من ضمن ما يمتاز به فصل الشتاء التعاليل المسائية، وخاصة أن ليالي الشتاء طويلة. وقد تبدأ التعليلة بدخول أبو رامي متأخرا إلى المجلس، فيبادره أحدهم بالسؤال عن سبب تأخره، فيجيبه بأن ( الكُرْكَعة) أي سيارة الفوكس الخَمْريّة قد تعطّلت براس الطلعة، فتركها هناك وجاء راجلا- كالعادة- فهذه الحالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وهنا، يتناوب الحاضرون في تشخيص السبب وراء خراب الكركعة؛ فينبري أحدهم، كمرجع في الميكانيك، ليعيد السبب إلى تلف البواجي ، وآخر، كمرجع في الكهرباء، إلى فحمات البلاتين، خاصة وأنه يحمل في جيب قميصه مفكّا أصفر اللون دائما.، في حين يصرّ ثالث إلى أن السبب في ذلك يعزى إلى انتهاء فعالية البطارية دون شكّ. ومن ثمَّ تدلي أم رامي بدلوها عن بعد قائلة: عين وصابتها وما صلّت عالنبيّ، الله يجازي ولاد الـ... وفي هذ اللحظة ينتقل محور الحديث فجأة إلى الحسد والحساد والرّقْية، فيشارك معظم الحضور في إبداء رأيه في هذا المحور مستشهدين بما يحفظونه من آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة، وكذلك ببعض الحوادث التي مرّت بهم، والتي تثبت وجود مثل هؤلاء الحسّاد في المجتمع، مع إيراد بعض الأسماء المعروفة لديهم، والتي تمارس الحسد، ومثال ذلك المرض الذي ألمّ بأبو فادي الذي طرقته عين أبو الشّرايط الغائب عن هذه التعليلة مما أفسح المجال لمعظم القوم أن يغتابوه كثيرا، وبعد جولة الغيبة هذه الذي ستأخذ وقتا مناسبا، ستنتهي عندما يعلن أحدهم قائلا: الله لا يكتب لنا/ علينا الغيبة والنميمة. بعد أن أشبعوا الرّجل( مسك شلّ ) كما يقال. وعندئذ ينتقل الحديث برُمّته إلى محور الأمراض والطّب؛ وحينها ستكتشف أن المجلس يضمّ بين جنباته أخصائيا في المسالك البولية، وضليعا في الكسور والتجبير، ونطّاسيا بارعا في هشاشة العظام وأسبابها، وخبيرا في التّداوي بالأعشاب، والذي سيأخذ معظم وقت هذا المحور من الحديث، ويتم التركيز هنا على حبة البركة( القزحة) وفوائد البصل والفجل والثّوم تحديدا وحصريا. وهنا، يتدحرج الحديث شيئا فشيئا صوب ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه؛ والمقصود هنا البندورة والخيار على وجه الدّقة. وفي هذا المحور، سيجد ممتهنو السياسة والاقتصاد والعارفين بهما من الجالسين ضالتهم ومأربهم، ليدور النقاش الحادّ الملفّع بالقهر والإحباط حول الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهونها، مبديا كلّ منهم استراتيجيته لحلّ هذه الأزمة التي تطحنهم هم وذراريهم. وستكتشف في هذا المحور من الحديث من يبزّ – مع حفظ الألقاب- محمد حسنين هيكل في السياسة، ويتجاوزفهد الفانك في الاقتصاد، بل( للاستدراك) ومَن يزاحم أحمد حسن الزّعبي في لذعاته ولسعاته. وسينحرف الحديث قليلا تجاه قوانين الانتخاب والتعديلات الدستورية، والغوص في تفاصيل هلامية لا أساس لها في واقع الأمر. ويتمّ طرح مجموعة من الأسماء المتداولة بين الناس والذين يرجع إليهم سبب المديونية الأُسِّيَّة منذ ثمانينيّات القرن الماضي. عندها، يشكو أحد السهارى عن الديون المستحقة عليه بسبب تدريس ابنه-الله يخليه- في جامعة خاصة، بعد أن سُدّت أبواب الجامعات الحكومية بوجهه لتدنّي معدله الذي حصل عليه في الدورة الشتوية حيث كان المعدّل بأطراف السّتين. وفي هذه الأثناء، يزحف الحديث رويدا رويدا نحو معاليم زمان مقارنة بمعاليم هذه الأيام، مع الإعجاب المقرون بالهيبة لمعلمي أيام زمان، واستذكار القول المأثور حينها على لسان ولي أمر الطالب: إلك اللحم وإلي العظم. ومقارنة الجيل السابق باللاحق؛ أي بين جيل الدِّبْس من جهة وجيل الشيبس من جهة أخرى. فيهبّ الشباب هبّة شبّ واحد في وجه منتقديهم مدافعين عن جيلهم، وليس من المستبعد في هذه الآونة من احتدام النقاش والجدال من استبعاد أحد هؤلاء الشباب مذموما مدحورا من التعليلة بعد أن فُسِّرَت مداخلته البريئة على أنها تجاوز للقيم، وتطاول على العادات المألوفة، فيقوم زملاؤه الآخرون بالانسحاب إشارة إلى رفض القمع الذي مورس بحقهم، ومن ثم تمتد شرارة الخلاف والاختلاف إلى العنصر النسائي وهنا، وبالذات هنا، سيختلط الحابل بالنابل، وتبدأ نذُرُ الفتنة تطلّ برأسها، فيتدخل الأكابرية في إصلاح ما يمكن إصلاحه دون جدوى، ومن ثم تنفضّ التعليلة وتنتهي على هوشة في منتصف الليل. وعندئذٍ، ماجت أم رامي يمنة ويسرة مستندة على أكتاف إحدى القابعات في( القرنة) أي الزاوية، كي تستطيع الوقوف، وتعود راجلة مع بعلها، إيذانا بانتهاء التعليلة. وقالت باتهام الواثق من قوله: عين وصابتنا، الله يجازي اللي كان السبب.
تعاليل الشتوية
أخبار البلد -
من ضمن ما يمتاز به فصل الشتاء التعاليل المسائية، وخاصة أن ليالي الشتاء طويلة. وقد تبدأ التعليلة بدخول أبو رامي متأخرا إلى المجلس، فيبادره أحدهم بالسؤال عن سبب تأخره، فيجيبه بأن ( الكُرْكَعة) أي سيارة الفوكس الخَمْريّة قد تعطّلت براس الطلعة، فتركها هناك وجاء راجلا- كالعادة- فهذه الحالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وهنا، يتناوب الحاضرون في تشخيص السبب وراء خراب الكركعة؛ فينبري أحدهم، كمرجع في الميكانيك، ليعيد السبب إلى تلف البواجي ، وآخر، كمرجع في الكهرباء، إلى فحمات البلاتين، خاصة وأنه يحمل في جيب قميصه مفكّا أصفر اللون دائما.، في حين يصرّ ثالث إلى أن السبب في ذلك يعزى إلى انتهاء فعالية البطارية دون شكّ. ومن ثمَّ تدلي أم رامي بدلوها عن بعد قائلة: عين وصابتها وما صلّت عالنبيّ، الله يجازي ولاد الـ... وفي هذ اللحظة ينتقل محور الحديث فجأة إلى الحسد والحساد والرّقْية، فيشارك معظم الحضور في إبداء رأيه في هذا المحور مستشهدين بما يحفظونه من آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة، وكذلك ببعض الحوادث التي مرّت بهم، والتي تثبت وجود مثل هؤلاء الحسّاد في المجتمع، مع إيراد بعض الأسماء المعروفة لديهم، والتي تمارس الحسد، ومثال ذلك المرض الذي ألمّ بأبو فادي الذي طرقته عين أبو الشّرايط الغائب عن هذه التعليلة مما أفسح المجال لمعظم القوم أن يغتابوه كثيرا، وبعد جولة الغيبة هذه الذي ستأخذ وقتا مناسبا، ستنتهي عندما يعلن أحدهم قائلا: الله لا يكتب لنا/ علينا الغيبة والنميمة. بعد أن أشبعوا الرّجل( مسك شلّ ) كما يقال. وعندئذ ينتقل الحديث برُمّته إلى محور الأمراض والطّب؛ وحينها ستكتشف أن المجلس يضمّ بين جنباته أخصائيا في المسالك البولية، وضليعا في الكسور والتجبير، ونطّاسيا بارعا في هشاشة العظام وأسبابها، وخبيرا في التّداوي بالأعشاب، والذي سيأخذ معظم وقت هذا المحور من الحديث، ويتم التركيز هنا على حبة البركة( القزحة) وفوائد البصل والفجل والثّوم تحديدا وحصريا. وهنا، يتدحرج الحديث شيئا فشيئا صوب ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه؛ والمقصود هنا البندورة والخيار على وجه الدّقة. وفي هذا المحور، سيجد ممتهنو السياسة والاقتصاد والعارفين بهما من الجالسين ضالتهم ومأربهم، ليدور النقاش الحادّ الملفّع بالقهر والإحباط حول الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهونها، مبديا كلّ منهم استراتيجيته لحلّ هذه الأزمة التي تطحنهم هم وذراريهم. وستكتشف في هذا المحور من الحديث من يبزّ – مع حفظ الألقاب- محمد حسنين هيكل في السياسة، ويتجاوزفهد الفانك في الاقتصاد، بل( للاستدراك) ومَن يزاحم أحمد حسن الزّعبي في لذعاته ولسعاته. وسينحرف الحديث قليلا تجاه قوانين الانتخاب والتعديلات الدستورية، والغوص في تفاصيل هلامية لا أساس لها في واقع الأمر. ويتمّ طرح مجموعة من الأسماء المتداولة بين الناس والذين يرجع إليهم سبب المديونية الأُسِّيَّة منذ ثمانينيّات القرن الماضي. عندها، يشكو أحد السهارى عن الديون المستحقة عليه بسبب تدريس ابنه-الله يخليه- في جامعة خاصة، بعد أن سُدّت أبواب الجامعات الحكومية بوجهه لتدنّي معدله الذي حصل عليه في الدورة الشتوية حيث كان المعدّل بأطراف السّتين. وفي هذه الأثناء، يزحف الحديث رويدا رويدا نحو معاليم زمان مقارنة بمعاليم هذه الأيام، مع الإعجاب المقرون بالهيبة لمعلمي أيام زمان، واستذكار القول المأثور حينها على لسان ولي أمر الطالب: إلك اللحم وإلي العظم. ومقارنة الجيل السابق باللاحق؛ أي بين جيل الدِّبْس من جهة وجيل الشيبس من جهة أخرى. فيهبّ الشباب هبّة شبّ واحد في وجه منتقديهم مدافعين عن جيلهم، وليس من المستبعد في هذه الآونة من احتدام النقاش والجدال من استبعاد أحد هؤلاء الشباب مذموما مدحورا من التعليلة بعد أن فُسِّرَت مداخلته البريئة على أنها تجاوز للقيم، وتطاول على العادات المألوفة، فيقوم زملاؤه الآخرون بالانسحاب إشارة إلى رفض القمع الذي مورس بحقهم، ومن ثم تمتد شرارة الخلاف والاختلاف إلى العنصر النسائي وهنا، وبالذات هنا، سيختلط الحابل بالنابل، وتبدأ نذُرُ الفتنة تطلّ برأسها، فيتدخل الأكابرية في إصلاح ما يمكن إصلاحه دون جدوى، ومن ثم تنفضّ التعليلة وتنتهي على هوشة في منتصف الليل. وعندئذٍ، ماجت أم رامي يمنة ويسرة مستندة على أكتاف إحدى القابعات في( القرنة) أي الزاوية، كي تستطيع الوقوف، وتعود راجلة مع بعلها، إيذانا بانتهاء التعليلة. وقالت باتهام الواثق من قوله: عين وصابتنا، الله يجازي اللي كان السبب.
من ضمن ما يمتاز به فصل الشتاء التعاليل المسائية، وخاصة أن ليالي الشتاء طويلة. وقد تبدأ التعليلة بدخول أبو رامي متأخرا إلى المجلس، فيبادره أحدهم بالسؤال عن سبب تأخره، فيجيبه بأن ( الكُرْكَعة) أي سيارة الفوكس الخَمْريّة قد تعطّلت براس الطلعة، فتركها هناك وجاء راجلا- كالعادة- فهذه الحالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وهنا، يتناوب الحاضرون في تشخيص السبب وراء خراب الكركعة؛ فينبري أحدهم، كمرجع في الميكانيك، ليعيد السبب إلى تلف البواجي ، وآخر، كمرجع في الكهرباء، إلى فحمات البلاتين، خاصة وأنه يحمل في جيب قميصه مفكّا أصفر اللون دائما.، في حين يصرّ ثالث إلى أن السبب في ذلك يعزى إلى انتهاء فعالية البطارية دون شكّ. ومن ثمَّ تدلي أم رامي بدلوها عن بعد قائلة: عين وصابتها وما صلّت عالنبيّ، الله يجازي ولاد الـ... وفي هذ اللحظة ينتقل محور الحديث فجأة إلى الحسد والحساد والرّقْية، فيشارك معظم الحضور في إبداء رأيه في هذا المحور مستشهدين بما يحفظونه من آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة، وكذلك ببعض الحوادث التي مرّت بهم، والتي تثبت وجود مثل هؤلاء الحسّاد في المجتمع، مع إيراد بعض الأسماء المعروفة لديهم، والتي تمارس الحسد، ومثال ذلك المرض الذي ألمّ بأبو فادي الذي طرقته عين أبو الشّرايط الغائب عن هذه التعليلة مما أفسح المجال لمعظم القوم أن يغتابوه كثيرا، وبعد جولة الغيبة هذه الذي ستأخذ وقتا مناسبا، ستنتهي عندما يعلن أحدهم قائلا: الله لا يكتب لنا/ علينا الغيبة والنميمة. بعد أن أشبعوا الرّجل( مسك شلّ ) كما يقال. وعندئذ ينتقل الحديث برُمّته إلى محور الأمراض والطّب؛ وحينها ستكتشف أن المجلس يضمّ بين جنباته أخصائيا في المسالك البولية، وضليعا في الكسور والتجبير، ونطّاسيا بارعا في هشاشة العظام وأسبابها، وخبيرا في التّداوي بالأعشاب، والذي سيأخذ معظم وقت هذا المحور من الحديث، ويتم التركيز هنا على حبة البركة( القزحة) وفوائد البصل والفجل والثّوم تحديدا وحصريا. وهنا، يتدحرج الحديث شيئا فشيئا صوب ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه؛ والمقصود هنا البندورة والخيار على وجه الدّقة. وفي هذا المحور، سيجد ممتهنو السياسة والاقتصاد والعارفين بهما من الجالسين ضالتهم ومأربهم، ليدور النقاش الحادّ الملفّع بالقهر والإحباط حول الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهونها، مبديا كلّ منهم استراتيجيته لحلّ هذه الأزمة التي تطحنهم هم وذراريهم. وستكتشف في هذا المحور من الحديث من يبزّ – مع حفظ الألقاب- محمد حسنين هيكل في السياسة، ويتجاوزفهد الفانك في الاقتصاد، بل( للاستدراك) ومَن يزاحم أحمد حسن الزّعبي في لذعاته ولسعاته. وسينحرف الحديث قليلا تجاه قوانين الانتخاب والتعديلات الدستورية، والغوص في تفاصيل هلامية لا أساس لها في واقع الأمر. ويتمّ طرح مجموعة من الأسماء المتداولة بين الناس والذين يرجع إليهم سبب المديونية الأُسِّيَّة منذ ثمانينيّات القرن الماضي. عندها، يشكو أحد السهارى عن الديون المستحقة عليه بسبب تدريس ابنه-الله يخليه- في جامعة خاصة، بعد أن سُدّت أبواب الجامعات الحكومية بوجهه لتدنّي معدله الذي حصل عليه في الدورة الشتوية حيث كان المعدّل بأطراف السّتين. وفي هذه الأثناء، يزحف الحديث رويدا رويدا نحو معاليم زمان مقارنة بمعاليم هذه الأيام، مع الإعجاب المقرون بالهيبة لمعلمي أيام زمان، واستذكار القول المأثور حينها على لسان ولي أمر الطالب: إلك اللحم وإلي العظم. ومقارنة الجيل السابق باللاحق؛ أي بين جيل الدِّبْس من جهة وجيل الشيبس من جهة أخرى. فيهبّ الشباب هبّة شبّ واحد في وجه منتقديهم مدافعين عن جيلهم، وليس من المستبعد في هذه الآونة من احتدام النقاش والجدال من استبعاد أحد هؤلاء الشباب مذموما مدحورا من التعليلة بعد أن فُسِّرَت مداخلته البريئة على أنها تجاوز للقيم، وتطاول على العادات المألوفة، فيقوم زملاؤه الآخرون بالانسحاب إشارة إلى رفض القمع الذي مورس بحقهم، ومن ثم تمتد شرارة الخلاف والاختلاف إلى العنصر النسائي وهنا، وبالذات هنا، سيختلط الحابل بالنابل، وتبدأ نذُرُ الفتنة تطلّ برأسها، فيتدخل الأكابرية في إصلاح ما يمكن إصلاحه دون جدوى، ومن ثم تنفضّ التعليلة وتنتهي على هوشة في منتصف الليل. وعندئذٍ، ماجت أم رامي يمنة ويسرة مستندة على أكتاف إحدى القابعات في( القرنة) أي الزاوية، كي تستطيع الوقوف، وتعود راجلة مع بعلها، إيذانا بانتهاء التعليلة. وقالت باتهام الواثق من قوله: عين وصابتنا، الله يجازي اللي كان السبب.