بصراحته المعهودة وحرصه الشديد الدائم على سلامة الوطن ومواطنيه وتعظيم المنجزات الوطنية جاء حديث جلالة الملك خلال لقاءه رئيس وأعضاء مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان ليضع النقاط على الحروف التائهة في أمر قانون الجرائم الالكترونية الذي اثار جدلا واسعا جراء غياب التنسيق والحوارات المسبقة بين كافة المؤسسات وأصحاب الرأي والخبرة والمشورة والذي بتقديري لو حصل لما كان ذلك التشابك الذي يُعتبر ظاهرة صحية في المجتمعات التي تنشد الأمن والإستقرار الركيزة الأساس للتنمية والحياة الفضلى .
الخلاف على القانون والإختلاف بالرأي الذي رافق اجراءات شرعنة المشروع له اسبابه ومسبباته والتي يتصدرها عامل الثقة الذي يشكوا منه الجميع ويُقره راسمي السياسات ومتخذي القرارت في الدولة وكذلك سرعة التعامل مع المشروع الذي تمت احالته لمجلس النواب قبل يوم واحد من عقد الدورة الإستثنائية دونما نشره على موقع ديوان التشريع والرأي كما هو معتاد بالنسبة لكافة مشاريع القوانين وتمت مناقشته واقراره من قبل مجلس الأمة بغرفتيه النواب والأعيان وسط احتجاجات على آليات الحوار التي وصفها كثيرون بالشكلية لتسدل الستارة عليه بمصادقة جلالة الملك استنادا لصلاحياته الدستورية .
من المؤكد ان جُل الأردنيين مع قانون مجود يحمي الجميع من الانفلات الإلكتروني الذي فرضه عالم القرية الصغيرة والتطور المتسارع للفضاء الالكتروني والذي سمح لضعفاء الأنفس من التمادي والتطاول على الأخرين استفزازا وابتزازا واساءات لا تعد ولا تحصى فالجميع وكما قال جلالته خلال اللقاء متفقون على ضرورة مواجهة الإساءات التي تخالف الأخلاق والقانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
ومن المؤكد ايضا ان مشروع القانون سار ضمن القنوات التشريعية وهو أمر لا خلاف عليه لكن المسؤولية في المخرجات تقع على عاتق الذين استهانوا في عملية المشاركة بالإنتخابات النيابية على وجه الخصوص والذين لهم اسبابهم ودوافعهم سواء اختلفنا ام اتفقنا عليها .
حديث جلالته امام رئيس واعضاء مجلس أمناء المركز الوطني بدد التخوف الذي رافق مراحل اقرار القانون فيما يتعلق بالحريات التي كفلها الدستور لجميع الأردنيين والذي يشمل حرية النقد والتعبير وتوفير المناخات الصحية للسلطة الرابعة ( الصحافة ) التي تُعتبر سلاح الدولة حين أكد جلالته بمفردات لا يعتريها أي لبس وقال " مكافحة الجرائم الإلكترونية يجب ألا تكون على حساب حق الأردنيين في التعبير عن رأيهم او انتقاد السياسات العامة " مشددا جلالته ان الأردن ملتزم بالتعددية السياسية والإعلامية وهو ليس دولة تعسفية ولن يكون أبدا ... وتاريخنا يشهد على ذلك .
وما زاد في طمأنة جلالته اشارته الواضحة لأهمية مراجعة قانون ضمان الحصول على المعلومات الذي بصورته الحالية يُعتبر سببا رئيسيا وراء انتشار الأشاعات ومعيقا لعمل السلطة الرابعة التي تحتاج للمعلومة الدقيقة والواضحة في وقتها لكي لا تقع في غياهب التضليل والإثارة وسوء الفهم والتقدير فكان توجيه جلالته صارما للحكومة لتعمل على مراجعة هذا القانون لضمان حصول الجميع على المعلومات الصحيحة والدقيقة وبشكل سريع والذي يسهم في الرد على الإشاعات والأخبار الكاذبة.
بعد حديث جلالة الملك حامي الدستور وضامن سيادة القانون باتت الكرة الآن في ملعب الحكومة وكافة السلطات لتبدأ بخطوات من شأنها تجسير فجوة الثقة مع المواطنين وسرعة تنفيذ توجيهات جلالة الملك لشرعنة قانون حضاري لضمان الحصول على المعلومات الى جانب تكليف فريق مختص من الخبراء لمراجعة بنود قانون الجرائم الالكترونية فما تقدم من توجيهات تُعتبر متطلبات رئيسية وأساسية ليمضي الأردن نحو تنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري الشغل الشاغل لجلالته منذ تسلم سلطاته الدستورية.