يبدو ان العالم الغربي بقيادة امريكا مازال اطرش وأعمى ويمارس الازدواجية في سياسته تجاه القضية الفلسطينية، وتطلعات شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وفيما يتعلق بالقضايا العربية وهو ما كشفته الحرب الروسية- الأوكرانية.
فالغرب الذي يتباكى اليوم على أوكرانيا وعلى اللاجئين الاوكران وعلى القانون الدولي تجاهل على مدى عقود طويلة معاناة الشعب الفلسطيني وسلبه حريته وحقوقه كما يتجاهل الانتهاكات الفظة للاحتلال الإسرائيلي الجاثم على الأرض الفلسطينية.
ان الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا، التي يبدو انها لن تتوقف على المدى المنظور وربما ستقود هذه الحرب والتصعيد الغربي الى اندلاع حرب عالمية ثالثة، هذه الحرب كشفت الكثير من نفاق ورياء وعنصرية الولايات المتحدة الأمريكية واوروبا الغربية اللتين لم تتخذا أي موقف جاد على مدى عقود فيما يتعلق بحقوق الانسان الفلسطيني ولم تحركا ساكناً إزاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني.
لقد بحت اصواتنا وطالما كتب الكثير من التحذير من خطورة عدم الاهتمام الفعلي بما يجري في فلسطين وبما يتعلق بتطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
لقد خرجت بعض الأصوات الشجاعة في الغرب نفسه سواءً في الولايات المتحدة الامريكية او بعض البرلمانات الأوروبية تندد بهذه الازدواجية الغربية وتطالب بإنصاف الشعب الفلسطيني والتحرك بشكل جاد ضد الانتهاكات الاسرائيلية الفظة للقانون الدولي ولحقوق الانسان الفلسطيني. ومما يؤسف له أن الأصوات العالية التي نسمعها سواءً في ساحتنا الفلسطينية او في الساحتين العربية والإسلامية وكذا الشعارات البراقة بدون افعال ضد المحتل، تجعل هذا المحتل يصعد من ممارساته المجرمة من قتل وهدم للبيوت ومصادرات وضم للأراضي الفلسطينية لكيان الاحتلال، ومس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية.
ان ما يجب تأكيده هنا أن على هذا الغرب المنافق أن يعلم باننا لن نمل ولن نهدأ الا بانتزاع حريتنا واستقلالنا من الغاصب المحتل، كما أن عليه أن يعلم أن انحيازه المخزي للاحتلال وتشدقه بالديموقراطية وحقوق الانسان لن يخفي حقيقة سياساته البشعة تجاه شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية وشعوب العالم الثالث ولن تخفي عنصريته البغيضة ولن تزعزع اصرارنا الثابت على المضي قدما نحو انتزاع حقوقنا.
الغريب أن هذه الازدواجية تسللت الى المنظمة الدولية الأمم المتحدة حيث أن غالبية الدول في مجلس الأمن انحازت للموقف الأمريكي الغربي بشأن الازمة الأوكرانية متجاهلة العدوان الإسرائيلي المدعوم من أمريكا وأوروبا والمتواصل منذ عقود الى درجة ان مندوب احدى الدول العربية في مجلس الامن لم يتجرأ على التطرق الى قضية الشعب الفلسطيني.
من الصحيح القول أن زعمائنا يتحملون جزءا من المسؤولية عن تراجع القضية الفلسطينية بإصرارهم على استمرار هذا الانقسام المأساوي و ارتباط بعض الفصائل بأجندات إقليمية و اعتمادها على دول مثل ايران و تجاهل أهمية العلاقات مع العالم العربي أو أهمية الدعم العربي خصوصا الدعم السعودي للقضية الفلسطينية و الانجرار وراء سياسات طهران، إضافة الى تعنتها في رفض انهاء الانقسام و توفير الذرائع للاحتلال لإلحاق المزيد من الدمار و المعاناة لشعبنا الصامد في قطاع غزة.
شعبنا الفلسطيني ما زال ينتظر من زعمائه وفصائله انهاء هذا الانقسام المخزي وعلى الغرب بزعامة اميركا وعلى الاحتلال الإسرائيلي أن يدركا أن نسيان الشعب الفلسطيني لحقوقه وقضيته المقدسة هو ضرب من الخيال لأن شعبنا ما زال صابرا مرابطا مصرا على انتزاع حقوقه الوطنية طال الزمن أم قصر.
وكلمة أخيرة يجب ان تقال لكل زعماء امريكا وأوروبا أن من العار عليكم أن تواصلوا التشدق بحقوق الانسان والقانون الدولي والديموقراطية بينما تدعمون عملياً استمرار مأساة الشعب الفلسطيني واستمرار الاحتلال الإسرائيلي.