يشارك الأردن العالم غداً الجمعة الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة الذي يصادف الثالث من كانون الأول من كل عام، ويحمل احتفال هذا العام شعار "يوم للجميع" بهدف زيادة الوعي لدى الأشخاص بتفهم الإعاقة وأنها جزء من الإنسان ومن التنوع البشري.
احتفالنا بذوي الإعاقة يجب ألا يقتصر على المهرجانات والخطابات والبرامج التلفزيونية وغيرها، بل لا بد أن يتم من خلال طرح قضاياهم ،وتسليط الضوء على مشكلاتهم و العقبات التي تواجههم، وصراعهم للحصول على حقوقهم في مختلف المجالات، وأهمها حقهم في التعليم.
و باستقراء الواقع التعليمي لذوي الإعاقة في الأردن، فإن الإحصائيات تشير إلى أن الغالبية العظمى من هذه الشريحة لا تحصل على أقل القليل من حقها في التعليم.
فبالرغم من أن الدستور الأردني كفل للجميع الحق في التعليم، وبالرغم من أن المادة (١٧/أ) من قانون الأشخاص ذوي الإعاقة رقم ٢٠ لسنة ٢٠١٧ تحظر استبعاد أي شخص من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها، إلا أن أرقام دائرة الإحصاءات العامة وفقا للتعداد السكاني للعام ٢٠١٥ تشير إلى أن ما نسبته ٧٩٪ من الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتلقون أي شكل من أشكال التعليم، وأن أكثر من ثلث الأميين الأردنيين ممن هم فوق سن الثالثة عشر هم من ذوي الإعاقة، وبنسبة بلغت ٣٦.٨٪ .
وبالرغم من أن الأردن يتبنى سياسة إدماج ذوي الإعاقة مع غيرهم من الطلبة إعمالاً لنص المادة ٢٤/ب من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام ٢٠٠٦ والتي تمت المصادقة عليها في العام ٢٠٠٨، فإن إحصائيات وزارة التربية والتعليم تبين أن الدمج لم يحقق بعد، " وخلال كل هذه السنوات " ما هو متوقع ومأمول منه، حيث لم يتجاوز عدد الطلبة ذوي الإعاقة وطلبة صعوبات التعلّم الذين جرى دمجهم في المدارس الحكومية للعام الدراسي ٢٠٢٠-٢٠٢١ ال ٢٢٤٠٧ طالباً وطالبة، أي ما يشكل نسبته ١.٩٪ من إجمالي عدد الطلبة في الأردن، وهي نسبة تبتعد كثيراً عن التقديرات العالمية التي تفترض ان يبلغ نسبة ذوي الإعاقة ١٠٪ من مجموع الطلبة.
لا يمكن لاحد إنكار الجهود المضنية التي تبذلها الجهات المعنية لإنجاح عملية الدمج، حيث أطلقت وزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في شهر كانون الأول من العام ٢٠٢٠ الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج (٢٠٢٠-٢٠٣٠)، والتي تسعى الى تحقيق النسبة العالمية للدمج، وذلك من خلال رفع عدد الطلاب من ذوي الإعاقة الملتحقين بالتعليم النظامي إلى ١٠ ٪ من نسبة الطلبة في سن التعليم خلال عشر سنوات، وتوفير جميع متطلبات التعليم الدامج لهم.
إلا انه ، وإزاء وجود عدة معوقات وتحديات تواجه تنفيذ خطة التعليم الدامج أشارت إليها العديد من الدراسات التربوية وأقر بها المسؤولون المعنيون، كعدم جاهزية البنية التحتية للمدارس، وصعوبة الوصول إليها وحجم الصفوف فيها، ونقص المعلمين المؤهلين والمدربين، واختلاف أنواع الإعاقات وتباين احتياجاتها ومتطلباتها للاستفادة من العملية التعليمية، كان لا بد من اللجوء إلى أساليب التعليم المتطورة و الحديثة كالتعليم الإلكتروني عن بعد الذي يوفر وسائل تفاعلية
. جديده يمكنها التغلب على العديد من العوائق و العقبات التي تواجه ذوي الإعاقة خلال تعليمهم حيث تغلب على العائق الجغرافي من حيث البعد عن المدارس و صعوبة الوصول اليها ، وعائق البنى التحتية لها وإمكانية التحرك السلس في مرافقها ، والعائق الزمني من حيث التعلّم في الوقت المناسب و بالسرعة التي تناسب ظروف الطالب و قدراته ،الأمر الذي يسمح بتوفير تعليم يتواءم مع الاحتياجات الفردية لذوي الإعاقة.
و إن كانت جائحة كورونا قد شكلت تحديا كبيرا للدولة الأردنية في جميع المجالات ومن ضمنها التعليم ، إلا أنها و في الوقت نفسه ، منحتها فرصة ذهبية للولوج إلى عالم التعليم الإلكتروني إذ أجبرتها على اللجوء إلى تعليم الطلاب عن بعد بسبب الإغلاقات التي جعلت التعليم التقليدي في المدارس مستحيلا .
وبالرغم مما شاب هذه التجربة حينئذ من إشكاليات ،إلا أنها نجحت في استدامة التعليم و استمراره أثناء الجائحة لجميع الطلبة و من ضمنهم ذوي الإعاقة من خلال استخدام ادوات التعليم الالكتروني من منصات و قنوات تلفزيونية .
و التساؤلات التي تثور هنا هي:
لماذا لا نستغل هذه التجربه للتوجه نحو التعليم الإلكتروني بكل مزاياه لتعليم ذوي الاعاقة ؟ و لماذا لا نحد من ظاهرة الانقطاع المبكر عن التعليم المنتشرة في أوساط هذه الفئة بسبب المعيقات التي تعترضهم ؟ ولماذا لا نعمل على صقل هذه التجربة و نطورها بما يتناسب مع حاجاتهم وقدراتهم المختلفة، و على تلافي الكثير من السلبيات التي شابتها ؟
تساؤلات أضعها أمام المعنيين علها تجد صدى وتشكل لبنة في بناء صرح التعليم الإلكتروني لذوي الإعاقة.