ليتك هنا.. ليتني هناك

ليتك هنا.. ليتني هناك
أخبار البلد -   أخبار البلد- أحقا - يا سـعد- أنها الذكرى الأربعون لرحيلك القاسي الموجـع الذي -من كثرة البكاء - أغشى عندي البصر وكاد أن يعمي البصيرة؟؟ منذ (73) سنة وأنت أيها الغائب الحاضر - في السجلات الرسمية وعند العائلة - أخي الأصغر والأوحد، لكنك - فعليا وإنسانيا - كنت: ابني الأول، وصديقي الأول، وحبيبي الأول! وإن كان فارق السنين قد جعلني «ألعّبك» قبل أي من أبنائي أو أحفادي، فإن ذلك الفارق لم يمنعك من ان تكون - بنضجك العاطفي والعقلي المبكر- صديقي الأول والأثير. وإن كان هذا الواقع الجميل قد جعلني - وأنا برفقتك - استشعر «الشباب الدائم»? فإنني - ويشهد الله - استشعر، برحيلك الصاعق، وكأن الحياة قد قذفتني فجأة إلى عالم «الكهولة الدائمة»، فلماذا تركتني؟ «لماذا تركت الحصان وحيدا؟»..... تركتني كي أحرس المنزل والعائلة؟ لك ذلك بعد أن وقع ما وقع، وسبقتني بالرحيل عن هذه الدنيا! لكن، فلتعلم: كم تمنيت لو أنك بقيت بعدي، فأنت -أيها الحبيب- الأكثر جدارة كونك محبوب العائلة قاطبة.... وبدون أي منازع.

برحيلك، تذوقت - يا سعد الحبيب - أصنافا من الحزن: منها المدمر الذي أصاب بعضا من نفسيتي وخلايا دماغي وأنسجة قلبي، ومنها ما تبدى في دموع وعيون وألسنة وكتابات محبيك (أهلا كانوا، أم أصدقاء، ام معارف أسموك «النسمة»... لأنك «ترد روح» كل من يعرفك، تماما مثلما «يرد روحي» طيفك ووجود العائلة من حولي وفي طليعتهم زوجتك هناء وأبناؤكما (محمد ودالية ومهند). ومن هذه الأحزان ما أجدني أختبره لأول مرة، رغم طول تاريخ أحزاني على فقدان رفاق الدرب، والأهل، والأصدقاء. إنه ما اخترت تسميته «الحزن اللذيذ»!!! فبعد أن اتخذت قراري (١) ?عدم الانقطاع عن أي مكان أو انسان كان لك صلة به (الحي، المنزل، نادي اللياقة، الأصدقاء الخاصين بك أو المشتركين...الخ) و(٢) قراري الحرص على التردد على ما أصبح «بيتنا المشترك» (بركة السباحة في نادي اللياقة) الذي لطالما التقينا فيه يوميا في العشرين سنة الأخيرة. فأنا حين أذهب، بشوق عارم، إلى بركة السباحة في نادي اللياقة، مع كل طالع شمس، أجدني في حالة «الحزن اللذيذ» (الممزوج على الأرجح ببعض «الهلوسة الواعية» و«التذكر الحزين»). وفي كل مرة، في كل يوم، تسيطرعلى مسامعي كلمات أغنية الأماكن» وهي تحكم قبضتها على وجداني،?فأتمثلها «بمتعة ما بعدها متعة» ف(«الأماكن» كلها -يا «سعد»- مشتاقة لك..والعيون اللي اترسم فيها خيالك...والحنين اللي سرى بروحي وجالك... مش بس أنا يا حبيبي... الأماكن كلها مشتاقة لك). وحين أذهب يوميا، والجرح ينزف، إلى «بركة السباحة» في نادي اللياقة، تتسمر عيناي على كرسيك الدائم (رقم 2) ثم أتابعك وأنت تسابقني للسباحة و/أو للجاكوزي أو للمداعبة الأخوية مع هذا الصديق أو تلك الصديقة...و...و... عندئذ، أجدني «بتونس بيك» فتصبح من جديد معي، «وألاقي في قربك دنياي، واسمع صوتك يملا الدنيا»... فشكرا لك انتظارك اليومي لي ه?اك...وطوبى لك ولي ولنا حضورك الدائم.

وماذا بعد يا «ملاك الموت»؟ منذ حوالي (45) عاما وأنت تزورني! تأتي وتغيب، تنأى وتدنو! تضرب وتختفي ثم تضرب من جديد! زرتني مرارا أيام خوضي غمار «العمل الفدائي» فرفقت بي وتركتني في حال سبيلي، وشهدت –بفضلك- استشهاد رفاق عديدين لي في تلك «الأزمنة». وبدون أن تدق على باب منزلنا مستئذنا بالدخول، اقتحمت «حياة» العائلة وسلبت من غوالينا من سلبت. بدأت، وبدون سابق انذار، باختطاف «جمانة قلبي» أختي الكبرى (جمانة) ذات السبعة وثلاثين ربيعا، فدمرت ما دمرت من قلوب أفراد العائلة، وبخاصة قلب أمي وقلب أبي، مثلما سحقت شطرا مهما من?معنى حياتي. منذئذ، بدأنا نخشاك! ثم ما لبثت أن اختفيت لتعود وتضربنا في العام 2002 سارقا منا، هذه المرة معلمي في المحبة، وصديقي الأكبر: والدي. وازدادت خشيتنا منك. وما كدنا نسلو قليلا حتى عاجلتنا في العام 2012 كاسرا، هذه المرة، العمود الفقري للعائلة: والدتنا، التي عندها ومعها، تساوت محبتنا المتدفقة مع احترامنا الجم لها. عندها، تعاظمت الخشية منك! فيومها وصلت الرسالة: الدور في الرحيل، «منطقيا»، بات علي باعتباري أصبحت «كبير» العائلة!!! وبصدق لا متناه، ها أنذا أعترف بأنك أوقعت في قلبي مزيدا من الخشية، بل الخوف، ف?دأت أتهيأ - بصمت – لليوم الموعود، غدا، أو بعد غد، أو بعد أشهر أو لعلها - مع الحظ- سنوات، محاولا، بوسائل شتى، التغلب على رهاب قلقي وخوفي منك، وأيضا تأخير عملية إنشاب أظافرك القاتلة بعنقي! في الأثناء، الخشية منك تعززت، بل تنامت، في أعماقي بعد أن وجهت ضرباتك المتلاحقة مختطفا، تباعا، أرواح عشرات الأحباء الذين عز نظيرهم. أما الآن، وبعد أن «تجرأت» على اختطاف (سعّودي) الغالي (سعد): ابني الأول وصديقي الأول وحبيبي الأول... فإنني، بنعمة قوة اعترتني، «أتحداك» وأكرر وأعلن: «عدم الخوف» منك، داعيا إياك - متى شئت - إلى إ?هاء ما عليك انهاؤه! فبعد أن قمت بإقصاء (سعد) عن هذه الحياة - لم أعد أخشاك أو أخاف منك، فلقد تساوى عندي - حقا - البقاء..... والرحيل!

ويا «ملاك الموت»، دعني أصارحك بكل التقدير والتوقير كونك الموكل اليك حق قبض الأرواح من لدن ("الذي قهر العباد بالموت") فأقول: لحظة معرفتي بقيامك بقبض روح (سعد) أصابتني حالة ضعف إنسانية جاءت بنكهة من عدم اليقين. غير أن تراث الحياة وتراث الدين أسعفاني! ذلك أن تراث وقائع الحياة ووقائع حياتي الشخصية (المعاشة على مدى ما يقرب من ثمانين حولا هي ما مضى من عمري حتى الآن) علمني - وبأقسى التجارب - انه ما من إنسان مخلد، وأنه ما من احد جاء إلا ورحل. كما أن تراث الدين هدأني وهداني إلى الحقيقة التي لا قبلها ولا بعدها، فاست?كرت من القرآن: «كل نفس ذائقة الموت» و«أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة»، و«فإذا جاء اجلهم، لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون». وأيضا استذكرت ما تعلمته من الإنجيل: «الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا»، ثم «ويعود التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها»، وثم «عزيز في عيني الرب موت قديسيه». وأنت، يا سعد، عندي، احد هؤلاء القديسين.

وقبل أيام معدودات، جاء «العيد» الأول بعد رحيلك يا (سعد)، فأمطروني بالتهاني: «عيد سعيد»، لكنني –في أعماقي وبصمت- رددت عليهم بقولي: بل «العيد سعد «الذي لن يشغلني عنه أحد!!! و«آه كم اشتقت لروح كانت توصيني أن أنتبه لنفسي كثيرا، وليتني استطيع أن أخبرها أنني فقدت نفسي عند غيابها عني». وهتفت: «اللهم ارحم من غيبهم الموت عنا وعاد العيد بدونهم شاحبا يفتقدهم في كل الزوايا»، و«نحن لله نشكو اذا ماالشوق أوجعنا...أرواحنا رحلت في اثر من رحلوا»، و«سلام على من أجبرتنا الحياة أن نمضي دونهم وهم في القلب أجمل حكاية»، و"أن للشد? مدة ثم يلقى المرء سعده»!

عزائي أن طيف ذكراك –الذي يسعدني ويبكيني- سيبقى عصيا على المحو، وليرحمك الله بقدر ما أوجعني رحيلك، وبقدر ما هزني لهيب شوقي إليك الذي لن تطفئه السنون.. وكم وددت عند وقوفي عند قبرك تقبيل جميع حبات التراب التي تغطيه وأن أبثك أنيني، لعلني أخفف أوجاعي، فأنا، يوميا - بل أكاد أقول: كل لحظة - يذبحني رحيلك.... ويجز رقبتي من وريد الحضور إلى وريد الغياب: ليتك هنا..ليتني هناك..!


 
 
شريط الأخبار الأمم المتحدة حول تفجير أجهزة اتصال في لبنان: جريمة حرب الدفاع المدني يخمد حريق مستودع مفروشات في اربد ويسعف سيدة مصابة ما مصير عقيل وقادة الرضوان وأين كانوا مجتمعين.. معلومات جديدة حول الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ماذا دار بين ماكرون ونتنياهو بمحادثتهما المتوترة؟ التربية : لا تغيير على اوقات الدوام والحصص المدرسية غدا السبت خلوة حكوميَّة غداً بعنوان: رؤية التَّحديث الاقتصادي.. ليتواصل الإنجاز لتنظيم عمل الوزارات والمؤسَّسات الحكوميَّة من هو إبراهيم عقيل القيادي في حزب الله الذي أعلن الاحتلال استهدافه في بيروت؟ حسناء البيجر.. لغز سيدة أعمال غامضة ربما تكون وراء تفجيرات لبنان 10 ساعات .. قطع مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق شمال المملكة غداً (أسماء) أفعى الحراشف المنشارية تلدغ ثلاثينية في مندح وتدخلها إلى العناية الحثيثة من هي الدول التي عارضت قرارا أمميا يطالب إسرائيل بإنهاء الاحتلال؟ الهيئة العامة للجنة المالية في اتحاد شركات التأمين تنتخب رئيساً وأعضاءً جدد للجنة التنفيذية.. أسماء لفتح قنوات للتواصل.. حسان يتواصل هاتفيَّاً مع اعضاء مجلس النوَّاب العشرين المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرات مسيرة للتذكير.. غدا السبت دوام رسمي للمدارس الحكومية 350 يوما للعدوان.. مجازر بشعة في غزة والحدود اللبنانية تشتعل والكشف عن مخطط "البيجر" هل هواتفنا الذكية معرّضة للانفجار .. تقرير مفصّل هل يحضر نصر الله لعمل "من حيث لا يحتسبون؟".. قراءة في خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني قديروف يتّهم إيلون ماسك ب«تعطيل» سيارته «تسلا سايبرترك» عن بُعد تفاصيل 3 أحداث أفجعت الشارع الأردني خلال أسبوع