أخبار البلد ــ عادة ما يُفهم استقلال البنك المركزي على أنه قدرة البنك المركزي على تحديد أدوات سياسته النقدية والتحكم بها لتحقيق الاهداف المناطة به.
من ناحية أخرى، تفسر استقلالية البنك المركزي على أنها وجود مجموعة من القيود القانونية والتشريعية والاجرائية على قدرة الحكومة في التأثير على قرارات واجراءات البنك المركزي لدى إدارته لسياسته النقدية تحقيقاً للمصلحة العامة للاقتصاد الكلي.
استقلالية البنك المركزي تعني أن قرارات واجراءات وسياسات البنك المركزي المتعلقة بالسياسة النقدية لا يجب أن يتم التصديق عليها من قبل الحكومة أو البرلمان. وما يعزز استقلالية البنك المركزي في الواقع العملي أنه لا يتلقى أي تمويل من الحكومة أو الخزينة لادارة شؤونه اليومية أو لتمكينه من ادارة السياسة النقدية، وبالعكس فإن ادارة عمليات البنك المركزي وسياساته تكون من أمواله الذاتية أو من الاموال التي يديرها ويؤثر عليها في الاقتصاد، وتحول فوائض أعماله في نهاية السنة المالية للخزينة.
وهذا لا يعني أن البنك المركزي لا يخضع للرقابة من قبل البرلمان لتقييم مدى كفاءته في تحقيق أهدافه المناطة به وفقا لقانونه وأولها تحقيق الاستقرار المالي والنقدي واستقرار سعر الصرف والمساهمة في زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
استقلالية البنك المركزي تعني أنه يعمل لتحقيق اهدافه الخاصة المناطة به وفقا لقانونه والتي في النهاية تخدم الأهداف الاقتصادية للدولة، وتحقيق بعضها يكون بتنسيق مباشر مع وزارة المالية وخاصة عندما يتعلق الأمر باستخدام أدوات السياسة المالية كالسندات وأذونات الخزينة لأغراض عمليات السوق المفتوحة لتحقيق اهداف السياسة النقدية وادارة الدين العام.
استقلالية البنك المركزي لها عدة أنواع، أولها الاستقلالية القانونية والادارية وهذه يمنحه اياها ويحفظها ويضمنها قانون البنك المركزي. فالمادة 3 تنص على تمتع البنك المركزي بشخصية اعتبارية مستقلة. والنوع الثاني من الاستقلالية هو أن يكون البنك المركزي مستقلاً في أعماله وتحديد أهداف سياسته النقدية وهذه أيضا مذكورة في المادة 4 التي تنص على أن أهداف البنك المركزي هي الحفاظ على الاستقرار النقدي في المملكة وضمان قابلية تحويل الدينار الأردني والمساهمة في تحقيق الاستقرار المصرفي والمالي في المملكة والمساهمة في تشجيع النمو الاقتصادي المطرد وفق السياسات الاقتصادية العامة للمملكة.
البنوك المركزية تساهم أيضا بشكل كبير في تشجيع النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات البطالة وخاصة عندما يمر الاقتصاد الوطني بحالة تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي أو في حالة ركود أو كساد اقتصادي. كل ذلك انطلاقا من الأدوات القوية التي يمتلكها البنك المركزي ومن خلال تأثيره على القطاعات المالية التي يتوفر لديها اكبر حجم من السيولة في الاقتصاد، وهي البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية. علاوة على قدرته في التأثير غير المباشر على الأطراف الأخرى المهمة في القطاع المالي كالأسواق المالية (البورصات) وذلك بأدواته المتوافرة لديه وخاصة أسعار الفائدة والاوراق المالية التي بحوزته والتي يدير اصداراتها. مداخلة رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، يوم الخميس الماضي حول نص المادة (26) من مشروع تعديل الدستور المتعلقة بتقديم مشروع قانون موازنة عامة واحدة بما فيه موازنة الوحدات الحكومية إلى مجلس الأمة، أكدت أن لا تأثير لها على الإطلاق على استقلالية البنك المركزي وفق المعايير الوطنية والدولية.
كما أن تأكيد رئيس الوزراء على امكانية تعزيز استقلالية البنك المركزي سواء في إطار أنظمة أو قرارات أو تعديلات لقوانين، يأتي من التفهم الكبير من قبل مختلف الاطراف التنفيذية والتشريعية بضرورة احترام تلك الاستقلالية كونها أثبتت على مدى العقود دورها في ضمان الاستقرار والمنعة النقدية والمالية في المملكة.
الوضع الصحي للجهاز المصرفي في المملكة، وحسن سير أعمال السياسة النقدية، واستقرار سعر صرف الدينار الأردني، والاحتياطيات الأجنبية الكبيرة المتوافرة لدى البنك المركزي، كلها عناصر ايجابية جدا تبث روح التفاؤل في استمرارية قيام البنك المركزي بدوره في المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي والمساهمة بشكل فعال في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، الاقتصاد الأردني بأمس الحاجة لها الآن لتنعكس بشكل ايجابي على المواطن ورفاهيته.