إذن خطورة المقال تكمن في أنه فخ لجر العرب إلى تفاوض تكون الفكرة الاساسية فيه
هي أرضية التفاوض والمفاصلة ونقلهم إلى مربع جديد تماما كما تمت جرجرتهم عبر
سنوات الصراع من تنازل الى تنازل ليظل مسلسل التراجع والتنازل من الجانب العربي
مستمرًا فيما التقدم وتحقيق الاهداف من الجانب اإلسرائيلي مستمر أيضًا فمنذ أن
اقترحت الامم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين لكل من العرب واليهود وجعل
القدس تحت الوصاية الدولية، ثم دعوة إسرائيل العرب لعقد مفاوضات مباشرة من أجل
التوصل إلى سالم بعد إعلان قيام الدولة عام 1948 ،ثم وبعد احتلال بقية فلسطين عام
1967وبعد حرب عام 1973 ،تم اقناعهم وبضغط دولي برئاسة الولايات المتحدة لعقد
مباحثات سالم بدأت في مدريد وانتهت بكامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة دون أن يتحقق
السالم أو يحصل الشعب الفلسطيني على دولته التي رضي أن تكون على حدود الرابع
من حزيران عام 1967 ،وعاصمتها القدس الشرقية ُمعترفًا وُمِقرًا لليهود بحق قيام دولة
إسرائيل على فلسطين التي احتلت عام 1948 وتنازل مرغمًا عن أي مطالبة وأي حق
بفلسطين التي احتلت في ذلك العام.
لم يكتف العدو الاسرائيلي بكل هذه التنازلات فما زال يطمع بالمزيد من الارض العربية
فبالنسبة إليه فلسطين صارت بالجيب ولا تراجع عن أي شبر من أرضها من النهر إلى
البحر، وال قبول ألي حل يعطي الفلسطينيين أي نوع من الحقوق، حتى الحكم الذاتي
الشكلي القائم الان والذي يسمونه دولة أو سلطة سيتم الغاؤه بعد حين عند اكتمال
ضم كل أراضي الضفة الغربية إلى جسم دولة إسرائيل وجعل كامل الدولة حصرًا لليهود
دون غيرهم.
من هنا جاء المقال كخطوة أولى نحو تأسيس ونشر مفهوم جديد يقوم على أساس
خلط الاوراق وترحيل القضية مكانًا ووضعها في حضن الاردن ومن ثم اقناع العالم بأن
الاردن هو وطن الفلسطينيين استنادًا إلى ذرائع وحجج من بينها المسألة الديموغرافية،
ومن غير المستغرب أن تتقدم إسرائيل بالتنازل عن المطالبة بالارض الاردنية التي
يعتبرونها وفق تفسيرهم لوعد بلفور كجزء من الارض التي منحت لليهود القامة
وطنهم القومي عليها، وبذلك تكون إسرائيل قد ابدت حسن نية أمام العالم إلنهاء هذا
الصراع المزمن ووضع حد لمظلومية الشعب الفلسطيني، وليس مهمًا بعد ذلك ما
سيكون عليه مصير الشعب الاردني الذي سيدافع عن أرضه ونفسه بكل أشكال الدفاع
بما في ذلك القتال حتى الاستشهاد، وبنفس القدر من عدم الاهتمام سيتعامل العالم
مع تداعيات أية فتنة أو حتى اقتتال قد ينشب بين الشعبين الاردني والفلسطيني.
إن العودة إلى الثوابت والتمسك بها هو فقط ما يحمي الاردن ويعيد للفلسطينيين
حقوقهم، وأهم تلك الثوابت ابقاء خيار الحرب والمقاومة قائمًا، فما دام هناك احتالل ال بد
من مقاومة واستعداد وبناء قوة تقابله فلم يعرف التاريخ ان محتًال غادر أرضًا كرمًا أو
اعترافًا بحق أصحابها، بل القوة فقط هي من يكنس العدو من األرض.
آن للعرب أن يفهموا أن إسرائيل عدوهم األساسي والدائم وانهم سواء كانوا بعيدين أو
قريبين فهم ضمن دائرة األطماع واالستهداف وأن السعي لجعل شعار إسرائيل المرسوم
على علم الدولة لن يتوقف حتى تبسط الصهيونية سلطتها على أرض العرب الواقعة
بين النهرين النيل والفرات.