في هذا الإطار ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) فإنّ هناك مجموعة من الحقائق المهمة والمحزنة في الوقت ذاته فيما يتعلق بالإفلات من العقاب بحق الصحفيين:
أولًا: بين عامي 2006م و2020م قتل أكثر من 1200 صحفي وصحفية في أنحاء العالم كافة أثناء أدائهم لمهنتهم ونقل الاخبار والمعلومات، وبهذا الصدد فقد أفلت القتلة من العقاب في تسع من أصل كل عشر حالات.
ثانيا: يعد القتل أكثر أشكال الرقابة والاعتداء والانتهاك جسامة وتطرفا، إلا أن الصحفيين يتعرضون لانتهاكات لا حصر لها تتراوح بين الاختطاف والتعذيب والاعتداءات الجسدية والتهديد وغير ذلك من اعتداءات، وان العديد من هذه الانتهاكات لا يتم توثيقها او الحديث عنها بصورة علنية.
ثانيًا: يتعرض الصحفيون في ظل المنظومة الرقمية العالمية الى تهديدات عابرة للحدود، وفي هذا الصدد وفي ورقة اطلقتها اليونسكو تتعلق بالصحفيات تحديدا بعنوان "الهدوء: الاتجاهات العالمية في العنف عبر الإنترنت ضد الصحفيات”، أشارت 73 % من الصحفيات اللاتي شملهن الاستطلاع أنهن تعرضن عبر شبكة الانترنت للتهديد والترهيب والإهانة فيما يتعلق بعملهن، وفي غالبية الأحيان لا يتم التحقيق في هذه التهديدات.
ثالثا: إن الغالبية العظمى من عمليات القتل التي تعرض لها الصحفيون تمت في بلدانهم التي يحملون جنسيتها؛ فمن بين اربعمائة صحفي قتلوا بين الاعوام من 2016م الى 2020م كان عدد الأجانب منهم 22 شخصا أي بنسبة 6 %؛ مما يؤشر على أن انتهاج العديد من الدول سياسة عامة في استخدام التصفية الجسدية كوسيلة للحد من حرية التعبير عموما وحرية الصحافة والاعلام بشكل خاص ومنع المعلومات من الوصول للجمهور. كما يؤشر ايضا الى ضعف كبير في النظام القضائي القائم وغياب مبدأ سيادة القانون.
رابعا: ضاعفت جائحة فيروس كورونا من الضغوط والمضايقات والتهديدات والعنف أحيانا وأشكال الرقابة التي يتعرض لها الصحفيون في محاولتهم كشف آليات الدول في التعامل مع الجائحة وما رافق ذلك من انتهاكات او تجاوزات؛ حيث كشفت هذه الجائحة عن ثغرات واشكاليات عديدة تتعلق بمدى قدرة الصحفيين على أداء واجباتهم بالشكل المطلوب ومدى قدرتهم على الوفاء بحق الجماهير في المعرفة في ظل الأزمات وحالات الطوارئ.
يسلط اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين عام 2021م التركيز على الدور المحوري والجوهري الذي تمارسه أجهزة النيابة العامة في عملية التحقيق وبالنتيجة الملاحقة الجزائية لمرتكبي الجرائم بمختلف أشكالها بحق الصحفيين وصولا الى اصدار أحكام تشكل رادعا وتضع حدا للافلات من العقاب بحق الصحفيين. هذا الإفلات الذي يؤدي وبحسب منظمة اليونسكو إلى إلحاق أضرار جسيمة على مجتمعات بأسرها من خلال التستر على الفساد وعلى الانتهاكات الفردية والممنهجة لحقوق الإنسان وحرياته.