الجدير بالذكر أن العالم لم يعد يحتمل نشوب أي نزاع بين طرفين آخرين، خاصة بعدما أتضحت الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على العالم والعقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي على موسكو.
وبحسب المراقبين السياسيين، قالوا إن التحركات التجارية التي تقوم بها الصين تجاه تايوان تهدف للضغط على الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، بينما تعتبرها الصين إقليم متمرد، من جهة أخرى قال مراقبين صينين أن التحركات التجارية تجاه الجزيرة متعلقة بشؤون تجارية، كما نفى مسؤولون في تايوان أن تزيد الصين من عقوباته الاقتصادية تجاه الشركات التايوانية، وذلك للعلاقة التجارية والاقتصادية القوية بين الصين والشركات التايوانية والاعتماد الشديد عليها.
الصادرات الأكثر قيمة
تخلت الصين بشكل كبير عن الصادرات التايوانية الأكثر قيمة مقارنة بجميع الصادرات الأخرى، ألا وهي أشباه الموصلات، والتي تعد من أهم المكونات التي تدخل في صناعة الأجهزة المحمولة والهواتف الذكية وصناعة الطائرات والسيارات والمعدات الطبية، حيث وصف الخبراء الاقتصاديين أن استهداف بكين لصناعة أشباه الموصلات يعد إطلاق تايوان رصاصة على نفسها في الرأس.
من الجلي أن تايوان تسيطر على صناعة أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم، وبات ذلك واضحًا بعد أن زادت نسبة الطلب على تلك الموصلات في السنوات القليلة الماضية، حيث تشكل تلك الصادرات الآن حوالي 40% من صادرات تايوان، إضافة إلى 15% من ناتج الجزيرة الكلي الإجمالي.
ووفقًا لما صرحت به بياتريس تساي، المختصة الإحصائية في وزارة تايوان المالية في مؤتمرها الصحفي يوم أمس، قالت بأن الصناعات التايوانية الإلكترونية في الاقتصاد الصيني والتايواني مرتبطة ببعضها البعض، وتعتبر تايوان من أكبر الدول المصدرة للصين أشباه الموصلات والدوائر المتكاملة.
وبحسب ما كشفت عنه الإحصائيات في دراسة قامت بها أبحاث الكونغرس العام الماضي، تبين أن الصين تصنف من ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، حيث يقدر نحو الطلب العالمي على أشباه الموصلات بنسبة 59%، وكشفت الإحصائيات أن أكثر من 89% من الطلبات يتم تلبيها من خلال الشركات الأجنبية والواردات الأجنبية التي تستثمر في البلاد، كما وكشفت الإحصائيات على أنه من الرغم من الملايين التي خصصت لتطوير هذه الصناعة، إلا أن الإنتاج المحلي لا يزيد عن 10% فقط من حاجة السوق تحت إشراف شركة SMIC التي يقع مقرها المركزي في شنغهاي.
كما وصرح الباحث في أكاديمية Sinica، جيمس لي قائلًا أنه من المستبعد في الوقت الحالي أن تقوم الصين بفرض المزيد من العقوبات على أشباه الموصلات، مؤكدًا على أن الصين تعتمد على الشركات التايوانية في صناعة الدوائر الكاملة، مؤكدًا على أنه من الممكن أن يتغير ذلك في حال قررت الصين رفع قدرتها التصنيعية الخاصة في هذا المجال، ولكن قد يتطلب الأمر بعض الوقت.
خطر حقيقي محدق
بحسب ما صرح به الرئيس الصيني لوسائل الإعلام، قال أن الخطر الحقيقي الذي يهدد البلاد يكمن في الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، مؤكدًا على ضرورة العمل لزيادة الاكتفاء الذاتي، كما وتعهدت الصين باستثمار أكثر من 1 تريليون دولار في مجال الصناعات التقنية عالية الدقة، من ضمنها أشباه الموصلات، والجدير بالذكر أنه في الأشهر الماضية تم اعتقال العديد من الشخصيات المرموقة المرتبطة بالصندوق الوطني للاستثمار، كان أخرها اعتقال دينغ وينو رئيس شركة Tsinghua unigroup المختصة في صناعة الرقائق وأشباه الموصلات الدقيقة المتعثرة.
قيود غير هامة
بحسب ما كشفت عنه بيانات الإدارة الاقتصادية للحكومة التايوانية لعام 2020، بلغت نسبة الواردات من الحصى والرمل الصيني حوالي 93.1%، إضافة إلى أن الحصى والرمل الصيني المستورد يمثل فقط ما نسبته 7.5% من إجمالي المعروض في تايوان، ويعتقد البعض أن القيود المفروضة لها علاقة كبيرة وتأثير سلبي على الجزيرة، بحسب ما صرح به مسؤولي الرمال والحصى في تايوان، كما وصرح مدير الشعبة الدولية في تايوان لمجلس الزراعة، لين جيا قال أن القود المفروض من قبل الحكومة الصينية على الجزيرة تؤثر على أكثر 3 أنواع من المنتجات، منها العسل، والشاي، والمنتجات المائية.
من جهة أخرى صرحت وسائل إعلام تايوانية أن الشعب يشعر بالقلق البالغ تجاه تردي العلاقات واستمرار حالة التوتر بين الصين وتايوان، ناهيك عن التخوفات من فسخ اتفاقيات التعاون الاقتصادية عبر المضيق، وفي الخصوص قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شنغهاي، أن الصين تمتلك المزيد من الإجراءات التي من شأنها إحداث تأثيرات سلبية عميقة في تايون، وكل ذلك متوقف على مدى توجه الجزيرة السياسية، مؤكدًا على أن الأيام القادمة ستحمل المزيد من الأحداث المتصاعدة، وأضاف أنه في حال قامت الصين باستهداف السلع الاستراتيجية، فإنها الأخرى ستعانى من أضرار عميقة في الاقتصاد الصيني مقارنة بالتأثيرات على تايون، ولكن من الممكن أن تجد الصين بدائل سريعة لتلك السلع على عكس تايوان التي لن تجد أي بديل لذلك حتى لو كان ذلك مؤقتًا.