أولهما توصلّتْ أخيرا الكثير من الدراسات إلى حقيقة تؤكد أن حصّة الأطفال من السعادة آخذة بالتقلص مقارنة بما كانت عليه بالماضي، علما بأن فترة الطفولة–من المفروض – أن تكون أكثر الفترات سعادة للإنسان لوجود عوامل مساعدة تميزها عن بقية الفترّات الأخرى مثل البراءة والدهشة ولخلّوها من هموم المسؤوليات التي يتحملّها الكبار..
ولكن على ما يبدو فإن نصيب الأطفال هذه الأيام من السعادة قد تراجع لأسباب تعود إلى تسارع عجلة الزمن التي تلتهم الوقت دون أن تسمح للاستمتاع بتفاصيل ودقائق الأمور، علاوة على أن الكبار لا يجدون الوقت الكافي لأداء الواجبات الملقاة على عاتقهم بداية بتربية أطفالهم والبقاء إلى جانبهم أطول فترة ممكنة، محاولين تعويضهم ماديا ليسدوا الثغرات الناجمة عن تقصيرهم المعنوي تجاه صغارهم بعد أن غاب التواصل الوجداني بين الطفل وذويه، ما يجعل الأطفال يشعرون بالعزلة والاغتراب، فمنهم من ينشأ محبطا وآخرون تتفجر عندهم العدوانية حتى بين أبناء الأسر الميسورة، فكيف يكون الحال عند الأُسر الأقل حظا ومتعددة الأبناء؟ حيث تنشغل الأم عن أبنائها بأمور بيتها بينما يكدّ الأب ويشقى، وبالكاد يلّبي حاجات أسرته، فيغرَق صغارُهُم في تلك الدائرة المفرغة من الرعاية والحنان، وبالرغم من الفرق المادي الواضح بين الأطفال المحرومين ماديا ونظرائهم الميسورين، إلا أنهم يتساوون تحت مظلة الحرمان العاطفي الذي يزعزع هدوءهم النفسي واستقرارهم الوجداني..
أما السبب الثاني الذي حفّزني، لكونه يزيد الطين بلّة، فهو ظهور"فرانسيس هوغن» الموظفة السابقة بفيس بوك علنا في بداية الشهر الماضي، مسرِّبَة أسرار فيسبوك الشركة العملاقة، متحدثة للإعلام ثم للكونغرس عن الأضرار السلبية على الأطفال والمراهقين، تدركها لكونها مسؤولة سابقة..
كاشفة العديد من المعلومات عن طريق عمل الموقع بحيث يعمل بشكل يضر الصغار ويؤذي الديمقراطية..
والحقيقة أن كل ما ذكرته يدركه الجميع لكثرة ما تداول الكثيرون والمختصون عن أضرار السوشيال ميديا بعامة والفيسبوك بخاصة إذا لم يتم استخدامه بطريقة صحيحة عبر مراقبة حثيثة لهم، فكلنا ندرك الآتي: إمضاء وقت كبير على «الفيسبوك» يتسبّب في العديد من المخاطر الصحية؛ مثل: إرهاق الجسد بشكل عام، الشعور بالإرهاق والخمول. كما أن تدقيق النظر في الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة يؤدي إلى تعب العين، كما يؤثّر على النظر وقد يُضعِف النّظر مع مرور الوقت. وقد يؤدّي أيضا إلى الشعور بالاكتئاب والقلق وتسيطر عليه المشاعر السلبية.
ناهيك عن التشجيع على الاتجار بالبشر.. الخ.
حيث بلّغتْ «هوجن» مؤكدة على كل ما ورد ويرد عن أضرار الفيسبوك مستندة على معلومات موثوقة..
والسبب الثاني أنه بنهايات الشهر الماضي بعد مرور شهر تقريبا يطلع علينا الفيسبوك معلنا بانه سيغير اسمه/ إلى ميتا/ ليس نتيجة إدلاءات هوجن أو لتحسين صورته أو لينفي بعض ما ذكرتْهُ..
كلا.. بل الاسم الذي تغيّر إلى ميتا يعود للشركة الأم الذي كان اسمها فيسبوك والاسم لم يعد له أية دلالة لأن الشركة توسعت في السنوات الماضية وأصبحت تمتلك 6 تطبيقات بجانب فيسبوك لشركات مختلفة داخل الشركة الأم وهي:
فيسبوك، ماسينجر، انستاجرام، واتساب، اووكوولس، بورتال نوفي..
تتمتع بإمكانيات عدة جديدة فمثلا جهاز (اووكوولوس كويست 2) حالياًَ يسمح بالتفاعل في حركة الجسم مع المحيط الافتراضي سواء في ألعاب الفيديو والأفلام، التي تجعلنا نشعر كأننا نتجول في وسط العواصم الأوروبية والعالمية وغيرها.. يعني تكون جالسا في عمّان ولكنك تشعر كأنك تتجول بكل أنحاء روما.. علاوة على اختراعات غيرها مثل «نظارات ريبان» بكاميرتها التي تتفاعل مع محيطها..
فإن كنا نخشى على أنفسنا وأطفالنا من فيسبوك في الوقت الحاضر.. فلدينا الكثير مما نخشاه بالمستقبل.. ليس البعيد..
بل القريب جداً.!
مناشدين الأهل والمسؤولين: حذار.. حذار!