والحشد العسكري الضخم وغير المسبوق لحلف الناتو, المتزامن مع عبور متسارع للبوارج
والمدمرات وسفن القيادة الاميركية والبريطانية للبحر الاسود, المترافقة مع مناورات بحرية
وجوية وإنزال للمظليين, لدول أطلسية وأخرى من خارجه مثل استراليا واليابان وإسرائيل, ترتفع
المخاوف من احتمال الانزلاق الى حرب بـ"الخطأ«. او الاستفزاز المقصود الذي يأخذ صفة
الاختبار"على النحو الذي تقّصدته المدمرة البريطانية"Devender »قبل خمسة أشهر.
الحملات الاعلامية الغربية وسيل التصريحات التي ُيطلقها جنرالات أميركيون وبريطانيون
بعضهم ما يزال في الخدمة (, تذهب بعيدًا في الزعم بأن الرئيس الروسي بوتين »ُيحِّضر« شعبه
لحرب واسعة »قد« تتدحرج الى حرب »نووية«. ُمصّوبين تحديدا نحو حشود عسكرية روسية
ضخمة مزعومة على حدود أوكرانيا الشرقية والجنوبية والشمالية.
في وقت تنفي فيه موسكوإدعاءات كهذه, قائلة: إن قواتها حّرة في التحرك على أراضيها..كيف ومتى أرادت.
وإذ عاد الحديث )الروسّي حتى الان( عن احتمال عقد ِقمة »إفتراضية« بين الرئيس الروسي
ونظيره الامريكي قبل نهاية العام الجاري, ُيقابله صمت أمريكي أقرب الى النفي, فإن تصريحات/
توقعات غربية باتت ترى في خيار اللجوء الامريكي الى ضربة نووية »استباقية« لروسيا..أمرًا واردًا
أكثر من أي وقت مضى.
ليس في ما كان أعلنه وزير الدفاع الروسي شويغو: أن القاذفات
الاستراتيجية الاميركية »تدّربت« في المناورات التي أجرتها في البحر الاسود أخيرا, على توجيه
ضربة نووية »مزدوجة« لروسيا, على نحو لا يسمح لموسكو بـ"رد« الضربة, كما هي استراتيجات
الدفاع النووي لدى الدول التي تتوافر على سلاح نووي. بل ثمة بين حلفاء واشنطن داخل حلف
الناتو وخارجه مثل استراليا واليابان, َمن مارس ضغوطًا على إدارة بايدن يك تحتفظ لنفسها
بـ"خيار« الضربة األولى. كان مسؤولون أميركيون ألمحوا إلى احتمال التوّجه لسلوك كهذا, )أي
عدم المبادرة إلى ضربة نووية إستباقية.
الحديث الُمتجدد عن قمة ُمتوقعة بين بوتين/بايدن, لا ُيلغي ولا ُيتوّقع منه الطمس على حقيقة
وصول العلاقات بين موسكو وواشنطن أدنى بل أسوأ مراحلها منذ انتهاء الحرب الباردة. كذلك
هي حالها مع حلف الناتو, إذ تبّدى ذلك في قطع روسيا عالقاتها مع الحلف, إثر قرار الحلف طرد
عشرات المندوبين الروس لديه بتهمة التجسس, إضافة بالطبع إلى التحريض المباشر والعدائية
التي ُيظهرها أمين عام الحلف النرويجي..سولتنبرغ تجاهها.
هي إذن عودة، بل إحياء، لـ"الروسيافوبيا« التي كّرسها الغرب منذ بزوغ نجم الزعيم الروسي بوتين
في فضاء العالقات الدولية, وبخاصة بعد خطابه الشهير أمام منتدى ميونخ لألمن عام 2007,
عندما قال إن »إنهيار اإلتحاد السوفياتي هو أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين«. وقد
وصلت »الروسيا فوبيا« ذروتها بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في العام 2016 ,بانطلاق عاصفة
هوجاء من قادة ورموز الحزب الديمقراطي/حزب أوباما وبايدن, تتهم ترمب بأنه »عميل« لبوتين
ومن صناعته, إثر تدّخل المخابرات الروسية في الانتخابات الرئاسية, واختراقها الفضاءات
السيبرانية الاميركية وحسابات الاميركيين على مواقع التواصل االجتماعي.
عاد ترمب أمس الاثنين إلى واجهة الاحداث, ُمفِسرًا على طريقته, الاسباب التي أعاقت تعاون
بلاده مع روسيا خلال فترة رئاسته, بالقول:إن حملة التشويه التي استمّرت معظم فترة حكمه,
« لكلا البلدين, مشيرًا في مقابلة مع قناة منعته من التعاون مع موسكو وتحقيق نتائج »جيدة جدًا
فوكس الاميركية, إلى أن كل الاتهامات التي وّجهها معارضوه ضده خلال فترة حكمه, التي
تزعم التدخل الروسي في الحملة الانتخابية 2016 ,هذا ـ أضاف ـ استغرَق عامين ونصف العام
التعامل مع بعض البلدان وبخاصة روسيا, وكما تعلمون ـ واَصَل ـ يمك?
وجعل من الصعب جدًا
القول:
لروسيا, ُمختتمًا
نا القيام ببعض الاشياء الرائعة مع روسيا جيدة جدا لبلدنا, وجيدة أيضًا لكن..لا يمكننا فعل ذلك لانهم سيقولون عنك": أُوه.. إنه ُيِحب روسيا.
في السطر الاخير...اختفى ترمب من المشهد وتّم تأهيل الممثل الكوميدي الاوكراني اليهودي زيلينسيك, المدعوم من شريحة قومية ُمتعصبة قامت بثورة ُملونة بغطاء أميريك ُمعلن, ضد الرئيس الُمنتخب يانوكوفيتش عام 2014 ,ليقود معسكر الداعين لقبول أوكرانيا في الناتو
, وشن حرب شاملة على روسيا, يدعمهم بقوة في هذا االتجاه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون, الذي يتوّلى »حزب الحرب« في واشنطن، تسوية كل الملفات/القضايا العالقة.