الثّورة المظلومة / محمد بدر
اليمن الّذي كان سعيداَ ... وأرجو أن تعود إليه سعادته ... اجتمع عليه الثّلاثي المُهلك ، الجهلُ ، الفقرُ والمرض ، وكأنّ ذلك لا يكفي فابتُلي بنظامٍ فاسدٍ جثم على صدره سنين عددا اعمَلَ فيه المبدأ الاستعماري فرّق تسُد ،فقرّب وأبعد ، أيقظ الضّغائن وأشعل الحروب بين مكوّنات الوطن من قبائلَ ومناطق ومدن . أتقن ألاعيب السّلطة وجمع معها الثّروة والقوّة فأقطعَ الفرق العسكريّة لأقربائه ، زوّر الانتخابات لتُكسبه شرعيّةً شعبيّة فوق ما سُمّي بالشّرعيّة الثّوريّة . وكانت رغبته بترتيب الأوضاع الدّاخليّة لنقل الحكم لأبنه من بعده ــــ بعد عمرٍ طويل ــــ سببا إضافيّا للتعبئة لثورةٍ جديدة .
وكانت الثّورة التونسيّة المُلهمة والبوعزيزي مفجّرها هي الأمل وكوّة الفرج ... فخرجت جموع الشّعب اليمني إلى الميادين والسّاحات في الخامس عشر من يناير لعام 2011، وكانت البداية من شباب الجامعات ثمّ انضمّ إليهم مختلف طبقات الشّعب وكانت ثورة ًسلميّة تطالب بالحريّة والتّخلّص من الحكم المتمسّك بالسّلطة بمختلف الوسائل والأساليب .
ورغم إنّ هذه الثّورة هي الثّانية من حيث ترتيب البداية ، وأنّها امتازت عن غيرها بميزاتٍ كثيرة ، إلاّ أنّها وقد شارفت على الاحتفال بمرور عام ٍعلى بدايتها فانّ الأهداف الّتي انطلقت من أجلها لم تتحقق . ومع كثرة الأعداد المشاركة وعِظَم التّضحيات فقد وقع عليها ظلمٌ كبير ومن مظاهر هذا الظّلم ، أنّها لم تحظَ بالتّغطية الإعلامية اللّازمة من قِبَل وسائل الأعلام المختلفة حيث تمّ التّركيز على غيرها من الثّورات حتى ظننّا أنّها توقّفت فكما كان اليمن بلدا منسيّا كذلك فانّ ثورة شعبه منسيّة أيضا .
لم تعلن الدول الغربيّة وزعماؤها رأياً واضحا يدلّ على موقفهم منها كما كانوا يسارعون في اتّخاذ المواقف الحازمة بحق حكام آخرين فبدا موقفهم تواطؤاً مع النّظام اليمني ، ويبدو أنّه أفلح في إقناعهم بأهمّيّة دورِه في الحرب على الإرهاب ، فهو يخوّفهم بخلايا نائمةٍ للقاعدة والإرهاب الدّولي علما أنّه هو من أوجده ورعاة واستعمله لأهدافه .
لقد حافظت الثّورة على سلميّتها مع أنّ الشّعب اليمني شعبٌ مسلّح وبمختلف أنواع الأسلحة وأنّه لو استعمل السّلاح لتمكّن من حسم الأمر بوقت قصير خاصّةً مع انشقاق حوالي نصف الجيش وانضمامه للثّورة ، إلاّ أنّ قيادة الُثّوّار كانت تشترط على المشاركين التّخلّي عن السّلاح ، فكانت ثورة الحناجر والصّدور العارية ومع ذلك فإنها كانت تتعرّض لقصفٍ وقنصٍ من قِبَل جيش النّظام وبلاطجته .
ويبدو أنّه حدث تلزيمٌ دوليٌ لدول مجلس التّعاون الخليجيّ للتّعامل مع المشكلة وإيجاد معادلة مقبولة لحل مشرّف ، وقد استمرّ يناور ويؤجّل حتّى وقّع أخيرا ،إلاّ أنّ المبادرة لم تُرضِ القوى الثّوريّة بينما المعارضة التقليديّة وقّعت وقبلت بحلٍ تكون فيه شريكة في الحكم مع بقاء مكوّنات النّظام كابن الرّئيس وأقاربه وحزبه ، وهذا ظلمٌ كبير آخر وقع على الثّوار والثّورة . كذلك فانّ الشّروط المجحفة كعدم مسؤوليّة النّظام عن أعمال القتل والإصابات وعدم الملاحقة القضائيّة والقانونيّة تجعل ظلما فادحا آخر لحق بهم .
إنّ الملايين الّتي تخرج يوميّا في مختلف مدن ومناطق اليمن لم تقنع النّظام ودول الجوار بأنّها ثورة شعبيّة حقيقيّة تسعى للحريّة والكرامة والعدالة ومحاسبة من أفسد وقتل ونهب ، لم تتمكّن من انجاز الأهداف الّتي خرجت من أجلها وتمّ الالتفاف عليها وبقيت هذه الثّورة المظلومة تشكو ظلم الأقربين الذّين سطوْا على الثّورة واختطفوا ثمارها لمصالحهم فقبلوا بمشاركة في حكم صُوَرِيّ، وظلم دول الجوار الّتي تريد نظاما تفصّله بما يناسب مصالحها .
إنّ اليمن منبع الحكمة ومؤئل الأيمان وشعبها الثّائر لن يقبل أن تُسرق ثورته وستنتصر هذه الثّورة المظلومة بالوصول إلى أهدافها، فلن تضيع دماء الشهداء وعذابات المصابين ... فهل كانت كلّ هذه الجموع رجالا وحرائر تريد استبدال طاغية بزعماء أحزاب تسلّقوا على الثّورة واختطفوا نصرا كان ينتظره جموع الشّعب اليمنيّ الصّابر .
اليمن الّذي كان سعيداَ ... وأرجو أن تعود إليه سعادته ... اجتمع عليه الثّلاثي المُهلك ، الجهلُ ، الفقرُ والمرض ، وكأنّ ذلك لا يكفي فابتُلي بنظامٍ فاسدٍ جثم على صدره سنين عددا اعمَلَ فيه المبدأ الاستعماري فرّق تسُد ،فقرّب وأبعد ، أيقظ الضّغائن وأشعل الحروب بين مكوّنات الوطن من قبائلَ ومناطق ومدن . أتقن ألاعيب السّلطة وجمع معها الثّروة والقوّة فأقطعَ الفرق العسكريّة لأقربائه ، زوّر الانتخابات لتُكسبه شرعيّةً شعبيّة فوق ما سُمّي بالشّرعيّة الثّوريّة . وكانت رغبته بترتيب الأوضاع الدّاخليّة لنقل الحكم لأبنه من بعده ــــ بعد عمرٍ طويل ــــ سببا إضافيّا للتعبئة لثورةٍ جديدة .
وكانت الثّورة التونسيّة المُلهمة والبوعزيزي مفجّرها هي الأمل وكوّة الفرج ... فخرجت جموع الشّعب اليمني إلى الميادين والسّاحات في الخامس عشر من يناير لعام 2011، وكانت البداية من شباب الجامعات ثمّ انضمّ إليهم مختلف طبقات الشّعب وكانت ثورة ًسلميّة تطالب بالحريّة والتّخلّص من الحكم المتمسّك بالسّلطة بمختلف الوسائل والأساليب .
ورغم إنّ هذه الثّورة هي الثّانية من حيث ترتيب البداية ، وأنّها امتازت عن غيرها بميزاتٍ كثيرة ، إلاّ أنّها وقد شارفت على الاحتفال بمرور عام ٍعلى بدايتها فانّ الأهداف الّتي انطلقت من أجلها لم تتحقق . ومع كثرة الأعداد المشاركة وعِظَم التّضحيات فقد وقع عليها ظلمٌ كبير ومن مظاهر هذا الظّلم ، أنّها لم تحظَ بالتّغطية الإعلامية اللّازمة من قِبَل وسائل الأعلام المختلفة حيث تمّ التّركيز على غيرها من الثّورات حتى ظننّا أنّها توقّفت فكما كان اليمن بلدا منسيّا كذلك فانّ ثورة شعبه منسيّة أيضا .
لم تعلن الدول الغربيّة وزعماؤها رأياً واضحا يدلّ على موقفهم منها كما كانوا يسارعون في اتّخاذ المواقف الحازمة بحق حكام آخرين فبدا موقفهم تواطؤاً مع النّظام اليمني ، ويبدو أنّه أفلح في إقناعهم بأهمّيّة دورِه في الحرب على الإرهاب ، فهو يخوّفهم بخلايا نائمةٍ للقاعدة والإرهاب الدّولي علما أنّه هو من أوجده ورعاة واستعمله لأهدافه .
لقد حافظت الثّورة على سلميّتها مع أنّ الشّعب اليمني شعبٌ مسلّح وبمختلف أنواع الأسلحة وأنّه لو استعمل السّلاح لتمكّن من حسم الأمر بوقت قصير خاصّةً مع انشقاق حوالي نصف الجيش وانضمامه للثّورة ، إلاّ أنّ قيادة الُثّوّار كانت تشترط على المشاركين التّخلّي عن السّلاح ، فكانت ثورة الحناجر والصّدور العارية ومع ذلك فإنها كانت تتعرّض لقصفٍ وقنصٍ من قِبَل جيش النّظام وبلاطجته .
ويبدو أنّه حدث تلزيمٌ دوليٌ لدول مجلس التّعاون الخليجيّ للتّعامل مع المشكلة وإيجاد معادلة مقبولة لحل مشرّف ، وقد استمرّ يناور ويؤجّل حتّى وقّع أخيرا ،إلاّ أنّ المبادرة لم تُرضِ القوى الثّوريّة بينما المعارضة التقليديّة وقّعت وقبلت بحلٍ تكون فيه شريكة في الحكم مع بقاء مكوّنات النّظام كابن الرّئيس وأقاربه وحزبه ، وهذا ظلمٌ كبير آخر وقع على الثّوار والثّورة . كذلك فانّ الشّروط المجحفة كعدم مسؤوليّة النّظام عن أعمال القتل والإصابات وعدم الملاحقة القضائيّة والقانونيّة تجعل ظلما فادحا آخر لحق بهم .
إنّ الملايين الّتي تخرج يوميّا في مختلف مدن ومناطق اليمن لم تقنع النّظام ودول الجوار بأنّها ثورة شعبيّة حقيقيّة تسعى للحريّة والكرامة والعدالة ومحاسبة من أفسد وقتل ونهب ، لم تتمكّن من انجاز الأهداف الّتي خرجت من أجلها وتمّ الالتفاف عليها وبقيت هذه الثّورة المظلومة تشكو ظلم الأقربين الذّين سطوْا على الثّورة واختطفوا ثمارها لمصالحهم فقبلوا بمشاركة في حكم صُوَرِيّ، وظلم دول الجوار الّتي تريد نظاما تفصّله بما يناسب مصالحها .
إنّ اليمن منبع الحكمة ومؤئل الأيمان وشعبها الثّائر لن يقبل أن تُسرق ثورته وستنتصر هذه الثّورة المظلومة بالوصول إلى أهدافها، فلن تضيع دماء الشهداء وعذابات المصابين ... فهل كانت كلّ هذه الجموع رجالا وحرائر تريد استبدال طاغية بزعماء أحزاب تسلّقوا على الثّورة واختطفوا نصرا كان ينتظره جموع الشّعب اليمنيّ الصّابر .