- ربما يتسرع البعض ويرجمني بالعقوق إن قلت أنني فرح بموت أمي 83 عاما ، في الوقت الذي يعتقد فيه الأغلبية وربما الجميع أن كل موت مُحزن ، لكن في حالتي كمؤمن بمذهب الفكر الموضوعي العقلاني ، ومن منطلق أن كل نفس ذائقة الموت ، فقد إرتأيت أن أكون فرحا أن ماتت والدتي بين يدي ، أيدي أبنائها ، وبناتها ، أحفادها ، حفيداتها ، عائلتها ، أصهارها ،أحبابها وأهل الأردن، يتقاطرون لتشييعها وإكرام مثواها والقيام بما يستلزم من صلاة ، دعاء وعزاء ، فالحمد والشكر لله وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- كثير تلك هي الأمهات في أرجاء متعددة من الكرة الأرضية ،ليس لا تحظى بالتكريم فحسب وإنما تُدمل جثامينها بالجرافات أو تترك في العراء للوحوش ، للكواسر والجوارح ، أو تُختزل مراسم موتها بلحظة حزن عابرة ، ليس عقوقا من أبناء أو قلة حب ومحبين ، إنما كنتاج لفوضى تختطف الفرح كما تختطف الحرية والموت الكريم ، لأجدني أحضن الأردن والأردنيين ، أن خيبوا ظن المتآمرين على هذا الوطن ، فتعقل الأردنيون بجمعة 612012 ودحروا فيها الفوضي ، دحروا الإنقسام وهزموا الإنقساميين ، لتعود مسيرة الإصلاح ، محاربة الفساد تغذ الخطى عبر الطريق القويم ، وفازت أمي بموت كريم .
- صحيح أن فراق الأم مُحزن ، صعب لكنه حق وحقيقة حتمية وحيدة لا خيار لمرئ فيها ، لكن أيضا في الموت تباين كما هو الحال في كل شيئ ، إذ لا تطابق مطلق بين شيأين حتى بين التوأمين الناتجين عن بويضة واحدة ومن رحم إمرأة واحدة ورجل واحد ، وهكذا شأن الربيع العربي الدامي في كل المواقع ، لكنه مُفرح في الوطن الأردني ، الذي منحني ومنح الأردنيين تكريم وفاة أمهاتهم ، فوداعا يا أمي ومرحبا يا وطني ، شكرا لله وشكرا يا وطني .
نبيل عمرو- صحفي أردني
nabil_amro@hotmail.com