اخبار البلد - قدمت لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي هذا الأسبوع في هدوء مشروع قانون يسعى لكبح جماح أوبك+، بعد أن وافقت مجموعة منتجي النفط بقيادة السعودية وروسيا هذا الشهر على خفض الإنتاج.
وقد يناقش الأعضاء التشريع بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الثامن من نوفمبر القادم.
واكتسب مشروع قانون "منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصارا باسم نوبك، قوة دافعة في الكونغرس بعد أن قررت أوبك وحلفاؤها في الخامس من أكتوبر خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.
وأظهر موقع مجلس الشيوخ على الإنترنت أن اللجنة القضائية بالمجلس، التي كانت قد أقرت مشروع القانون بسهولة في مايو، أحالت مشروع القانون الثلاثاء إلى المجلس بكامل هيئته. وقال أحد المساعدين بمجلس الشيوخ إنها "مجرد خطوة تجهيز للأوراق".
وحاول السناتور الجمهوري تشاك جراسلي الذي رعى مشروع القانون، إرفاق التشريع بمشروع قانون السياسة الدفاعية السنوي. لكن مساعيه باءت بالفشل، غير أن مشروع القانون قد يُلحق بتشريعات أخرى في وقت لاحق هذا العام. ولم يرد مكتب جراسلي بعد على طلب للتعليق.
ومستقبل مشروع القانون متروك الآن لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وهو ديمقراطي. ومن المرجح أن يكون جدول أعمال مجلس الشيوخ مكتظا بعد الانتخابات، مما قد يمنع النظر في مشروع القانون. ولم يرد مكتب شومر بعد على طلب للتعليق.
كان شومر قد قال في السادس من أكتوبر "ما فعلته السعودية لمساعدة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين في مواصلة شن حربه الدنيئة والشرسة على أوكرانيا سيتذكره الأميركيون لفترة طويلة. نبحث في جميع الأدوات التشريعية للتعامل بشكل أفضل مع هذا العمل المروع والوحشي للغاية، بما في ذلك مشروع قانون نوبك".
وإذا أقر مجلسا الكونغرس مشروع نوبك ووقعه بايدن، فإنه سيغير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي أعضاء أوبك+ وشركات النفط الوطنية من الدعاوى القضائية المتعلقة بالتواطؤ في الأسعار.
وليس من الواضح كيف يمكن لمحكمة اتحادية أن تنفذ قرارات قضائية لمكافحة الاحتكار ضد دول أجنبية. وقد تواجه الولايات المتحدة أيضا انتقادات لمحاولاتها التلاعب بالأسواق من خلال أمور منها على سبيل المثال خطة سحب 180 مليون برميل من النفط من احتياطي الطوارئ بين مايو أيار وديسمبر.
وهناك مخاوف من أن تتجاوز تداعيات القانون سوق النفط، وتمتد إلى أسواق أخرى.
وصرح بعض المحللين بأن نوبك قد يدفع بعض الدول لاتخاذ إجراءات مماثلة ضد الولايات المتحدة بسبب حجب الإنتاج الزراعي لدعم الزراعة المحلية.
كما أن دول أوبك قد ترد بطرق أخرى، إذ هددت السعودية في 2019 ببيع نفطها بعملات أخرى غير الدولار في حالة تمرير القانون، وهي خطوة ستتسبب في تقويض مكانة الدولار كعملة احتياطية رئيسة في العالم وتقلل من نفوذ واشنطن.
وتشير تكهنات أخرى إلى أن السعودية قد تتجه لشراء بعض الأسلحة من دول أخرى غير الولايات المتحدة مما يضرب تجارة مربحة لمتعاقدي الدفاع الأميركيين.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمملكة ومنتجي النفط الآخرين تقييد الاستثمارات الأميركية في بلدانهم أو رفع أسعار النفط المباع إلى أميركا، وذلك في وقت تواجه في الولايات المتحدة وحلفاؤها تحديات كبيرة في تأمين إمدادات طاقة موثوقة خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
يأتي هذا، فيما دعا الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء الشركات الأميركية إلى زيادة إنتاجها النفطي المحلّي، مؤكّداً في الآن نفسه أنّ الولايات المتّحدة ستواصل الاعتماد على احتياطياتها الاستراتيجية في محاولة لضمان استقرار الأسعار في محطّات الوقود في البلاد.
وتأتي هذه الدعوة في سياق انتخابي متوتر وبعد أسبوعين من قرار منظمة أوبك وحلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، خفض حصص إنتاجهم النفطي، في خطوة اعتُبرت صفعة لواشنطن.
وشدّد الرئيس على أنّه يتعيّن على الولايات المتّحدة "أن تزيد في شكل منطقي الإنتاج الأميركي من النفط"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ هذه الزيادة يجب أن تتمّ "من دون أن تؤخّر انتقالنا إلى الطاقات النظيفة".
كما كرّر بايدن انتقاده لبعض أرباب قطاع المحروقات، وكتب على تويتر إثر مؤتمره الصحافي أنّ "ما يجنيه مالكو المصافي هو ضعف عائداتهم المعتادة. وهوامش الموزّعين تتجاوز المعيار (المعمول به) بنسبة تفوق أربعين في المئة".
لكنّ الإجراء الأهم الذي أعلن عنه بايدن الأربعاء هو سحب 15 مليون برميل إضافي من الاحتياطي الاستراتيجي في محاولة للحدّ من ارتفاع أسعار الذهب الأسود.ويشكّل هذا السحب الجديد الذي سينفّذ في ديسمبر، الجزء الأخير من البرنامج الذي أعلن عنه بايدن في الربيع وينصّ على سحب 180 مليون برميل في المجموع لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، يعتزم الرئيس الأميركي وضع آلية لتجديد الاحتياطيات الاستراتيجية على المدى الطويل.
وستبدأ الحكومة الأميركية في شراء النفط عندما ينخفض سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط، النفط المرجعي الأميركي، إلى نطاق يراوح بين 67 و72 دولاراً.
ويهدف هذا الإجراء إلى بعث إشارة إيجابية للأسواق وتشجيع الشركات الأميركية الكبيرة على زيادة إنتاجها.
وأوضح مسؤول حكومي أنّ الإدارة تخطّط للتفاوض على عقود شراء لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي بسعر متّفق عليه مسبقاً من خلال مزاد، ما من شأنه أن يحدّ من المخاطر المرتبطة بتقلّب الأسعار.
ومنذ مطلع سبتمبر 2021، سحبت الولايات المتحدة أكثر من 212 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الذي بلغ أدنى مستوياته منذ يونيو 1984. ولم يسبق لأيّ رئيس مطلقاً أن سحب مثل هذه الكميات منذ إنشئ الاحتياطي في 1975.