أعلن رئيس اللجنة القانونية النيابية عبدالمنعم العودات، مساء اليوم الأحد، ما تم تعديله في مشروع إنشاء مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية.
فهل حسمت تعديلات اللجنة القانونية الجدل حول صفة المجلس ووظيفته وغاية وجوده؟ أم أن الباب سيظل مفتوحا لمزيد من الجدل حول صلاحياته؟
بالعودة الى ما قاله العودات والبيان الصحفي الذي نشرته قانونية النواب؛ نجد مفارقات قانونية ومؤسسية؛ فالعودات أعلن أنه لا حاجة أن يكون الملك رئيساً لمجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية الوارد في المادة الثالثة من التعديلات الدستورية، مضيفا أنه تم تعديل مسمى المجلس إلى مجلس الأمن القومي بدلاً من مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، وأن يجتمع بناء على طلب من الملك وعند الضرورة، وأن ترحل المادة المتعلقة بتعيين الملك لعضوين إلى المادة 28.
تعديلات تطرح أسئلة حول الفائدة من دسترة مجلس الأمن القومي، خصوصاً بعد هذه العمليات المعقدة من الفك والتركيب لنص كان بالإمكان أن يغني عنه نص قانوني لتأسيس المجلس، بعيداً عن الدستور ومواده.
بيان اللجنة القانونية قدم تفسيراً يحوي مفارقات؛ فمشروع التعديل الدستوري المقدم من اللجنة النيابية أشار إلى غاية وجود المجلس، وهو التنسيق بين مؤسسات الدولة، وتحقيق التوازن بين المؤسسات، ومنع تغول إحداها على الأخرى، محدداً مهام مجلس الأمن القومي في اتخاذ القرارات في الظروف غير العادية؛ ليتفوق بذلك على الحكومة ومجلس وزرائها مجدداً، ويقدم شبه التغول وفقدان التوازن من جديد.
أخيراً؛ أشار الاستدراك الوارد في بيان اللجنة إلى أن المادة الـ45 من الدستور؛ تؤكد أن الحكومة تتولى إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، باستثناء ما عهد به وفق الدستور أو القانون إلى أي شخص أو هيئة، ما يضفي دستورية على إنشاء المجلس؛ لعدم تعارضه مع مواد الدستور، وإخضاعه للرقابة والمساءلة.
المفارقة السياسية والقانونية أن المادة 45 ذاتها تغني عن الحاجة لنص دستوري يؤسس لمجلس الأمن القومي، ما يدفع لطرح السؤال ذاته عن الحاجة لنص دستوري خاص بمجلس الأمن القومي؛ إن كانت المادة 45 من الدستور كافية ووافية لتأسيس مجالس وهيئات بقوانين، لا بنصوص دستورية منفردة بذاتها.
في الظاهر؛ حسمت اللجنة النيابية الجدل، ولكن باب الاجتهاد لا زال مفتوحا؛ فمشروع التعديل الدستوري ترك الباب مفتوحا للتأويلات حول صلاحيات المجلس والجهة التي ترأسه بعد دعوة الملك لانعقاده، وقدرة النواب على ممارسة الرقابة والمحاسبة وتعطيل القرارات، والأهم الغاية من تأسيسه وفقا لنص دستوري، في حين أن الملك لن يرأسه، وسيخضع للرقابة، فالمجلس سيتحول بمرور الوقت إلى ما يشبه الزائدة الدودية، أو التشوه المؤسسي.
ختاماً.. رغم أن مجلس الأمن القومي استمد وظيفته ومبررات وجوده من تجارب غيره من الدول، ومن النص الدستوري الخاص في التعديل الثالث ومن المادة 45 من الدستور؛ إلا أن مسألة دسترته وتوليه لمهام اتخاذ القرارات في الظروف الضرورية؛ ستبقى محل جدل وتنازع دستوري ومؤسسي على الأرجح.