بعد أسبوع (الاثنين) المقبل، يفتتح جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين اعمال الدورة العادية لمجلس الامة التاسع عشر بخطاب العرش، والذي من المرجح ان يلقي جلالة الملك الضوء فيه على مخرجات المنظومة السياسية التي تم الانتهاء منها من قبل اللجنة الملكية مؤخرا، وباتت تلك المنظومة بكل تفاصيلها بحوزة مجلس الامة الذي يتعين عليه النظر في حزمة مشاريع قوانين تم التوصية بها ابرزها مشروع التعديلات الدستورية ومشروع قانوني الاحزاب والانتخاب.
الأيام الحالية التي تسبق افتتاح اعمال الدورة العادية تشهد تحركات مكثفة باتجاه انتخابات رئيس المجلس وأعضاء المكتب الدائم، والأيام تلك ستكون حبلى بالمفاجآت وقد نشهد عزوف نواب أعلنوا عن رغبتهم بالترشح لموقع الرئيس، والتوقعات تشي بأن ينحصر عدد الراغبين بالترشح بثلاثة مرشحين فقط من اصل ستة أعلنوا عن رغبتهم بالترشح للموقع في أوقات سابقة.
حراك المترشحين هذه الأيام على قدم وساق والجميع يأمل الوصول لسدة رئاسة العبدلي، وأولئك يمتلكون حقا مشروعا بالتنافس، وهم ايضا يعرفون يقينا ان المرحلة المقبلة مليئة بالقوانين الإصلاحية التي كان الهدف منها دخول مئوية الدولة الثانية بإطار اصلاحي مختلف، ومنظومة متكاملة تؤمن لنا التوجه بشكل حقيقي وليس من خلال الكلام نحو إقامة دولة المؤسسات والقانون، دولة مواطنة وحريات، دولة تضم كل مكونات المجتمع بعيدا عن اي رؤية جهوية او طائفية او إقليمية او عنصرية، دولة للأردنيين جميعا مهما اختلفت اصولهم ومنابتهم وأعراقهم وأديانهم، دولة مدنية متكاملة تؤمن بسيادة القانون بعيدا عن الواسطة والمحسوبية.
عمليا، وواقعيا، فإن الدورة النيابية المقبلة بحاجة لأقصى درجات الفعل الإصلاحي المبني على مصلحة الجماعة وليس مصلحة الفرد، مصلحة الوطن وليس مصلحة المحافظة او المدينة، مرحلة تحتاج منا جميعا، نوابا وحكومة وأعيانا ومؤسسات مجتمع مدني، ونقابات وأحزاب وجمعيات وأفراد، التعامل مع قوانينها بكل شفافية ووضوح، فتلك فرصة متاحة قد لا تكرر لاحقا، وعلينا ان نستثمرها للوصول لإصلاحنا المنشود، فتلك الفرصة لو أضعناها سيتعين علينا الانتظار طويلا لكي نعيدها عن جديد.
الاسبوع الحالي حاسم لمعرفة رئيس مجلس النواب وأعضاء المكتب الدائم، تعقبه دورة فيها ما فيها من مشاريع قوانين اصلاحية أوصت بها اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية، وأرسلتها الحكومة كما وردت اليها لمجلس الامة، باستثناء إضافات خفيفة ومحدودة لتعديلات دستورية أضيفت على التعديلات التي اوصت بها اللجنة الملكية.
المجلس النيابي التاسع عشر يقف امام مسؤولية مختلفة اذ عليه اختيار مكتب دائم على قدر مسؤولية المرحلة المقبلة، واختيار لجان دائمة وخاصة اللجنة القانونية على قدر المرحلة المقبلة التي تحتاج لمشرعين لديهم قدرة على قراءة المرحلة والتعامل معها بكل شفافية ووضوح، واداء نيابي مختلف يرقى لمستوى العمل التشريعي ويدفع السلطة التشريعية باتجاه تعزيز حضورها في المجتمع.
لسنا هنا بصدد وضع العربة امام الحصان، والذهاب لتخوفات وتوقعات قبل وقوعها، وإنما اردنا من ذاك التذكير بالمرحلة المقبلة واهميتها والبناء عليها، فالأصل ان يذهب مجلسنا التشريعي في دورته المقبلة باتجاه تجويد المخرجات الإصلاحية، والتعامل معها من منطلقات مختلفة عمادها التأسيس لمرحلة مقبلة واعدة وصولا لمرحلة الحكومات البرلمانية والحزبية، والتعامل مع المخرجات الاصلاحية بروح الفريق الواحد، بعيدا عن شعبويات مناطقية او جهوية، وهذا تحديدا يتوجب تعزيزه فكرا وهدفا إبان مناقشة مجلس الامة (النواب والأعيان) لمشروع قانون الانتخاب الذي علينا ان نعزز مواد الاصلاح فيه.
بالمجمل، فإن العد التنازلي باتجاه افتتاح اعمال الدورة العادية بدأت، ومن المؤكد اننا سنشهد حراكا نيابيا مكثفا خلال اليومين المقبلين لوضع الخطوط الرئيسة لمعرفة تركيبة المكتب الدائم في الدورة المقبلة، والايام ستكون حبلى بمفاجآت واصطفافات مختلفة، يتبعها حراكا اصلاحيا علينا جميعا تعزيز مفاهيمه.