وما يظهر مؤشرات اعتماد السياسة الجديدة في «حديقة الأمراء»، دخول المديرين التنفيذيين وأصحاب القرار، في معركة حامية الوطيس مع كبار وأثرياء أوروبا والدوري الإنكليزي الممتاز على وجه التحديد، من أجل الفوز بتوقيع المراهق شير ندور، في صفقة انتقال حر بعد فشل كل محاولات إقناعه بتمديد عقده مع عملاق الكرة البرتغالية بنفيكا، حتى أن آخر الأنباء المُحدّثة، رجحت كفة «بي إس جي» على باقي الطامعين في الموهوب الملقب بـ»بوغبا الإيطالي»، وفي مقدمتهم ثنائي مدينة مانشستر اليونايتد والسيتي ويوفنتوس الإيطالي وباقي الأندية المفضلة لهذه الفئة العمرية، أو ما تُعرف بالأندية المحطة قبل خطوة الانتقال إلى ناد كبير من نوعية بوروسيا دورتموند ولايبزيغ في البوندسليغا
من هو بوغبا الجديد؟
وُلد الصغير الإيطالي بعد أيام من معجزة اليونان في يورو 2004، عندما نجح أحفاد الإغريق في قهر كريستيانو رونالدو مرتين في سنوات المراهقة، الأولى في المباراة الافتتاحية للبطولة، والثانية الأكثر قسوة في المباراة النهائية، وبعد خمس سنوات من هذا الحدث، بدأ شير ندور، يستكشف موهبته الجبارة مع أطفال أكاديمية سان جاكومو في مسقط رأسه في مدينة بريشيا، في فترة قال عنها وفقا لموقع «Goal» العالمي: «عندما كنت في الخامسة من عمري، لعبت في فريق دون السن القانونية في خطيب سان جاكومو، وأتذكر جيدا أنني لعبت في فريق دون السن القانونية، وفي عام 2004 فزنا بكل المباريات، ولدي في المنزل عشرات الجوائز كأفضل لاعب»، وهذا ما مهد الطريق أمامه للانتقال إلى ناشئي نادي أتالانتا بعمر 11 عاما، بتوجيه من قائد نهضة النادي الحديثة جانبييرو غاسبريني. ورغم أنه تعلم أساسيات اللعبة في بيرغامو، إلا أن طموحه الزائد على الحد، بالبحث عن مكان في التشكيل الأساسي لممثل السيريا آه، جعله يغامر بالسفر خارج الوطن، وحدث ذلك بعد توقف فيروس كورونا الطويل عام 2020، بذهابه إلى بنفيكا في صفقة يتحسر عليها أتالانتا حتى وقت كتابة هذه الكلمات
بداية الانتشار
في البداية، لم يجذب الاهتمام، مقارنة بالضجة التي أثيرت بعد انتقال جواو فيليكس من بنفيكا إلى أتلتيكو مدريد، لكن بعد معجزاته النادرة مع فريق بنفيكا الثاني، أصبح من الصعب تجاهل الضجيج وحكايات الرعب المنتشرة عن مشروع الوحش الكاسر في وسط الملعب، منذ لحظة مشاركته كبديل مع الفريق الرديف على حساب زميل الأمس غونسالو راموس أمام أوليفيرنسي في مايو/آيار 2021، ليصبح شير، أصغر لاعب يحصل على فرصة الظهور مع فريق بنفيكا بي، محطما الرقم القياسي القديم لجواو فيليكس، بعمر أقل 33 يوما من الدولي البرتغالي، قبل أن يفرض نفسه على القوام الرئيسي في الموسم الثاني، الذي ساهم فيه بفوز الفريق بدوري أبطال أوروبا للشباب تحت 19 عاما،
واضعا قدميه على أول طريق النجومية والشهرة الحقيقية، بحصوله على استدعاء لتمثيل أسياد الدفاع تحت 20 عاما أمام البرتغال، تلك المباراة التي تقمص فيها دور البطولة المطلقة، بقيادة الآزوي للفوز على شباب البرتغال بهدفين لهدف في سبتمبر/أيلول، لتأتي المكافأة السريعة، بظهوره على مقاعد بدلاء كبار بنفيكا للمرة الأولى في ليلة الانقضاض على فيتوريا غيماريش بخماسية نكراء مقابل هدف في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ورغم عدم مشاركته مع الفريق في حملة دوري الأبطال، إلا أنه استفاد كثيرا، من تواجده على مقاعد البدلاء في مغامرات الفريق الأوروبية، فيما كانت أشبه بالإعداد النفسي والذهني المثالي، قبل انطلاقته في الكأس ذات الأذنين في المستقبل
موهبة فذة
من الوهلة الأولى، يبدو وكأنه لاعب في منتصف العشرينات، أو نجم لامع في الفريق الأول يشارك مع الفريق الرديف، لبنيانه الجسدي القوي وطوله الفارع، الذي يلامس المترين، بجانب أسلوبه الأنيق في الاستحواذ والتمرير والمراوغة، كلاعب وسط عصري بكل ما تحمله من معنى، بذاك المزيج النادر بين السمات الجسدية التي يحلم بها أي مدرب في العالم وبين اللمسة الفنية المميزة، وهذا سر وصفه ببول بوغبا الإيطالي، نظرا للتشابه الكبير بينهما في أسلوب اللعب والأدوار داخل الملاعب، وكلاهما يملك نفس الطول تقريبا، ومن الناحية الفنية لا غبار عليهما، خاصة المواصفات المطلوبة في لاعب الوسط رقم 8،
من الجسد المهيب للمنافسين، والقدرة على التحكم في الكرة وكأنها ملتصقة بقدمه اليمنى، ناهيك عن القذائف التي يمزق بها شباك الحراس من على حدود منطقة الجزاء، وحيله المتنوعة في المراوغة وبعثرة المنافسين في موقف لاعب ضد لاعب، كأنك تشاهد نسخة بول بوغبا في نفس المرحلة العمرية، قبل أن يتحول إلى نسخته المتواضعة مع مانشستر يونايتد ويوفنتوس في الوقت الراهن
الخطوة التالية
لا يُخفى على أحد، أن باريس سان جيرمان يُعاني من صداع على مستوى خط الوسط، يكمن في ابتعاد ركائزه الأساسية عن مستواهم المعهود، وفي مقدمتهم الإيطالي ماركو فيراتي، الذي تحول إلى لغز كبير في آخر موسمين، مقارنة بالصورة التي كان عليها في بداياته مع الفريق الباريسي، بجانب عدم اقتناع المشجعين بمردود فابيان رويز وكارلوس سولير، وهذا ما دفع المسؤولين في «حديقة الأمراء» لمطاردة بوغبا الجديد، على أمل أن يعطي «بي إس جي» أفضل ما لديه، كما فعل بوغبا الأصلي في سنوات المجد في ولايته الأولى مع يوفنتوس،
التي حاول خلالها عملاق الليغ1، التوقيع مع الدولي الفرنسي، وليس بول ما بعد 2016 بقميص الشياطين الحمر والسيدة العجوز، لكن هذا لا يعني أنه في حال أغلق الفريق الباريسي الصفقة بشكل رسمي، أنه سيحجز مكانه في التشكيل الأساسي الموسم المقبل، لكن بنسبة كبيرة، سيتم إرساله على سبيل الإعارة لأحد أندية الدوري الفرنسي، ليكتسب ما يكفي من الخبرة والاحتكاك مع الكبار والمخضرمين،
قبل عودته إلى النادي مرة أخرى، من دون استبعاد سيناريو انضمامه إلى معسكر المنتخب الإيطالي الأول، كما تعهد المدرب روبرتو مانشيني، بضم أي لاعب شاب يبرز أسمه على الساحة، فقط يحتاج صاحب الـ19 عاما، الاستمرارية ومواصلة التطور، ليثبت بشكل عملي أنه مشروع لاعب وسط من الطراز العالمي، وليس مجرد ظاهرة تقليدية خطفت الأنظار على مستوى الشباب وسرعان ما اختفت عن الأنظار لعدم امتلاك ذكاء المنافسة في أعلى مستوى في كرة القدم، فهل يا ترى سينجح شير ندور في شق طريقه كما يريد ويتحول إلى لاعب وسط عالمي قريبا؟ أم سيواجه المجهول؟ دعونا ننتظر