تدوير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

تدوير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
أخبار البلد -   أخبار البلد - يوجد مثل أميركي مستخدم في السياسة الخارجية يقول "اضرب بقدمك الإناء الفارغ على طول ‏الطريق حتى يأتي غيرك ويرفعه عن الأرض ويلقيه في الحاوية.” يرغب الساسة في إسرائيل ‏بتدوير الصراع، وعدم الوصول فيه إلى نهاية. ‏

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت في يونيو/حزيران 2013 وزيراً للاقتصاد في حكومة ‏نتنياهو، ورئيس البيت اليهودي المكون في حينه من الاتحاد القومي، واتكوماه، وهي أحزاب ‏يمينية متطرفة تقع على أقصى خارطة اليمين المتدين في إسرائيل.” قال بينت وقتها: "إن حل ‏الدولتين غير واقعي” وضرب مثالاً على ذلك حين ذهب لزيارة صديق جندي مصاب من وحدة ‏جولاني في إحدى المشافي. كانت إصابة الجندي قد خلّفت شظية قرب العمود الفقري أسفل ‏الظهر، وقال الأطباء في حينه أن إجراء عملية جراحية ونزع الشظية قد يؤدي إلى الإصابة ‏بالشلل بنسبة 50%، أما إذا تُركت الشظية مكانها فعلى المريض التعايش مع ألمها. كان رأي ‏بينيت أنْ لا يجري صديقه المصاب العملية، ويتعايش مع ألم الشظية أفضل من المخاطرة ‏بنزعها. ‏


كان ذلك منذ سنوات ونفتالي بنيت يقود كتلة برلمانية معها 12 مقعدا في الكنيست، وفي ‏انتخابات 2019 لم تتجاوز قائمته "يمينا” نسبة الحسم، وفي الانتخابات الأخيرة للكنيست في ‏دورته الرابعة والعشرين حصلت يمينا بقيادة بينت على 7 مقاعد. لقد أصبح بينت من خلال ‏تلك المقاعد رئيساً للوزراء مع تحالف ضم يمين الوسط، واليمين المتطرف، وعرب، وأقصى ‏اليسار، بهدف تغيير نتنياهو، وإنهاء حكمه الذي استمر 12 عاماً. ‏


تغيرت وتبدلت مواقع بينت، لكن لم تتغير أيديولوجيته المتطرفة، فقد صرح مؤخراً كرئيس ‏للوزراء عن عدم إمكانية التوصل لحلول حول القضية الفلسطينية، وهو يرى في البحث عن ‏حلول اقتصادية كأحد الخيارات والبدائل التي وفقها تستمر حكومة الاحتلال في إدارة الصراع مع ‏الفلسطينيين. إن كل مُركبات الحكومة الحالية وأيديولوجيتها لا تؤمن بحل الصراع وفقاً لقواعد ‏الشرعية الدولية، ووفقاً لاتفاقية إعلان المبادئ "أوسلو” الموقعة مع حكومة الاحتلال، والتي ‏ارتكزت على قراري مجلس الأمن 242 و338 لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وسيادية على ‏حدود الرابع من حزيران عام 1967.‏


في الاتجاه نفسه، صرّح بيني غانتس وزير جيش الاحتلال الحالي، ورئيس حزب ائتلاف أزرق ‏أبيض سابقاً بتاريخ 21/1/2020 على القناة 13 الاخبارية الإسرائيلية، أن غور الأردن سيتم ‏فرض سيادة إسرائيل عليه. إضافة إلى ذلك، صرّح مائير كوهين في ذات اليوم أيضاً وهو أحد ‏أهم شخصيات حزب هناك مستقبل الكتلة الأكبر في الائتلاف الحكومي الحالي، ووزير الرفاه ‏الاجتماعي وشريك في حكومة نفتالي بنيت التي تتقاسم وحزبه رئاسة الحكومة، أن غور الأردن ‏هو "حائط إسرائيل الشرقي”.‏


لم يأتِ توجه بيني غانتس لرام الله لمقابلة الرئيس محمود عباس ذراً للرماد في العيون، بل هي ‏محاولة من حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيت لإدارة الصراع، بغرض كسب أكبر قدر ممكن ‏من الهدوء، تحديداً بعد فشل أميركا في حربها في أفغانستان، وتراجعها في العراق لصالح إيران، ‏وإعلانها عن رغبتها بالانسحاب من سوريا. يضاف إلى ذلك فشل الحكومة الإسرائيلية في حربها ‏الأخيرة على غزة، وفشلها في كافة أساليب الضغط التي مارستها على القيادة الفلسطينية في رام ‏الله للقبول بما هو معروف.‏


تحاول حكومة الاحتلال التعايش مع ألم ووجع القضية كما هي فكرة نفتالي بينت الأساسية ‏‏”التي يعتقد فيها مع الصهيونية الدينية التي تربى على مقدساتها الثلاث، أرض إسرائيل، لشعب ‏إسرائيل، وفقاً لتوراة إسرائيل، تهديدها الأول هو إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من ‏حزيران كون ذلك مسماراً أخيراً في نعش الصهيونية. ‏


إن لقاء غانتس بالرئيس عباس هو تدوير للأزمة، وليس حلها، ويأتي في إطار الإستراتيجية ‏الثابتة للإبقاء على أهداف الحركة الصهيونية مع التغيير والتبديل في آلياتها بالقدر الذي يخدم ‏إدارة الصراع. يأتي ذلك أيضاً في إطار تأثر الحكومة الاحتلالية الإسرائيلية بالتحولات التي ‏طرأت مؤخراً على المنطقة، وتمثلت في هزيمة واضحة لأميركا في أفغانستان بعد 20 عاماً من ‏الاحتلال، وتراجعها لصالح إيران في العراق وسوريا. يضاف إلى ذلك، محاولات الإدارة الأميركية ‏الجديدة لإعادة ترسيم العلاقة مع الفلسطينيين، من خلال وعد بفتح القنصلية الأميركية في ‏القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتحرك مصري ‏أردني مساند للقيادة الفلسطينية للضغط على حكومة الاحتلال. ‏


تؤكد ممارسات حكومة الاحتلال على محاولاتها ضمان الهدوء في المنطقة، والإيحاء للعالم أن ‏‏إسرائيل تحاول تقديم حلول للفلسطينيين، وإظهار أن المشكلة ليس في دولة الاحتلال. مع ذلك ‏فإن الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية يدركون ذلك جيداً، ويعتبرون كل ما يتم تحصيله من حكومة ‏الاحتلال هو استعادة للحقوق المسلوبة، ومراكمة للإنجازات التي تثبّت أركان الدولة الفلسطينية ‏القادمة لا محالة. إنهم يدركون كذلك أن الحل قد لا يكون بالضربة القاضية حالياً على الأقل، ‏فالجهد الدولي والثبات الفلسطيني ضمانة للاستمرار، وسد منيع أمام أطماع حكومة الاحتلال. ‏


إن الأموال التي أعلنت حكومة الاحتلال عن رغبتها في تحويلها للفلسطينيين كمساعدة، أو ‏قرض، هو تبرير على أن السلطة الفلسطينية تمر بأزمة مالية، ومصلحة إسرائيل بعدم انهيارها ‏أمر عارٍ عن الصحة. تبيّن حكومة الاحتلال أن المبلغ المنوي تحويله هو نصف مليار شيكل، ‏وللعلم فإن هذا المبلغ تم استقطاعه من عائدات الضرائب، وفقاً للقانون المطبق حول استقطاع ‏الأموال التي تدفع لعوائل الشهداء، والأسرى والجرحى، كعقاب للسلطة الفلسطينية على دفع هذه ‏الأموال. يؤكد الرئيس عباس باستمرار أنه لو بقي قرش واحد في ميزانية السلطة سيتحول ويدفع ‏لعوائل متضرري الاحتلال. لا تمر السلطة الفلسطينية إذاً بأزمة مالية كما تدعي حكومة ‏الاحتلال. لقد بيّنت تقارير فلسطينية مختصة أن النصف الأول من عام 2021 وصلت ‏مدخولات السلطة الفلسطينية 6.7 مليار شيكل، منها 4.7 مليار من أموال المقاصة. ‏


إن التربية الصهيونية وسلوك حكومة الاحتلال لم يجعلها تمتلك حتى اللحظة الحيوية اللازمة ‏لخلق إرادة مشتركة مع العالم الحر، ومصلحة مشتركة لفهم محدد ومتفق عليه حول حل القضية ‏الفلسطينية كضرورة سياسية لإلغاء معاناة الشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية وفقاً ‏لقواعد الشرعية الدولية. يأتي ذلك في ظل قيام كل أجندات اليمين الصهيوني الجديد في ‏‏إسرائيل على التناقض بين إمكانيتين مختلفتين، السجود لرغباتها في السيطرة على كل ‏الأراضي الفلسطينية، وإعادة إنتاج كل ما يتحرك فيها، من خلال بحثها عن حلول إنسانية ‏واقتصادية. رغم ذلك، ستبقى القضية الفلسطينية قضية سياسية أولى في الشرق الأوسط، ‏وعنوانها حق تقرير المصير لآخر شعب يرسخ تحت الاحتلال، وذلك مهما تبدلت الظروف، ‏وتغيرت الإمكانيات، وتحولت موازين القوى من يد إلى أخرى.‏



 
شريط الأخبار أمطار رعدية متفرقة وأجواء متقلبة... حالة الطقس ليوم الجمعة إصابة 3 أشخاص بحادث تدهور في الحميمة - صور حادث سير بين 4 مركبات في عمان الأردن يرحب بقرار العدل الدولية بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد تل أبيب 120 ألفا أدوا صلاتي العشاء والتروايح في الأقصى 8 مليارات دقيقة مدة مكالمات الأردنيين في 3 أشهر العيسوي يشارك في تشييع جثمان مدير المخابرات الأسبق طارق علاء الدين "نُفذت بسلاح السلطة".. كشف هوية منفذ عملية الأغوار هؤلاء هم أطفال غزة! المقاومة الفلسطينية تعجز جيش الاحتلال قوات الاحتلال أعدمت 200 فلسطيني داخل مستشفى الشفاء مستشار قانوني: جميع مخالفات قانون العمل مشمولة بالعفو العام ارتفاع الإيرادات المحلية أكثر من 310 ملايين دينار خلال العام الماضي البنك الدولي يجري تقييما لشبكة خطوط تغذية الحافلات سريعة التردد في الأردن جيش الاحتلال يعلن إصابة 8 جنود في معارك غزة الأردن وإيرلندا يؤكدان ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار في غزة اختفاء صحفية في غزة يثير القلق.. ومطالب بالكشف عن مصيرها تحويلات مرورية مؤقتة على طريق المطار فجر السبت الزميل الصحافي أسامة الرنتيسي يدرس الترشح للانتخابات النيابية اكتظاظ مروري وأزمات سير خانقة في معظم شوارع العاصمة عمّان