اخبار البلد -
أتجنب دائما التعليق على أية تقارير أو دراسات أو فعاليات عن بعض مؤسسات المجتمع المدني، سواء كنت مع أو ضد، لأن هذا الموضوع شائك والخوض فيه مليء بالحفر والألغام. وسيغضب أكثر مما يرضي.
لكن آخر تقرير نشر لجمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" دفعني مرغما للتعليق فقد تضمن أرقاما لم يقل لنا "تضامن" كيف خرج بها وعلى نحو حاسم لا يقبل الجدل، وعلى ماذا استند، هل أجرى استطلاعا واسعا، هل وزع استبيانا، هل قام بعمل ميداني، ما هي المنهجية التي اعتمد عليها؟
نعمل في هذا المهنة وهذا "الكار" منذ 35 عاما لكننا نريد أن نفهم، كيف قرر "تضامن" أن العنف والتحرش الإلكتروني يهددان 2.7 مليون أنثى في الأردن يستخدمن الإنترنت من بينهن مليون طفلة.
هؤلاء الأطفال، في غالبيتهم لا توجد لهم حسابات على مواقع التواصل، هل جرى سؤالهن في المدرسة أو لدى خروجهن من المدرسة أو في "باص" المدرسة، أين تحدث المعهد مع عينة تمثل مليون طفلة، ما هي العينة التي اعتمدها "تضامن" ؟! وكيف قرر هذا الرقم؟!
التقرير أسهب في الحديث لأكثر من 400 كلمة عن قصة سناء (اسم مستعار) تعرضت للابتزاز، دون أية وقائع تدعم حكاية "سناء"، ولم ترفق في التقرير أية شواهد أو قصة أخرى تدعم التقرير.
وقفزًا من فوق الأرقام، يعود "تضامن" ليستند في تقريره إلى نتائج دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن" التي أجريت عام 2017، لا أعرف من أجرها، التي تقول بأن 8 أفراد من كل 10 ضمن العينة تعرضوا لواحد أو أكثر من أفعال وسلوكيات التحرش الإلكتروني.
سأقف دائما وأبدا ضد أي رجل يسيء إلى أي سيدة أو طفلة بكلامه أو بأفعاله، أو يسيء إلى أي شخص دون سبب، لكن تحدثوا معنا بأرقام وحقائق نقف خلفها وندعمها وليس رواية منفوخة لغايات لا علاقة لها بالبحث وتوصيف الحالة واقتراح الحلول.
خصوصا أن صياغة التقرير أدخلت وخلطت أرقام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودائرة الإحصاءات العامة ونتائج دراسات عمرها 4 سنوات مع النتائج التي خلص إليها "تضامن". فلم نعرف أرقام "تضامن " من غيرها!!
طبعا هذه لا تتعلق فقط بـ"تضامن" وإنما تمس معظم مؤسسات المجتمع المدني التي عليها مخاطبة واحترام عقولنا حتى تحظى بدعمنا ومساندتنا والدفاع عنها.
تقرير "تضامن" هو أشبه بقصة صحافية "فيتشر" كُتب دون حِرْفية.