تتولى اليوم ميراف ميخائيلي قيادة حزب العمل الصهيوني الإسرائيلي، وهي الناشطة السابقة والمدافعة عن حقوق المثليين الجنسيين وعن أصحاب الميول الجنسية المتعددة، وجلّ خبراتها وخدماتها كانت في الإعلام كمراسلة ومذيعة في بعض أجهزة الاعلام، وهي بذلك تتقلد ذات المنصب الذي تقلده أبرز قادة الكيان الصهيوني من أمثال بن غوريون ومائير ورابين، ورغم ذلك تم اعتبارها حين تم انتخابها لقيادة الحزب بمثابة منقذة للحزب من الزوال قبيل إطلاق رصاصة الرحمة عليه، حيث توقعت استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات الأخيرة عدم قدرة الحزب على الفوز بأي مقعدٍ من مقاعد الكنيست المئة وعشرين، لكن الحزب فاز بسبعة مقاعد وشارك في تشكيل الحكومة الحالية التي يرأسها حالياً نفتالي بينيت.
لقد سيطر حزب العمل الصهيوني (المباي) على مسار الأحداث السياسية منذ ما قبل نشأة الكيان حتى عام 1977، حيث أفضت مجموعة من العوامل داخل الحزب وخارجه لتراجع العمل لمصلحة الليكود، وقد عالجتها بإسهاب الأكاديمية الأردنية د.نرمين يوسف غوانمة في الفصل الرابع من كتابها: (إسرائيل: الأحزاب السياسية وتطلعاتها) ففي ذلك العام تمكن الليكود من إقصاء حزب العمل عن سدة الحكم بعد ثلاثة عقود من سيطرته المطلقة.
وقد أوضحت الغوانمة في دراستها للعوامل الداخلية بأن نشوء عدد من الصراعات بين قيادات الحزب وتياراته كان لها اليد الطولى في إضعاف الحزب وتشتيت قدرته على استقطاب الجماهير والناخبين، حيث تولّدت صراعات بين الأجيال: الشباب (التيرزيم) والمركز التقليدي، وبين القيادات ذات الخلفية العسكرية وأخرى ذات خلفية سياسية مدنية، وبين الحمائم والصقور حتى وصول تلك الصراعات ذروتها التي تجسّدت بانشقاق بن غوريون نفسه عن الحزب وتأسيسه لحزب (رافي) عام 1965.
ناهيك أثر تراجع دور الهستدروت (منظمات العمال) في الحياة السياسية لمصلحة القوى السياسية الجديدة، بالإضافة لأثر هزيمة إسرائيل في حرب رمضان/ تشرين.
لكن تلك الحقبة رغم كل ذلك لم تشهد اضمحلالاً أو تلاشياً للحزب، فسرعان ما أعاد تنظيم نفسه بمرونة للعودة إلى الواجهة من جديد في انتخابات الكنيست 1984 وصولاً لذروة قوة الحزب في النصف الأول من عقد التسعينات من القرن الماضي، تلك السنوات التي شهدت إبرام اتفاقيات السلام مع كل من الأردن والسلطة الفلسطينية والتي دفع ثمنها زعيم الحزب التاريخي ورئيس الحكومة آنئذ إسحاق رابين.
وقد حاول ايهود باراك الإمساك بزمام الأمور وقيادة العمل للكيان الصهيوني، وشكّل أكثر من حكومة لإكمال مسيرة سلفه المغتال، لكن تقدم حزب الليكود أقصاه عن المشهد من جديد.
وقد جرى تعديل نظام الانتخاب الإسرائيلي عام 2001 بحيث أصبح انتخاب رئيس الحكومة يتم مباشرة وليس من قبل أعضاء الكنيست وذلك للتخلص من ابتزاز الأحزاب الصغيرة وتشرذمها، وهي تجربة وحيدة سرعان ما تراجع عنها النظام، وفي تلك الانتخابات فاز مرشح حزب الليكود أرئيل شارون فوزاً كاسحاً على مرشح حزب العمل عمران متسناع بنتيجة 67% مقابل 33%، وقد مثلت تلك الانتخابات الضربة القاضية لحزب العمل بحيث لم يتعافى منها حتى الآن، وهو يعاني اليوم غياب الأفق لمستقبل واضح، حيث تكاثفت مجموعة من الظروف المعقدة أوصلت الحزب لهذا الوهن الذي يعانيه اليوم.