أخبار البلد - بدخولنا المئوية الثانية، ورغم الإنجازات التي حققها الأردن والمبادرات العديدة التي اتخذتها الحكومة لإصلاح قطاع التعليم وتزامناً مع يوم الطفل العالمي، فلا تزال هناك تحديات عديدة تعرقل تعزيز وتطور التعليم الرسمي والشامل والآمن في المملكة.
تحت رعاية وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، د. عزمي محافظة، وانسجاماً مع شعار يوم الطفل العالمي "الشمول لكل طفل" ونظراً لأولوية شمولية التعليم الجيد لجميع الأطفال بغض النظر عن جنسياتهم وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، وبهدف تسليط الضوء على قضايا الحماية والمساءلة والمسائل المتعلقة بإشراك الوالدين بالعملية التعليمية ومركزية تطوير هذه العملية لنهضة مجتمعاتنا، عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) المؤتمر الوطني: "الاستثمار في المستقبل: التعليم الشامل من أجل مجتمع مزدهر"، الأحد 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وضم المؤتمر الذي عقد في إطار مشروع "الاستثمار في المستقبل"، وينفذ بالشراكة مع منظمة رؤيا أمل الدولية وبدعم مالي من قبل الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، جهات فاعلة في مجالات الحماية والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي ومهارات الأبوة والأمومة والخدمات القانونية؛ من مؤسسات حكومية وشبه حكومية، ومنظمات محلية ودولية، ومجتمع المدني، وأيضاً، أعضاء من الفرق العاملة المعنية بالتعليم وسُبل العيش وحماية الطفل وفرق العمل الفرعية، كما اشتمل على عرض فيلم قصير استعرض العقبات التي تواجه التعليم في العالم العربي وكيف فاقمت الأزمات والصراعات من المشكلة.
وبين الوزير محافظة: "لا يختلف إثنان أن التعليم هو سبيل التنمية الذاتية وحجر الأساس لنهضة الأمم، باعتباره مرتكز أساسي لبناء المستقبل لأنه يدخل في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية"، مؤكداً أهمية تطوير أنظمتنا التعليمية ومواكبة التغيرات وامتلاك الأدوات الحديثة للتعامل معها والانفتاح على التعاليم الجديدة، وصولاً إلى تعليم مبني على الفهم وحل المشكلات، والتفكير الناقد، والتحليلي، والابتكاري.
من ناحيتها، أكدت المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، على ضرورة الاستجابة السريعة وتغير الخطاب الحالي وتوسيع التفاهمات والشراكات بين المجتمع المدني والحكومات والقطاع الخاص، لتأسيس عقد اجتماعي تربوي جديد يشترك في بنائه الجميع. واعتبرت أن الكثير من الفئات كذوي الإعاقة واللاجئين والفقراء وعدم شمولهم بالتعليم يؤثر على فرصهم في الحصول على فرص عمل والعيش بكرامة.
فيما أشارت مساعد الأمين العام للشؤون الفنية في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، غدير الحارس، إلى أن "تقدم الشعوب يقاس بمدى ازدهار التعليم فيها"، وخصوصاً التعليم الدامج، مبينة أن 79% من الأشخاص ذوي الإعاقة لم يتلقوا تعليمهم، مما يدلل أننا نعيش أزمة حقيقة؛ أساسها نقص المعرفة المتخصصة بالتعليم الدامج وقلة المخصصات المالية، وغياب التنسيق بين الجهات المانحة.
وعن ضرورة الاستثمار بالتعليم المدرسي والعالي، تحدثت مديرة برنامج التعليم في بعثة الاتحاد الأوروبي، ويكه ووترشوت، حول أهمية الريادة وشمول جميع اللاجئين في المملكة في العملية التعليمية، خاصة أنهم يعانون من تحديات عدة كالحواجز اللغوية والاختلافات الثقافية والفكرية والعمرية، مشددة على حاجتنا لأنواع أخرى من المنح التعليمية وتنفيذ الإصلاحات وتطوير وتحسين التنمية والتركيز على الحلول الابتكارية على المدى المتوسط والبعيد لتقديم الفرص البديلة للجميع.
ولمعاينة فرص وتحديات التعليم الشامل في الأردن، تخلل المؤتمر جلسة حوارية أدارها الخبير الاقتصادي، د. رعد التل، وتحدث فيها: د. أسيل الشوارب من قسم العلوم التربوية في جامعة البتراء ومستشارة برنامج التعليم في النهضة العربية (أرض)، ورنا قعوار اختصاصية تعليم في (اليونيسف)، وزينة جدعان رئيسة دائرة التعليم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وبين المتحدثون أن التحديات كثيرة ومتشعبة بما يتعلق بالمنظومة التعليمية، يقابلها كذلك انعكاسات هذه التحديات على المنظومات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وحتى السياسية، فضلاً عن عقبات تواجه تعليم اللاجئين والنازحين سواء في المخيمات أو مناطق الصراعات. ولفتوا إلى أن عدد الطلبة اللاجئين المسجلين في الجامعات الأردنية نحو 35 ألف طالب وطالبة، معتبرين أن التحديات التي تواجه هؤلاء الطلبة تتعلق بقلة الموارد المتوفرة مقابل الطلب المتزايد على الجامعات التقنية والمهنية.
وأوضح المتحدثون أن التحديات التعلمية بالأردن، تتلخص بـ"افتقار المعلمين لقدرات توظيف المهارات الحياتية بنهجهم في ظل عدم وجود نظام تعليمي مستقر يوفر للطلبة فرص تعليم أكاديمي أو مهني تتوافق مع قدراتهم واهتمامهم بسبب تغير السياسات المتتابعة، بالإضافة إلى ضعف نظام التعليم المهني وعدم توافقه مع احتياجات سوق العمل، وقصور دور المدارس في معالجة ظواهر مجتمعية كالعنف، والإدمان والتطرف. وفيما يخص الإرشاد والصحة النفسية أوضح المتحدثين إلى أن هناك ضعف كبير في آليات الحوار والاستماع وإجراءات الإرشاد النفسي والدعم الاجتماعي للطلاب.
كما حددوا أسباب تعذر وصول الفئات الأكثر تأثراً للتعليم النوعي والتي تمثلت بعضها بنقص الوثائق بالنسبة للاجئين، والفقر وتكلفة وسائل النقل، وضعف البنية التحتية للمدارس، وتدهور مستوى الأمن والنظافة والرعاية الصحية، حيث لا تتلاءم البيئة المدرسية في العديد من المناطق مع المعايير الدولية.
وحول الأنشطة التي يعمل عليها مشروع "الاستثمار في المستقبل"، والذي يأتي في إطار إستراتيجية التعليم في النهضة العربية (أرض) والتي تسعى إلى اتباع نهج شامل للتعليم يأخذ في الاعتبار ضمان حق الوصول إلى التعليم الجيد، وتوفير فرص التعلم المستمر للجميع كركائز أساسية للتخفيف من حدة الفقر وتمكين التحول الاجتماعي المستدام فإنها تتمثل برفع الوعي ببرامج التعليم الشاملة وأنشطة الدعم الأكاديمي، وخدمات التعليم والحماية والعون القانوني، ومنح التعليم المهني، وتوفير برامج الفنون والقيم الجمالية، وذلك في سبيل تلبية الاحتياجات التعليمية للاجئين والفئات الأقل رعاية وزيادة حمايتهم، وفقاً للمتحدثين.
وختاماً أوصى المتحدثون، باستمرار التنسيق بين الشركاء، وتطوير سياسة خاصة تهدف للنهوض بالتعليم العام والعالي تكون منبثقة أو مبنية على الأهداف الوطنية المرتبطة بعملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي المنشود، مما يتطلب معالجة كل العناصر التي تدخل في العملية التعليمية من حيث المناهج والقوى البشرية العاملة والبنى التحتية الضرورية.