يعتبر عام 2011 ، من أهم الأعوام في تاريخ هذه الأمة وعلامة فاصلة في التاريخ الإنساني وذلك لأنه حمل في رزنامة أوراقه الكثير من المفاجآت السارة وغير السارة ، وفي مطلع هذا العام تفجر البركان العربي على شكل ثورة عربية عارمة انطلقت من أكثر الدول أمنا وأمانا لوزراء الداخلية العرب لعقد اجتماعاتهم الناجحة دائما وذلك للتفنن بقمع الشعب العربي في كل قطر كلما ثار من أجل حريته وكرامته .
وقد انطلقت أول ثورة من تونس وصولا لمصر وهناك تعثرت ولكنها لم تسقط أبدا وذلك لخصوصية مصر ودورها ومكانتها وتكالب المؤامرات والدسائس الامبريالية الصهيونية حيث أرعبهم السقوط المدوي لعملاء كانوا يظنونهم أكبر من الأوطان التي يحكمونها خاصة نظام كامب ديفيد السادات مبارك الذي نزل بمصر من دولة المحور الى دولة الوكيل المعتمد لتطويع كل الأنظمة بعد أن أعادته قمة المهزلة في عمان عام 1987م، الى الحضن العربي وما هي إلا سنوات حتى عادت جامعة إيدن المساه بالجامعة العربية بقاهرة كامب ديفيد كأفضل هدية على العمالة والخيانة ، ومن تلك الجامعة المهزلة انطلقت المؤامرات والدسائس على هذه الأمة العظيمة ومنها صدر تدمير العراق تحت مزاعم تحرير الكويت عام 1990م ، وتستكمل جامعة إيدن دورها القذر بإعطاء الشرعية باحتلال ليبيا وتنصيب مجلس الخونة والعملاء الذي صنعته وكالة المخابرات الأمريكية والفرنسية والموساد وأتباعهم في الجزيرة العربية ودويلة قطر التي صدقت أنها دولة عظمى ، وتم تصفية القيادة القومية في ليبيا وعلى رأسها العقيد الشهيد معمر ألقذافي بطريقة همجية بربرية سيذكرها التاريخ بالخزي والعار لأولئك الخونة الذين قاموا بدور الكومبارس خلف الفاعل الحقيقي أمريكا الصهيونية والتاريخ كما هو العادة يدين ويحاسب أصحاب القرار وليس الأتباع والعملاء الذين يستخدموا لفترات خاصة إذا كان أصحاب القرار هم الأكثر حديثا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي رأينا نماذجها في العراق وأفغانستان وليبيا ودعم أنظمة التخلف والعمالة والإرهاب في الخليج العربي المحتل وغيرها ، وامتدت مؤامرات الجامعة المسماة بالعربية لتصل الى سوريا من خلال تلك القرارات المترجمة والتي تعتبر سابقة خطيرة مخالفة لنفس ميثاق الجامعة كما يقول رجال القانون ، ولكنها فشلت وسقطت أمام صمود شعبنا العربي في سوريا والمؤسف أن دور الجامعة العربية كما يسمونها واصلت تلك المهمة القذرة حتى بعد ثورة 25 يناير وسقوط نظام كامب ديفيد العميل ، حيث تجري المحاولات الحثيثة لاحتواء تلك الثورة واستبدال ديكتاتور كامب ديفيد المنهار بدكتاتور آخر ولا بأس أن تكون ديكتاتورية باسم الدين حيث لم يخجل احد قاده حزب الظلام السلفي المسمى بالنور من الحديث مع صحفي صهيوني من أذاعه جيش الدفاع الصهيوني ليصرح ان حزبه يحترم اتفاقيه كامب ديفيد ونفس الشيء أعلنه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لحركه الإخوان المسلمين ولكن عبر حديث سياسي لوسائل الإعلام انه يحترم الاتفاقيات الدولية التي ابرمها النظام السابق والاشاره واضحة لا تحتاج لتعليق
ولعل الانتخابات وقبلها الاستفتاء على تغير الدستور كانت من تخطيط الثورة المضادة التي رأسها في أمريكا وذنبها في القاهرة ممثلة بنظام كامب ديفيد الذي سقط رأسه ولكن بقي النظام وأجهزته وأدواته وسياسته لا تزال كما هي ممثلة في المجلس العسكري وباقي أعوان النظام المخلوع الذين انقلبوا عليه ولكنهم لم ينقلبوا على النظام ذاته .
عام 2011 لم يكن عاما عاديا ، لقد كان استثنائيا في تاريخ هذه الأمة ليس لسقوط عميلين مبارك والعابدين ولكن أصبح واضحا حجم المؤامرة الامبريالية الصهيونية على أمتنا العربية وسرعان ما كثفت الامبريالية جهودها لاحتواء الثورة العربية ونقلها لمعسكر المقاومة والممانعة في ليبيا الذي أسقطوا الدولة قبل نظامها الوطني وسوريا التي بفضل الله ووعي شعبنا في سوريا التاريخية سقطت مؤامراتهم وانكشفت أقنعتهم ، ومن يتابع وسائل الإعلام الناطق بالعبرية منذ مطلع هذا العام سيعلم مدى حجم المؤامرة وسياسة الكيل بمكيالين التي مارستها تلك الوسائل بتوجيه صهيو أمريكي خبيث وواضح وغياب وانتحار كل شعارات الطبشور التي رفعها ذلك الإعلام خاصة قناتي الجزيرة والعبرية المساه بالعربية أكبر دليل على ذلك ولن اذكر هنا محطات الحريري صبي آل سعود ووسائل أعلامه ومن يدور في فلكها فهي لا زالت رضيع ومقلد للأمة الهرمة وسائل إعلام ال سعود التي تعيش خارج خارطة التاريخ ولا زالت تحارب وكأنها في أقوى مراحل الحرب الباردة ، وكيف تجاهلت وسائل الإعلام المذكورة دماء الشعب العربي في البحرين والجزيرة العربية وسلطنة قابوس وغيرها وركزت على التحريض والفبركة وإثارة الفتن والقلاقل في ليبيا وعندما فشلوا قام حلف الشيطان بالمهمة وبتصريح من جامعة إيدن الفاقدة للشرعية ولعل الطريقة الهمجية التي قتلوا بها العقيد معمر ألقذافي بعد أن قصفه الناتو وقبض عليه جريحا تغطي الدماء وجهه أكبر الدليل على ديمقراطية هؤلاء العملاء الرعاع ، وتحدثوا من واشنطن عندما فضحت مؤامراتهم وهي رأس الفتن والقلاقل عن تشكيل لجان تحقيق ، وبعد ذلك سجلت القضية ضد عميل مجهول وتركوا جسد القائد الشهيد معمر ألقذافي ثلاثة أيام في مكان عام ليراه كل الناس ولا نعلم بأي دين وأي شرع ذلك إلا شريعة الغاب الصهيو أمريكية التي يمارسها صغار العملاء والرعاع .
وحاولوا تطبيق نفس السيناريو الليبي الذي هو نفس سيناريو العراق على سوريا ولكن الشعب السوري الحر كان لهم بالمرصاد ولا زالت علامات الاستغراب والتعجب عن المتظاهرين الذي بعضه مدفوعي الأجر لأجل طرد السفراء السوريين ولم نرى تلك الجموع تتظاهر لطرد السفراء الصهاينة ، ورغم كل ذلك الظلام الذي خيم على الثورة العربية ومحاولة انحرافها عن مسارها وقد نجحوا لحد ما حتى الآن ولكن قيمة هذه الثورة العظيمة أنه لا عودة للوراء والذين خدعتهم الشعارات البراقة التي هي كلمة حق أريد بها باطل لأجل السلطة من خلال الانتخابات وغيرها .
غدا سيخرج الشعب لقلب الطاولة على كل من يخدعه ولا شرعية بعد اليوم لمن لا يمثل إرادة أمته وشعبه وسيكون عام 2011 م ، عاما تاريخيا بكل انجازاته وإخفاقاته ولن يكون المستقبل إلا للشعب وسيسقط الخونة والعملاء في ليبيا وفي أقطار الخليج المحتل وكل من لا يمثل إرادة أمته وشعبه أي أنه لن يبقى هناك حاكما للأبد .
رحم الله شهداء الثورة العربية في تونس ومصر وسوريا والبحرين والجزيرة العربية وعمان واليمن وليبيا التي ستنهض لكنس عملاء الناتو وأنابيبه والشعب الليبي العربي العظيم الذي أنجب عمر المختار ومعمر ألقذافي وأبو بكر يونس الذين هزموا الاستعمار سيهزمون عملاء الناتو وستعود ليبيا عربية حرة كما كانت منذ ثورة الفاتح وسيكون عام 2012 عام التصحيح لمسار الثورة حيث بدأت الرسالة من القاهرة وبعد اليوم لن يخدع شعبنا العربي بتّجار الشعارات الدينية وغيرها ولا عودة للوراء هكذا أعلنها الشعب العربي من المحيط للخليج ونتمنى أن تكون هذه الثورة التصحيحية المقدمة للوحدة العربية وهذا ما نتمناه في العام الجديد والمستقبل الذي لن يكون إلا للمناضلين والشرفاء في هذه الأمة .
وكل عام وأمتنا وشعبنا بألف خير ، ولا نامت أعين الجبناء .
عبد الهادي الراجح
alrajeh66@yahoo.com