الشريط الإعلامي

معركة الساحات وضرورة المراجعة والتقييم

آخر تحديث: 2022-08-09، 09:19 am
حازم عياد
أخبار البلد-
 
أبدى رئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد قدرا كبيرا من الحماسة لوقف العمليات العسكرية لجيش الاحتلال بعد أن تمكن من استهداف اثنين من كبار قادة الجهاد الاسلامي.
لبيد كان قلقا من تصعيد يقلب الطاولة رأسا على عقب ويحول الانجاز الانتخابي الى هزيمة مجددا؛ قلق عززته تقديرات رئيس جهاز الشاباك رونين بار خلال اجتماع الكابينت المصغر مساء الاحد؛ اذ أكد على ضرورة وقف العدوان خشية ارتكاب اخطاء؛ فالحكومة حققت أهدافها من العدوان بل و وأكثر مما كانت تتوقع بحسب زعمه.
الحماسة التي أبداها لبيد والخشية من انضمام حركة حماس للمواجهة وقلب النتائج الميدانية أفضت لوقف سريع لاطلاق النار؛ وفق شروط تسمح باطلاق سراح الاسير الاداري خليل العووادة وضمانات مصرية بالعمل على اطلاق سراح القيادي بسام السعدي الامر الذي اكدت فيه قيادة الجهاد الاسلامي عزمها العودة للقتال في حال عدم تنفيذه دون ان تحدد مدة لذلك.
"إسرائيل" بهذا المعنى لم تتمكن من تحقيق اهداف استرايجية من هذه المواجهة؛ فالفصل بين الضفة والقطاع فشل، وبين حماس والجهاد كذلك فشل، وهو ما عجزت وسائل الاعلام عن تسويقه لوجود تنسيق عال اشرفت عليه غرفة العمليات المشتركة؛ وهو ما انعكس على شكل ضغوط قوية من قادة الأجهزة الامنية لانهاء المعركة.
مظلة الردع التي وفرتها حماس ضغطت على أعصاب قادة جيش الاحتلال؛ وأسهمت الى حد كبير في إدارة المعركة من خلال وضع خطوط حمراء منعت الاحتلال من استهداف البينة التحتية وقيدت هجماته على المدنيين الى حد كبير رغم ارتقاء اكثر من اربعين شهديا و400 جريحاً واكثر من 1600 منزلا متضرراً منها اكثر من 70 لم تعد صالحة للسكن.
الذهاب الى الهدنة وعجز الكيان الاسرائيلي عن تحقيق اهداف استراتيجية واكتفائها بتحقيق اهدف انتخابية وانجازات وصور دعائية لكل من غانتس ولبيد وكوخافي؛ لا يعني غياب المراجعة والنقد لمسار المواجهة ويومياتها فلسطينيا؛ فاستشهاد اثنين من كبار قادة الجهاد (تيسير الجعبري وخالد منصور) يحتاج الى وقفه تأمل حقيقية حول الكيفية التي تمكن الاحتلال فيها من تحقيق أهداف كبيرة خلال اقل من 48 ساعة؛ لابد للمقاومة من البحث عن الثغرات الميدانية والتعبوية ومعالجتها فهي خطيرة ومقلقة .
من ناحية اخرى فان انشغال الكثير من المحللين والمثقفين والمفكرين بخطورة الفصل بين الجهاد وحماس مشروع من ناحية نظرية خصوصا ان المعلومات المتوفرة خلال المواجهة كانت محدودة ما يفتح الباب لمعركة اعلامية وسياسية تحتاج الى ادارة لرد هذه الشبهات وكشف الحقائق دون اخلال بالهدف الاستراتجيي وهو استنزاف العدو الصهيوني .
فرغم ان مراكز البحوث الاسرائيلية والغربية ادركت مبكرا الدقة و الذكاء والخبرة في ادارة المعركة؛ الا اننا لم نشهد مثيلا لذلك في وسائل الاعلام العربية والمحلية؛ اذ أدرك الكثير من الباحثين الاسرائيليين مغزى الفصل بين حماس والجهاد سياسيا وامنيا وعسكريا وخطورته على الكيان؛ باعتباره يهدف لتجنب مواجهة واسعة تضر بالاهداف الانتخابية والضيقة لاعضاء الكابينت الحكومي المصغر وليس لاهداف استراتيجية .
وذهب باحثون وخبراء للتحذير من ان الفصل بين حماس والجهاد بمثابة اقرار بقوة حماس الضاربة؛ والاهم ان له مخاطر كبيرة اذ يفتح الباب لحرب عصابات، تذكر بما كان تقوم به فيتنام الشمالية في دعم الفيتكونغ في فيتنام الجنوبية؛ والتي تخللها مواجهات انتقلت بين الحين والاخر الى الشمال بل والى لاوس وكمبوديا .
مخاطر كبيرة حذر منها باحثون وخبراء صهاينة فقد ذهب الرئيس السابق للدائرة السياسية والأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس غلعاد، ورئيس قسم الدراسات الفلسطينية في معهد السياسة والإستراتيجية في جامعة "رايخمان"، ميخائيل ميلشتاين، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" امس الاحد إلى القول "يجب النظر بشكل نقدي إلى الفصل الذي تمارسه إسرائيل بين الجهاد الإسلامي وحماس، التي تحكم غزة والمسؤولة عن الحفاظ عن الهدوء في إطار تهدئة، وتقف الآن على الحياد بدلا من فرض سيادتها" وفي المقابل فان الفلسطينيون بحاجة لتفكير نقدي لتطوير الاستراتيجيات التي باتت اشد تعقيدا وتطورا من ناحية ميدانية وسياسية واعلامية.
ختاما .. معركة توحيد الساحات او ما أسماه الاحتلال معركة "طلوع الفجر" من اهم المواجهات التي خاضها الشعب والمقاومة الفلسطينية واكثرها تعقيداً وتطورا؛ تحتاج الى مراجعات نقدية وفكرية واستراتيجية وتكتكية لاهميتها في رسم ملامح المواجهة المقبلة ؛ فالمواجهة عكست تطورا كبيرا في الاداء الاستراتيجي للمقاومة الذي يحتاج لترسيخ ونقد وتطوير في الان ذاته .