يُفترض في الحكومة أن تكون حريصة على تطبيق القانون وحارسة له لا أن تخالفه، وإذا لم تكن كذلك، فإن مخالفة القانون وانتهاكه ستصبح أمراً مألوفاً من الجميع، وستصبح مقولة "دولة قانون ومؤسسات" شعاراً فارغاً لا قيمة له نرفعه دون أن نعي مضمونه ونعمل بمقتضاه..!!
الحكومة الحالية على الرغم من عدد رجالات القانون فيها، إلاّ أن لها سقطات قانونية، منها تعيين وزير للرياضة والشباب وتوليه لمهامه قبل إصدار قانون للوزارة وإلغاء قانون المجلس الأعلى للشباب, وكان آخرها إصرارها على شمول موظفي مؤسسة الضمان الاجتماعي بمظلة نظام الخدمة المدنية المعدل الجديد، على الرغم من الحجج القانونية الدامغة التي تشير إلى استقلالية المؤسسة من الناحيتين الإدارية والمالية، وإلى قانون الضمان الذي يحكم عمل المؤسسة وينظم شؤونها بما في ذلك النواحي الإدارية والتنظيمية والموظفين وغيرها، وقد ساق الفقيه القانوني الدكتور محمد الحموري، في دراسته لمدى قانونية انطباق نظام الخدمة المدنية على موظفي الضمان(الدستور 2/1/2012)، عدداً من الحجج القانونية والدستورية التي تؤيد الرأي القائل بأن نظام الخدمة المدنية لا يمكن بحال أن يسري على موظفي مؤسسة الضمان الاجتماعي، وبأن ما فعلته الحكومة من شمول موظفي الضمان بمشروع الهيكلة يُعدّ مخالفة قانونية ودستورية صريحة..!!
وفي مواجهة هذا الرأي القانوني الواضح، فإن الحكومة الآن أمام محك مفصلي في مستهل عهدها، فهي إما أن تُعمل القانون وإما أن تعاند وتصر على رأيها غير المؤيَّد بالحجج القانونية في مسألة شمول مؤسسة الضمان وموظفيها بنظام الخدمة المدنية، فإنْ هي أصرّت على رأيها، بعد أنْ لمْ تلتفت إلى احتجاجات موظفي الضمان برفض الهيكلة وقمعت اعتصامهم السلمي، فكأنما هي بذلك تصر على مخالفة القانون والدستور، وذلك غير مقبول من كافة النواحي، خصوصاً وأن الشعار الذي جاءت به الحكومة عند تشكيلها، هو شعار الإصلاح وتقديم منظومة تشريعية سياسية واقتصادية، ورئيسها قاض دولي يُفترض أن يمنع أي تجاوز للقانون من قبل حكومته، وأن يحاسب أي وزير على مجرد شبهة انتهاك القانون..!!
ما أحب أن أقوله، أن الحكومة مطالبة الآن بتقديم حججها القانونية والرد على الرأي القانوني الذي قدّمه الدكتور الحموري في موضوع الضمان، فإن لم تفعل ولم تملك الحجج القانونية، فعليها أن تتراجع عن قرارها بشمول موظفي الضمان بنظام الخدمة المدنية، فالتراجع عن الخطأ فضيلة، أما إذا لم تقدم مطالعتها القانونية وأصرّت على رأيتها دون سند وحجج قانونية دامغة، فاسمحوا لنا أن نطلق عليها بأنها حكومة فوق القانون، وبذلك فإن كل عضو فيها يكون قد أخلّ بالقسم الذي أقسمه أمام سيد البلاد.. مما لا يرضي الملك ولا يرضي الشعب، وأن عليها بعد ذلك أن ترحل..!!
Banansubaihi@rocketmail