ابن الثلاثة مخيمات!

ابن الثلاثة مخيمات!
أخبار البلد -   أخبار البلد-
 

لم أكن يوماً يسارياً ولا يمينياً لكني كنت على الدوام سياسياً. ففي طفولتي كنت أنا نفسي نتاج حالة سياسية هي الأخطر في القرن العشرين وتحديداً في بداية نصفه الثاني. تولد في خيمة، ترى أمك تكنس حوش الخيمة بمكنسة من ناعم الحطب. تطبخ على بابور الكاز ما تيسر من خبيزة و بقلة ومجدرة عدس ورز من « كرم» وكالة غوث اللاجئين.

تنام مع إخوتك وأبيك و أمك على فرشات «شرايط» تصنعها ماكينة ذاك الرجل الذي كان يمر موسمياً على المخيم فيتهافت الناس عليه حاملين ما اهترى من ملابس ولم يعد يجدي معها الترقيع. كانت هي الأخرى من مكرمات الوكالة اياها التي كانت توزع « البُقج» على اللاجئين. يضع الرجل الملابس في ماكينته فتطحنها ليخرج ما يشبه القطن أو الصوف، حسب قماش تلك الملابس.

تخيط الأم ما يشبه الكيس من قماش جديد، تحشوها فيه ثم بإبرة كبيرة و خيط متين تصنع خطوطاً طولية متوازية ثم عرضية فتثبت الحشوة في «الكيس» و... ينام الكل كالسمك في علبة السردين، ثلاثة على فرشتين و أحياناً أربعة.

الحاجة كانت أم «إعادة التدوير « في مطحنة الشرايط !

كنت طفلاً لا أعرف ما الذي أسكننا في خيمة. صيف حار وشتاء بارد. ثلج يكاد يهدم الخيمة وخيبة في عيون الأب يطفئها صبر وصدر الأم الحنون « معلش بكرا بنرجع، حكولنا كلها كم يوم وبنرجعكم «. لم تكن تعلم أن القصة كبيرة، أكبر من كم يوم وأطول من سبعين سنة. وأنهم اقتلعوا بمؤامرة دولية من بيوتهم وأرضهم ليأتوا بغيرهم من شذاذ الآفاق وشتات العالم الذي ضاق ذرعاً بخبثهم و نجاستهم ليحلوا محلهم، فيسكنون بيوتهم ويغيرون أسماء مدنهم وقراهم ويسرقون تراثهم وأزياءهم وفلافلهم و حمصهم و..اسم بلادهم !

لم أكن أعرف أن «كرت المؤن» مجرد تعويض عن وطن. وأن ما يتصدقون به على اللاجئين من رز و سمنة و عدس وطحين ما هو الا بديل هزيل لقمح البلاد وبرتقالها، الذي كان يصدر الى أوروبا، و ليمونها و بياراتها وخضرواتها ولبنها وعنبها وعسلها.

في مخيم عسكر القريب من نابلس حيث توزع اللاجئون في مخيمات حول و قريباً من كل المدن في ما تبقى من فلسطين ومنها تنطلق أغلب عمليات المقاومة الآن، درست الصف الأول. ولم أزل أتذكر خيام المدرسة ومقاعدها وأساتذتها وتلاميذها وكيف كان أبي يتفاخر أن ابنه جاب الأول على الصف. وأتذكر كيف حلقوا لنا على الصفر كمتطلب للنظافة وكيف كان لون الزي المدرسي «بنطلون كاكي» و قميصاً أبيض.

المخيم الثاني كان في عمان حيث وجدنا في الأردن وطناً. مخيم الحسين لكنه كان بدون خيم. بيوت مكومة ملتصقة ببعضها يفصل بينها شارع وحيد على جانبيه دكاكين صغيرة، خضار ولحام وسمكري وبقالة وبائع فول وحمص يملأ الصحن بقرش وعشرة أقراص فلافل أيضاً بقرش. بين كل عشرة صفوف صف عريض يسمى شارع الحنفيات. خمس حنفيات يقابلها خمس أخرى. تذهب النساء كل معها سطل وبيدها جلن صغير و..على الدور لأن الماء كان يتوفر مرتين أو ثلاث في الأسبوع ولساعات محدودة.

انتقال أهلي من مخيم عسكر الى مخيم الحسين العام 1957 جاء متأخراً. فلم يعد ثمة بيوت توزع. فاتخذوا من سفح جبل النزهة الملاصق للمخيم، وكان السفح مجرد جبل لم تنبت فيه البيوت و العمارات بعد، بيوتاً من الزينكو يفصل بينهم وبين أسفل المخيم سيل كان عنيفاً هادراً في أيام المطر و عطشانَ ناشفاً في الصيف.

عشنا في مخيم الحسين سنتين ثم انتقلنا الى مصدر رزق آخر في منطقة جناعة الملحقة بمخيم الزرقاء.

وبقيت «حالة سياسية» دون أن أكون سياسياً، لا يسارياً ولا يمينياً !

وتلك حكاية أخرى....


شريط الأخبار مجلس الشيوخ يصدر بيانا مشترك ضد نتنياهو "الحشيش حلال!".. فتوى دينية تثير ضجة واسعة في مصر وردودا رسمية السياحة الأردنية مهددة بخطر مؤشر وجهة سياحية غير مرغوب بها الأردن يرحب بعزم فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين اقتصادي أردني: التقاعد المبكر سببه الذكاء الاصطناعي وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني عن 69 عاما صناعة الأردن: تأهل النشامى لكأس العالم فرصة اقتصادية تقرير: 96 ألف وظيفة استحدثت في القطاعين العام والخاص العام 2024 الاحتلال يدرس 3 خطط بعد فشل المفاوضات.. منها احتلال القطاع ربط استراتيجي جديد بين موانئ الصين والبحر الأحمر بينها العقبة سوريا: شخصيات تعلن عن تأسيس "جبهة الإنقاذ" كيف صعدت بتكوين من 13 دولاراً إلى 120 ألف دولار؟ “المتحدة للاستثمارات المالية تصدر تقريرها الأسبوعي لأداء بورصة عمان (20–24 تموز 2025) الصفدي يبحث التعاون بين الأردن ومنظمات الأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى غزة طقس حار وجاف في معظم مناطق المملكة السبت وفيات اليوم السبت 26-7-2025 الحسين إربد بطلا لكأس السوبر على حساب الوحدات إصابة شخصين إثر حريق محل تجاري في إربد بالفيديو …شاب أردني يلفت الأنظار بإبداعه في إذاعة محلية رغم غياب الفرص الوظيفية تراجع أسطول مركبات التطبيقات الذكية بنسبة 7% إلى نحو 11 ألف مركبة