واصل المستثمرون الأجانب عمليات البيع في البورصة المصرية للأسبوع الثاني على التوالي منذ بداية العام الجديد، بعد عام اتسم بالبيع أيضا والنتائج المتواضعة، وذلك يطرح تساؤلات عن أسباب هذا النهج وعلاقته بالتقارير الاقتصادية الدولية التي تتحدث عن حذر المستثمرين الأجانب بشأن شراء سندات الخزانة المصرية المحلية نتيجة القلق حيال الأسواق الناشئة، واستدامة العوائد المصرية المرتفعة.
وجاء أداء البورصة المصرية دون المأمول، وأقل من نظيراتها في دول الخليج عام 2021. وأشار التقرير السنوي للبورصة إلى ارتفاع المؤشر الرئيسي "إيجى إكس 30" (EGX30) بنسبة 10.18% في العام الماضي، وجاءت المؤشرات الثانوية أقل كثيرا إذ ارتفع مؤشر "إيجى إكس 100" بـ5.08%، وزاد مؤشر "إيجى إكس 70" بنسبة 2.64% فقط.
في حين تصدر مؤشر سوق أبو ظبي قائمة الارتفاعات القياسية بأكثر من 68%، وقفز مؤشر "تداول" السعودي بنحو 30% (أعلى مكاسب منذ عام 2007)، وسجلت سوق دبي المالية ارتفاعا بنسبة 28.2%، وأنهى المؤشر الأول بالكويت تعاملات العام على صعود بنسبة 26.2%، وارتفع مؤشر بورصة البحرين بنحو 20.6%، وصعد مؤشر سوق مسقط بنحو 13%، وزاد مؤشر بورصة قطر بنحو 11.4%.– 152.6 مليون جنيه صافي مبيعات الأجانب بالبورصة المصرية في الأسبوع الأول من العام الجاري، (الدولار يساوي 15.7 جنيها).
– 152 مليون جنيه صافي مبيعات الأجانب بالبورصة المصرية في الأسبوع الثاني من العام الجاري.
– 6.6 مليارات جنيه صافي مبيعات الأجانب بالبورصة المصرية في عام 2021.
خروج الأجانب منذ جائحة كورونا
يصف موقع "انتربرايز" الاقتصادي نتائج البورصة المصرية بأنها مؤشر على تحسن، ولكنه لا يعدّ بأي حال من الأحوال مؤشرا مؤكدا على صحة البورصة، لأنها لا تزال متأخرة إلى حد كبير عن نظيراتها الإقليمية.
وبلغت مبيعات المستثمرين الأجانب نحو 15.3 مليار جنيه عام 2020 من خلال الاستحواذ على 16% من إجمالي التعاملات بالبورصة المصرية.
خرجت ولم تعد
يقول خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس إن الأموال التي دخلت البورصة المصرية عقب عملية التعويم في نهاية 2016 خرجت معظمها من السوق، ولم يتبق هناك كثير من تلك الأموال، والباقي هو استثمار أجنبي حقيقي، و"تحولت الاستثمارات التي خرجت من مصر ودول شمال أفريقيا إلى أسواق دول الخليج للبحث عن الأرباح السريعة، ولكنها أموال ساخنة وليست استثمارات حقيقية".
ويرى النحاس، في تصريحات للجزيرة نت، أنه لا داعي للقلق في ظل ارتفاع الاحتياطي النقدي المصري عند نحو 41 مليار دولار، وإذا كان هناك حديث في الخارج عن وجود ضغط على القطاع المصرفي والأصول الأجنبية وما شابه ذلك، "فأعتقد أنها مخاوف مقبولة، ولكنها غير مؤثرة، وأتوقع أن تتفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي لمدّ آجال القروض".
ما تأثير ضريبة الأرباح الرأسمالية؟
ما يزيد من تعقيدات تحسن وضع البورصة المصرية دخول ضريبة الأرباح الرأسمالية البالغة 10% حيز التنفيذ مطلع العام الجاري وسط قلق كثير من المستثمرين والمحللين بشأن التأثير السلبي المحتمل للضريبة على حجم التداولات.
وتنافست مصدر مع بلغاريا وكوستاريكا وموريشيوس وجامايكا على لقب أسوأ بورصة على مستوى العالم في عام 2020، وأدرج مؤشر مورنينغ ستار البورصة المصرية كصاحبة ثالث أسوأ أداء على مستوى العالم بعد البرازيل وكولومبيا.
قرارات حكومية لا آليات سوق
بدوره، يعتقد أستاذ الاقتصاد الدكتور عبد النبي عبد المطلب أن "البورصة المصرية ليست مرآة للاقتصاد المحلي كما في اقتصادات الدول المتقدمة، وما يحدث في البورصة المصرية هو اقتناص الفرص والأرباح وليس استثمارا حقيقيا، ومن ثم لا تعكس أوضاع الاقتصاد بالإيجاب أو بالسلب، والأجانب لديهم من الآليات ما يجعلهم أقدر على تحقيق الأرباح".
ورأى عبد المطلب أن القلق الذي يساور بعض المستثمرين سواء في البورصة المصرية أو أدوات الدين هو قلق مشروع، ولكنه لا يعكس بالضرورة وجود مخاوف استثمارية، لأن ما يحصلون عليه من أرباح داخل السوق المصرية أفضل بكثير مما يحصلون عليه في بلادهم بسبب ما توفره الحكومة المصرية من ضمانات عبر قرارات حكومية وليس آليات اقتصادية، مثل الحفاظ على سعر صرف الجنيه، وارتفاع معدلات الفائدة للحفاظ على بقاء المستثمرين الأجانب.
حذر أجنبي
بالتزامن، كشف محللون أجانب، في تقرير لوكالة رويترز، أن بعض المستثمرين الأجانب أصبحوا حذرين بشأن شراء سندات الخزانة المصرية المحلية بسبب القلق المتعلق بالأسواق الناشئة واستدامة العوائد المصرية المرتفعة.
ودفع استقرار الجنيه المصري والعائدات المرتفعة على أذون الخزانة الأجانب إلى شراء العملة المصرية للاستثمار في أذون الخزانة القصيرة الأجل فقط لإعادة تحويلها إلى الدولار عند استحقاقها، وتحقيق عوائد ضخمة، تدور حول 13.25% في المتوسط، قبل خصم ضريبة دخل قدرها 20%.
لكن، حسب العديد من المحللين، فإن المخاوف تتزايد بشأن ما إذا كان البنك المركزي قادرًا على الاستمرار في دعم الجنيه ودفع مثل هذه المبالغ المرتفعة، خاصة إذا كانت هناك صدمة اقتصادية أخرى، بعد الإبقاء على سعر صرف الجنيه عند مستوى 15.7 جنيها للدولار للحفاظ على أموال المستثمرين عند التخارج وتحقيق الأرباح.