مثلما فوجئنا بإقرار صلاحيات منفردة للملك بتعيين ولي العهد و نائب الملك و أعضاء مجلس الأعيان ... ألخ .
الكل كان ينتظر التعديلات الدستورية التي تتطلبها مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية ( قانوني الانتخاب و الأحزاب) استعدادا للانتقال للحكومة البرلمانية و التي ستخضع لمبدأ الرقابة و المحاسبة باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالسياسة الداخلية و الخارجية و التي سوف تنتزع منها بموجب التعديلات الدستورية مؤخرا من خلال إنشاء مجلس الأمن الوطني و السياسة الخارجية برئاسة الملك و عضوية رئيس الوزراء و وزير الدفاع و وزيري الخارجية و الداخلية و قائد الجيش و مدير المخابرات و اثنين يعينهم الملك.
و تنظم كافة أمور مجلس الأمن الوطني بموجب نظام مستقل يصدره مجلس الوزراء استنادا لأحكام الدستور.
أتسائل هنا هل سيصدر مجلس الوزراء نظام تشكيل مجلس الأمن الوطني و يعين رئيسه ؟!!!
مثلما أتسائل أيضا هل ستكون هناك رقابة برلمانية على أعمال مجلس الأمن الوطني ؟!!!
هل ما ذكرته يتوافق مع الدستور الأردني الذي يعتبر الملك لا يخضع للمسائلة دستوريا ، أما لو كان مجلس الأمن الوطني برئاسة أي كان غير الملك فإنه يخضع للمسائلة دستوريا ، و بعبارة أوضح ألم يؤسس تشكيل هذا المجلس لعملية نزع بعض الصلاحيات من الحكومة أو من السلطة التنفيذية و كذلك من السلطة التشريعية ، و انتزاع بعض الصلاحيات من الحكومة التي سعت المنظومة السياسية و لجنتها الكريمة لأن توصل البلاد إلى الحكومة البرلمانية التي سوف تكون صلاحياتها بموجب التعديلات الدستورية أقل من صلاحيات الحكومات الحاضرة و قبل ولادة تلك الحكومة البرلمانية المزمع قيامها ، و ستكون مسؤوليتها أمام مجلس النواب أقل بكثير من مسؤوليتها هذه الأيام ، فلا يستطيع مجلس النواب عندئذ أن يسأل الحكومة عن أي أمر يتعلق بالسياسة الأمنية أو الخارجية ، لأن المسؤول عن ذلك سيكون مجلس الأمن الوطني الذي لا يجوز أن يخضع للمسائلة من قبل مجلس النواب دستوريا .
و عودة للموضوع كنا نتوقع من التعديلات الدستورية التي ستعرض على مجلس الأمة أن تتعلق فقط بمخرجات منظومة القوانين المتعلقة بالأحزاب و الإنتخاب خاصة فيما يتعلق بالمرأة و الشباب و ذوي الاحتياجات الخاصة و بالكوتات المخالفة للكثير من النصوص الدستورية ، كما توقعنا أن تتضمن تلك التعديلات صلاحيات أوسع للحكومات البرلمانية لتتوسع معها صلاحيات البرلمان في الرقابة و التشريع .
و خلاصة القول و من وجهة نظر قانونية و دستورية لا بد من الاعتراف بأن ما يعطى للبرلمان من صلاحيات في اختيار الحكومة باليد اليمنى سحبت منه بموجب التعديلات باليد اليسرى ، لذا يتوجب أن تكون التعديلات الدستورية بقدر ما تتطلبه مخرجات قانوني الأحزاب و الإنتخاب فقط و كما استقرت عليه القواعد القانونية بأن الضرورة تقدر بقدرها . و إن غدا لناظره قريب .