اخبار البلد- لم يحظ التحقيق المُتلفز المُوسَّع والمُدعَّم بالوثائق والمُعطيات, الذي بثّته القناة «12» الصهيونية قبل أربعة أيام, بأي اهتمام من ذوي العلاقة والأطراف المُنخرطة في الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني الإحلالي. سواء بنسخته التوراتية التي لا تكف عن حشد المزيد من الموارد لبناء الهيكل الثالث المزعوم في الحرم القدسي الشريف, وتحديداً على انقاض مسجد الصخرة المشرفة, أم خصوصاً الأحزاب الصهيونية التي تدّعي العلمانية, والمُتسلحة على الدوام منذ مؤتمر بازل (وقبله) بالرواية التوراتية القائمة على أكذوبة أرض الميعاد, وال?رض التي أعطاها «الربّ» لِـ«أبرام» وذرّيتِه قائلاً له: «ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، لأن جميع الأرض التي أنت ترى, لك أُعطيها ولِنسلِك إلى الأبد». على ما جاء في سفر التكوين, الذي يتمسّك به غُلاة المتدينين اليهود, الذي بدأ قسم منهم يُترجم مؤخراً الأساطير والخزعبلات اليهودية, حول إعادة بناء الهيكل الثالث, واستنادهم على الحكاية المُؤسطرة حول «العلامة» التي يجب أن تظهر, كي يتم بناء الهيكل الثالث استعداداً لمعركة «هرمجدون», التي ستكون معركة فاصلة ونهائية بين الخير والشر. و?قود زمرة الحاخاميين المتشددين هؤلاء الحركة المُسمّاة «أُمناء جبل الهيكل» التي يتظاهر أفرادها قبالة أبواب الحرم القدسي في بعض الأعياد, مطالبين البدء ببناء الهيكل الثالث.
ما علينا..
وإذ دأب نتنياهو/رئيس الائتلاف الفاشي في دولة العدو, على نفي تحوّل «إسرائيل» إلى دولة شريعة, في مواجهة اتهامات المعارضة له بانه ينوي ذلك, بدلاً من دولة ديمقراطية ليبرالية, مُستندة/المعارضة إلى طبيعة إئتلافه الراهن مع قوى يمينية وأخرى ذات توجّه توراتي كاهاني مُتطرف/سموترتش وبن غفير (الصهيونية الدينية, وعوتسما يهوديت/العصمة اليهودية). فإن تقرير القناة «12» الصهيونية, أماط اللثام عن جملة من الوقائع والمعطيات التي تدعم مسعى الجهات الكاهانية المتطرفة, للعثور على «بقرة حمراء» اللون من أجل حرقها وتطهير الداخلين لم?طقة ما يُسمى «جبل الهيكل» برماد تلك البقرة, فور الإنتهاء من بناء الهيكل الثالث المزعوم (الهيكل الأول/هيكل سليمان كما تقول الأسطورة اليهودية الصهيونية, تمّ تدميره عام 586 قبل الميلاد على يد ملك بابل/نبوخذ نصّر. أمَّا الهيكل الثاني/هيكل هيردوس فقد دمّره الرومان عام 70ميلادياً).
وقد كشف تحقيق القناة «12» ان القيِّمين على المشروع المذكور وعلى رأسهم الحاخام يسرائيل ارئيل (خريج حركة «كاخ» الإرهابية التي أسّسها الحاخام الإرهابي/كاهانا) يأملون أن يُتيح إستحضار بقرة حمراء من الولايات المتحدة, زيارات ملايين اليهود لـِ«جبل الهيكل» (أي الحرم القدسي).
هنا نصل إلى صلب المسعى الأخطر في الرواية التوراتية حول بناء الهيكل الثالث، حيث تم إحضار «5» بقرات حمراء من ولاية تكساس الأميركية, بعدما - تقول القناة 12- تمت مُعاينتها واختيارها بعناية لتكون (مُلائمة) لطقوس يهودية بالتطهّر عند دخول الهيكل. ماضية القناة «12» إلى التوضيح في تحقيقها الذي تم بثه مساء 29 تموز الماضي، أن الجهات اليهودية التي تقف خلف البحث المحموم، منذ سنوات عن بقرات حمراوات, هم اعضاء في منظمة «بنّاؤو إسرائيل» اليمينية المتطرفة, المُكوّنة من مسيحيين إنجلييين، المؤمنين بالخلاص بعد حرب مُدمرة في ال?دس, ومن شخصيات يهودية صهيونية مُتشددة، يقف على رأسها تساحي مامو ومعهد الهيكل برئاسة الحاخام العنصري/يسرائيل أرئيل، وهو نائب الرئيس «المقتول» لحركة كاخ الإرهابية/كاهانا, والأب الروحي كما يقول تحقيق القناة, لوزير الامن القومي/ايتمار بن غفير المُدان في محاكم دولة العدو بـ«الإرهاب».
أمّا مَن قدَّم البقرات الحمراء الخمس, فهو أميركي مسيحي من أتباع الإنجيليين في ولاية تكساس, وقد وصل إسرائيل بِـ«رفقة بقراته»، بعد ما زارته مجموعة من الحاخامات لـ«مُعاينة» كل واحدة من البقرات, والتثبّتْ من تطابق مواصفاتها مع رؤية الشريعة اليهودية وعندها - يكشف التحقيق - «بَكوّا» هؤلاء الحاخامات من شدة الإنفعال، وهم يَرون «العجيبة» التي لم تتحقّق منذ ألفي سنة (كذا).كما يلفت التحقيق إلى أن الموضوع «مُركًّبْ»، وأن الحاخامات فحصوا بدقة مدى ملاءمة البقرات الحمراء لطقوس بناء الهيكل المزعوم، ومن جملة ما فحصوا - تلفِت القناة 12 - التثبّت من عدم وجود شعرات بيضاء في البقرة, وعدم مُعاناتها من أي نقص، وأنها لم تعمل ولم تحمل نيراً وغيرها من الفحوص الدقيقة. وكان حاخام غوش عتصيون يوسيف تسفي ريمون - تضيف القناة - هو المشرف المسؤول عن الجانب «الشرعي» في الموضوع.
ثمة إضافة أخرى مهمة يشير التحقيق, وهي دور «الإنجيليين» في الولايات المتحدة, الذين يُغدقون على المشروع أموالاً طائلة لبناء الهيكل المزعوم, والذي سيتعرّض لـِ«التدنيس» وعندئذ تشتعل حرب يأجوج ومأجوج, التي يموت فيها «ثلثا» اليهود، فيما سيعتنِق الثُلث الثالث المسيحية. وفي مثل هذه الحال تسود الفوضى في كل العالم تمهيداً للقيامة والخلاص.
طقوس مُزيفة وخزعبلات مُؤسطرة فيما «نحن» ضحايا كل هذا الزيف والخزعبلات؟.