إخوان الأردن على المسرح.. من المظلومية إلى الكومبارس

إخوان الأردن على المسرح.. من المظلومية إلى الكومبارس
أخبار البلد -   أخبار البلد - أسفرت نتيجة "حلبة الملاكمة" التي حدثت تحت قبة البرلمان الأردني عن قرار تجميد عضوية النائب حسن الرياطي، المنضوي في كتلة الإصلاح ذراع الإخوان المسلمين، لمدة عامين.

كل النواب الذين شاركوا في المُلاسنات والمُشادات الكلامية، أو العراك بالأيدي اعتُبروا أبرياء، ولم تُتخذ أي عقوبة بحقهم، والمُذنب الوحيد في كل ما جرى الرياطي.

قرار اللجنة القانونية بتجميد عضوية الرياطي والذي حظي بتأييد غالبية أعضاء مجلس النواب في جلسة سرية عمّق الجروح، وزاد من الاتهامات للحكومة باستهداف الحركة الإسلامية، والتضييق عليها، وشيطنتها.

مقرر اللجنة القانونية، غازي الذنيبات يُجاهر بالقول "الرياطي هو الوحيد الذي ارتكب أخطاء فادحة في العراك تحت القبة"، في حين يرد النائب الرياطي بوصف القرار "بأنه مُجحف، وغير سليم"، مذكرا أن من شتم الذات الإلهية والأعراض لم يتلقَ أي عقوبة.

المسرحية غير محبوكة الأدوار التي وقعت في البرلمان، دفعت النائب الإسلامي، صالح العرموطي، لاسترجاع، والترويج لحالة المظلومية التي تتعرض لها الحركة الإسلامية، وما يعتبرونه استهدافا وإقصاء، وحربا من الدولة العميقة ضدهم، ولهذا يُعيد العزف على وتر الحرية والديمقراطية في البلاد.

كل المعارك تحت قبة البرلمان انقشع غُبارها عن نتيجة أكيدة مفادها أن التعديلات الدستورية مرت كما أرادتها الدولة، والحقيقة التي لا يُمكن حجبها أيضا أن الإسلاميين كانوا شركاء في إقرارها حتى وإن صوتوا ضدها، فهم شاركوا بفعالية في الزوبعة ضد إضافة كلمة الأردنيات، واعتبروا هذا التعديل معركتهم الرئيسية لمُغازلة شارعهم، وساهموا بمراهقتهم السياسية، أو تواطئهم في حرف بوصلة الاهتمام والنقاش عن التعديلات الدستورية الرئيسية.

"الإخوان المسلمين" شهود زور، هذه الحقيقة التي يخلُص لها الكثير من المتتبعين لحركتهم، وعلاقتهم مع الحكم والحكومات في الأردن، وهذا الاستنتاج ليس وليد مواقفهم في السنوات الأخيرة منذ معركة كسر العظم التي استخدمت ضدهم بعد "الربيع العربي"، إثر اتهامهم بخيانة النظام، والانقلاب والاستقواء عليه.

الأمر متعلق بـ "بزواج المصلحة" تاريخيا بين الطرفين على مر العقود، النظام استفاد منهم، ووظفهم في معاركه وخصوماته، وهم حصدوا مكاسبَ من شراكتهم مع السلطة، وتقدموا الصفوف حين حُظرت القوى الأخرى ليبنوا مداميكَ راسخةً لحضورهم وقوتهم.

بعد قرار تجميد الرياطي سألني أحد نواب كتلة الإصلاح عن تقيمي لما جرى، فكان جوابي أن الإسلاميين قبلوا بدور "الكومبارس" في هذه المسرحية، وأنهم استُخدموا في إثارة الغُبار بمعركة هامشية متعلقة بإضافة كلمة الأردنيات، وهم يعرفون أنها لن تُغيّر دستوريا وقانونيا شيئا.

تساوق الإسلاميون مع خطاب شعبوي تحت القبة يتنكر، ويُدير الظهر لحقوق الأردنيات، وجُل همهم في هذه المعركة رسائل لجمهورهم وشارعهم أنهم لا يقبلون المُهادنة والمساومة في "قضايا وحدود شرعية"، مع أنهم يعرفون أن ذلك لن يحدث، ويُدركون يقينا أن الدولة لو أرادت تعديل قانون الأحوال الشخصية، أو الجوازات في أي لحظة لفعلت، وأن تحصينه من التعديل وهم، حين تملك الحكومة "الأغلبية المضمونة" في البرلمان، وتوجهها للطرق والمسار الذي تُريده.

في مسار العلاقة بين الحكم والإخوان، كانت الحركة الإسلامية دائما تُريد أن تكون أقلية مؤثرة، وكان أفضل نموذج لوضعها برلمان عام 1989، حين كانت تملك ما يُقارب 25% من أعضاء مجلس النواب، وهذا الوضع مُريح لها، وتستخدمه على أكثر من وجه، فهي موجودة وفاعلة، ويجري مشاورتها، ويُحسب حسابها في اللعبة السياسية، وتُشاغب إن أرادت، وتظهر بموقع المعارضة لتستميل جمهورها، وتلعب دور الضحية كلما لزم الأمر، وفي الوقت ذاته تستطيع التنصل من المسؤولية عمّا تؤول له الأمور، لأنها ببساطة تتذرع أنها لا تملك الغالبية لإقرار ما تُريد من تشريعات وسياسات، وهو أمر يُريحها من المواجهة مع السلطة أولا، ويُجنبها المساءلة من جمهورها لأنها عاجزة عن الفعل والتغيير.

واقع الأقلية المؤثرة ما عاد مقبولا عند "السيستم" الأردني، ولهذا تعمدت السلطة إلى سحق الإسلاميين في الانتخابات، وتقليص حضورهم تحت القبة حتى أفقدتها ميزة التأثير، فانتقلوا من الأقلية المؤثرة إلى "تكملة العدد" والمقاعد في مجلس النواب.

ما حدث مع الإسلاميين في أخر عشر سنوات لم يخضع لمراجعات مُعمقة عند الإخوان، وعلى ما يبدو لم يتعلموا الدرس، رغم السياقات الإقليمية المُقلقة حولهم، والتي بدأت في هزيمتهم في مصر، وانتهت بخسارتهم في المغرب، وأعقبتها تونس، لتُغلق ملف حكم الإسلاميين في العالم العربي.

لم تعد السلطة في الأردن في وارد التسامح مع الحركة الإسلامية، وهي تضغط عليهم وتدفعهم إلى "الحيط"، وحتى "اندفاع" الرياطي في حلبة الملاكمة تحت القبة لم يغضوا النظر عنه، أو يقبلوا بتمريره باعتباره حالة غضب عابرة، بل أصروا على أن يدّفعوهم الثمن، وتصويرهم على أنهم كانوا يخططون لمؤامرة لإفشال التعديلات الدستورية.

لن تجد الحركة الإسلامية متعاطفين كُثر معها، مع أني أُبرأ ساحتها مما اعتبرته الحكومة مؤامرة، وأُعيد الأمر لمحدودية الخبرة السياسية التي يتمتع بها بعض نوابها، لكن ما يجب أن يُقرأ أن ما يحدث معهم تحت القبة لا يُمكن فصله عن المشهد السياسي العام.

ترى الدولة وأجهزتها الأمنية أن "الإخوان" عادوا لركوب موجة الجمهور، وتعمدوا التصعيد والتحريض في التعامل مع إعلان النوايا "الكهرباء مقابل الماء"، وهي المُناورات والمُناوشات التي تُغضب السلطة أحيانا إذا ما تجاوزت الخطوط الحمراء، وتزامن هذا أيضا مع عودة الإسلاميين للصراع المُحتدم للاستحواذ على نقابة المهندسين، والزّج بكل قوتها لإسقاط التعديلات على قانون النقابة، في سياق حرب مفتوحة مع التيار المُسيطر عليها والمحسوب على القوى القومية واليسارية، وتُصنف على أنها أقرب للحكومة من الإسلاميين.

انتهازية الإخوان وصف لا يُطلقه عليها فقط خصومها في السلطة، أو القوميون واليساريون، فالمعارض الأكثر حضورا، ليث شبيلات يفتح النار عليهم، ويعتبرهم مجرمين وانتهازيين حافظوا على التنظيم، ولم يحافظوا على الدين، ويذهب أكثر من ذلك بقوله "نحن الإسلاميون المجرمون، بئس الرجل أنا الذي قبلت أن أكون منكم، كل فساد الدنيا أصبح فيكم، عند الغنائم تقولون نحن أكبر الناس والأغلبية، وعندما تأتي المصائب، تقولون لا نقدر".

ليست المرة الأولى الذي يهاجم الشبيلات -المُعتزل- سياسة الإخوان، فهو ينظر لهم على أنهم يعقدون الصفقات مع السلطة على حساب الناس، وحينها يُهدرون كل الشعارات التي يتحدثون بها، وبالطبع لم يسلم شبيلات من ألسنتهم، ووصفه بعضهم بالنرجسيّ والانتهازي الذي ركب على ظهورهم حتى أوصلوه، ثم تخلى عنهم.

جُمدت عضوية النائب الرياطي، والتعديلات الدستورية مرت بسلام، ومنظومة الإصلاح السياسي التي شاركوا بلجنتها يصفها أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، بأنها حمل خارج الرحم، وبعد كل ذلك يُلوح نواب كتلة الإصلاح بالاستقالة، ولا أعتقد أنهم سيفعلون ذلك، فقد رفعوا الأعلام البيضاء منذ زمن، وسواء حضروا أو غابوا الآن فهم خارج الحسابات، وما يهمهم أن يحافظوا على "شعرة معاوية"، فقد سقطت الكثير من قلاعهم، وليس من مصلحتهم مُكاسرة السلطة.

وحتى قرارهم الأخير بمقاطعة الانتخابات البلدية وأمانة عمّان واللامركزية قابل للنقاش، ولا يبدو نهائيا، ولا أعتقد إن استمروا فيه ستستجديهم السلطة المشاركة، فهذا باعتقادي زمن ولّى، وهم يعرفون كلفة صعودهم على الشجرة.

أزمة تجميد الرياطي تُعيد إلى الواجهة السؤال والسجال، هل الإخوان فعلا ضحايا السلطة، وجبروتها؟، أم أنهم يستخدمون المظلومية لشراء شعبية في الشارع، أو أنهم يتقاسمون الأدوار مع السلطة، فأحيانا يكونون في حضنها، وأحيانا يُصبحون -بخاطرهم أو جبرا- في خصومة لا تُنهي أبدا ودا وغراما؟

شريط الأخبار وزارة الخارجية تدعو الأردنيين لعدم السفر إلى لبنان وتطلب من المتواجدين هناك المغادرة الحكومة: علينا مراجعة ملفات الاستثمار المحلي والخارجي القضية الفلسطينية بكل محاورها حاضرة في اجتماع الملك مع غوتيريش وفاة طفل غرقًا في بلدة جديتا بلواء الكورة "الوطني للمناهج": النسخة الأولى من الإصدارات تجريبية قابلة للتطوير والتعديل الأردن يدين استهداف مدرسة تؤوي نازحين جنوبي مدينة غزة أسفر عن استشهاد أكثر من 20 شخصا رئيس الوزراء: لن أترك أحداً دون دعم أو مساعدة لتمكينه من النجاح 6 وزراء "دولة" في حكومة حسان.. ما الهدف منهم؟ محللون وسياسيون يجيبون زخات أمطار متوقعة في هذه المناطق بالأردن الأحد الأردن يشارك بأعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة التربية تمنع العقود الورقية للعاملين بالمدارس الخاصة .. وثيقة بالفيديو .. القسام تنشر مشاهد من استيلائها على آلية ومسيّرات للاحتلال خلود السقاف عملت وزارة من لا شيء واستبدالها يؤكد أن الاستثمار مجرد جائزة ترضية مبيضين يرد على منتقدي درس سميرة توفيق 60 ألف حالة زواج في الأردن خلال العام الماضي إنتخاب إياد التميمي رئيساً للجنة المالية في إتحاد شركات التأمين "الصحة اللبنانية": ارتفاع حصيلة ضحايا ضاحية بيروت الجنوبية وانفجارات أجهزة النداء واللاسلكي إلى 70 شهيدا رسالة من والد احد شهداء فاجعة البحر الميت إلى دولة الرئيس: "عند الله تجتمع الخصوم" الوزير سامي سميرات يضحي بربع مليون دينار في "أورنج" مقابل خدمة الوطن من خلال حكومة حسان .. وثيقة رسائل نضال البطاينة المشفرة ...