في تفاصيل ومضامين الخطة الوطنية للزراعة ما يعيد التأكيد على أنها خطة لكل الأردنيين. وأن فيها ما يهم كل بيت وأسرة وفرد على امتداد الوطن وبما يتعدى تقاسم الأدوار ما بين منتج ومستهلك.
فالغالبية العظمى من الأردنيين يمتلكون مساحات من الأراضي تتراوح ما بين» حاكورة صغيرة»، وبعض الدونمات، يعتمدون عليها في رفد دخولهم المتحصلة من الوظيفة العامة، وفي توفير بعض متطلباتهم.
والعديد من خبراء الاقتصاد يرون أن القطاع الزراعي يتصدر القطاعات الإنتاجية من حيث الأهمية، ويؤكدون أن قطاعي الصناعة والسياحة ورغم أهميتهما في الاقتصاد الكلي لكنهما لا يتقدمان ـ فعليا ـ على الزراعة، وأن مساهمتهما تتضاعف فيما لو أعطي هذا القطاع أهميته التي يستحقها وأدير بكفاءة تراعي مختلف المتغيرات من مناخية وبيئية وتقنية وتمويلية وغيرها.
من هنا أرى أن الخطة الوطنية التي تم الإعلان عنها قبل يومين والتي استغرق إعدادها والتحضير لها أعواما، تستجيب لمختلف التحديات، وتراعي كافة العناصر، وتنطلق من دراسات فعلية للواقع، ومعالجة التحديات وتحويل الملف إلى أرقام ومبالغ مرصودة، وأفكار واقعية قابلة للتطبيق.
وفي الوقت نفسه فإن الخطة تستجيب لمتطلبات وطنية واقتصادية ومعيشية أخرى تعظم من حجم الاستفادة وتوسع من دائرتها. فهي من جهة تتحدث عن إيجاد فرص عمل دائمة ومؤقتة، وعن تنمية ريفية وأسرية، وعن تمويل بعضه رسمي ومن خلال الموازنة العامة للدولة والمؤسسات الإقراضية المتخصصة، والبعض الآخر من خلال المشاركة مع القطاع الخاص.
كما تستجيب للمتطلبات والعناصر التقنية ومنها إدخال عملية التصنيع الغذائي لاستيعاب فوائض الإنتاج، وإدخال أنماط وأنواع جديدة من شأنها أن تشكل قيمة مضافة في العملية الإنتاجية والمردود المالي على المستويين الفردي والوطني.
ومنها أيضا اعتماد أنظمة قادرة على المواءمة بين شح المياه وكفاءة استخدامها، وفقا لمنظومة تقنية يستطيع الفريق الفني المختص في الوزارة وضعها وتعديلها بما يتناسب مع الواقع وبما يكفل إحداث وتطوير تنمية شاملة لمختلف عناصر ذلك القطاع الحيوي. وبما ينعكس إيجابا على المواطن وعلى الاقتصاد الوطني.
ومنها أيضا التركيز على تخفيض كلفة الإنتاج الزراعي من خلال ضبط أسعار مدخلات الإنتاج، من أسمدة وبذور ومواد مختلفة، وكسر بعض الاحتكارات التي تتجاوز حدود التسويق الى الهيمنة على مدخلات الإنتاج. فالخطة تنص ضمنا على وضع منظومة تخدم المنتج والمستهلك في شتى المجالات.
ومنها أيضا التركيز على عمليات التصدير لمختلف أنواع المنتجات الزراعية من نباتية وحيوانية دون الإخلال بحق المستهلك وحاجة السوق المحلية، من خلال فتح أسواق جديدة مدعومة بمنتجات نوعية قادرة على منافسة مثيلاتها من حيث الجودة والسعر في الأسواق الخارجية.
وهي بذلك تستحق أن يشار لها بقدر كبير من الاهتمام. وأن تحظى بكل الدعم رسميا وشعبيا. كما يستحق القائمون عليها من أصحاب الهمة العالية كل تقدير واحترام، وأن يعطى فريقها المتميز الفرصة الكاملة لإنجازها كاملة من خلال التعامل معها كخطة وطنية عابرة للحكومات، باعتبارها أول خطة بهذا المستوى على مدى عقود مضت.