الطرح الدائر
اليوم حول قانون جديد للاستثمار وإلحاق الهيئة بالوزارة التي تم استحداثها في
التعديل الأخير، طرح فيه تكرار غريب لطرق التعامل مع هذا الملف المهم وكأن المشكلة
تكمن في القانون أو تسمية الجهة المعنية بالاستثمار وزارة بدلاً من هيئة أو العكس.
التعامل مع
الاستثمار وكأنه جزيرة معزولة لا تتأثر بقطاعات العمل الأخرى تعامل منقوص ولا يمكن
أن نصل معه إلى أي نتيجة مرجوة، وسنبقى نتحدث عن استقطاب الاستثمارات الخارجية
وتشجيع الداخلية دون أن نتقدم أي خطوة نحو تحقيق الأهداف التي نسعى إليها في هذا
المجال، فتشجيع الاستثمار موضوع شمولي يرتبط بعمل الحكومة بكافة قطاعاتها،
فالمستثمر يتعامل مع منظومة قانونية متكاملة وآليات تضمن سرعة التقاضي والبت في
الأمور المتعلقة بالاستثمار وبنية تحتية تلبي متطلبات المستثمرين، إلى جانب جهد
حكومي لتوسيع دائرة الأسواق للمنتجات الوطنية.
مشكلة الاستثمار
ليست مشكلة تنظيمية بقدر ما هي تجاهل حكومي لأهمية الاستثمار، رغم الحاجة الماسة
لهذا القطاع لتخفيف من مشاكل الفقر والبطالة، والنماذج العالمية عديدة هنا إذ أن
حتى الدول المتقدمة تتعامل مع الاستثمار باعتباره موضوعاً سيادياً وذراعاً طويلاً
لإظهار قدراتها على رفع نسب النمو وتوليد فرص عمل تتماشى مع أعداد الداخلين الجدد
سنوياً للسوق.
منذ سنوات
طويلة وما زلنا نراوح في نفس المكان، وما زالت الحكومات المتعاقبة تتحدث عن
الاستثمار وأهميته في بياناتها وبرامجها دون أن نجز شيئاً ملموساً، فما يوجد في
الأردن من استثمارات ضخمة لدول عربية بجهود قادها الملك بشكل مباشر مع تلك الدول.
إذا صدقت
الحكومة في نيتها نحو تعزيز الواقع الاستثماري فعليها أن تضعه في صدارة أولوياتها
وأن يكون الفريق العامل فريقاً تكاملياً يضم جميع الوزارات والجهات التي تتقاطع
أعملها مع المستثمرين بحيث نصل إلى خارطة واضحة تبين نقاط القوة والضعف وآليات
التحفيز وتقليل المعيقات بدلاً من الخروج بقانون قد يأخذ وقتاً لإقراره أطول من
عمر وزارة الاستثمار ذاتها، فقد يأتي مَن يعيد الوضع على ما هو عليه أو يلغي مسمى
الاستثمار نهائياً من الحكومة.