ليست عادية، وليست برتوكولية، زيارة رئيس أركان الجيش السوري العماد علي أيوب إلى عمان يوم الأحد 19 أيلول 2021، وهي غير عادية وغير بروتوكولية، ليس لأنها تتم لأول مرة منذ أحداث الخريف العربي، واجتياح العديد من العواصم العربية حركات الاحتجاج المشروعة، قبل أن تخطفها الفصائل الجهادية غير المشروعة، فدمرت بلادها وقدراتها، وأحبطت شعوبها، بدلاً من أن تمنحهم الأمل والسير نحو أنظمة ديمقراطية، غير أحادية، تحتكم لنتائج صناديق الاقتراع، بدلاً من الحزب، والقائد، والعائلة، وشريحة اللون الواحد، مترافقاً مع التسلط والهيمنة ورفض الآخر.
فقد سبق زيارة وزير الدفاع هذه، زيارة وزير الطاقة السوري المهندس طارق الملا إلى عمان، وتوقيع الاتفاق الرباعي المصري السوري اللبناني الأردني يوم الأربعاء 8/9/2021، بهدف إعادة تمرير الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، كما كان يعمل منذ تشرين الثاني 2009، إلى أن توقف عام 2011، وهو اتفاق سيعود بالنفع على البلدان الأربعة بما فيها سوريا، لأنه سيكسر قانون قيصر الظالم في فرض الحصار الاقتصادي على دمشق، وسيكون خطوة فعالة مؤثرة في دعم المشاريع الاستراتيجية وتعزيز المصالح المشتركة بين البلدان الأربعة ومن شأنها تنمية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشركاء في هذا المشروع.
لقد سبق للأردن أن توصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة خلال زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن يوم 19 تموز 2021 مع الرئيس بايدن، باستئناف ضخ الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، وهي نتيجة قدرتها دمشق، وبذلك تكون عمان قد فرشت أرضية الأخوة والمودة نحو سوريا.
زيارة رئيس أركان الجيش السوري وزير الدفاع، تعني أولاً أن دمشق تفهمت مواقف عمان في كيفية تعاملها مع الضغوط الدولية والإقليمية التي تعرضنا لها لمواجهة دمشق، ثانياً صمودنا في مقاومة هذه الضغوط، ورفضنا التورط في أي مؤامرات عملية داخل الأراضي السورية، ثالثاً مواجهتنا للفصائل الجهادية المتطرفة، المعادية لعمان ودمشق في نفس الوقت، وحماية حدودنا من محاولات التسلل وإحباط مشاريعها لتنفيذ أي عمل تدميري، وإفشال مخططاتها، رابعاً تمسك الأردن بوحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلد العربي الشقيق.
استقبال رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي، لرئيس الأركان السوري وزير الدفاع، لبحث «القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتنسيق لضمان أمن الحدود بين البلدين خاصة في الجنوب السوري، ومكافحة الإرهاب، ومنع التهريب، واستمرار التنسيق والتشاور إزاء مجمل القضايا الحيوية التي تمس أمن البلدين»، تكون عمان ودمشق قد قطعتا الشوط المطلوب لعودة العلاقات الأردنية السورية، كما يجب أن تكون، بل والطموح في أن تكون أفضل وأحسن عما كان قائماً.