما ارتفعت أرباح الشركات المساهمة بعد الضريبة لعام 2022 وذلك بناء على البيانات المالية السنوية ارتفاعا كبيرا وهو الأعلى تاريخيا حيث بلغت 2421.9 مليون دينار مقارنة مع 1305.9 مليون دينار لنفس الشركات من عام 2021، أي بارتفاع نسبته 85.5 %، وهي أرباح غير مسبوقة تاريخيا تسجلها هذه الشركات، علما بأنه بلغ عدد الشركات الرابحة 109 شركة لعام 2022. في حين بلغ عدد الشركات الرابحة 104 شركة في عام 2021.
ووفقا لتحليل أرباح الشركات بلغ عدد الشركات الخاسرة 52 شركة لعام 2022. في حين بلغ عدد الشركات الخاسرة 57 شركة لعام 2021.